نشر الدكتور محمد صلاح محمود محمد الشرقاوى على صفحته الشخصية صورة لاستقالته من جامعة عين شمس معلقا على صفحته
النهارده خلصت إجراءات الاستقالة من جامعة عين شمس، وأنا والله لا عايز أبقى معيد ولا مدرس مساعد ولا حتى أستاذ، أنا كل اللي عايزه شوية كرامة وسلام نفسي ، ومعاملة محترمة، ودي حاجات مش بتتلاقى بسهولة في مستشفيات الجامعة ، ثم سرد الدكتور محمد صلاح تفاصيل صادمة عن التعامل داخل مستشفى عين شمس وعن المحسوبية وأن الخريج الأقدم يقدر يحرم زميله أنه ينام أو يروح بيته أو حتى يأكل
وفي غياب المحاسبة بيمارس ساديته على اللي تحته.
عان الطبيب الشاب محمد صلاح من تسلط زميلته ( السنيور) عليه مع خطيب اختها المدرس المساعد في نفس الوحدة التي يعمل بها هذا الطبيب وإذلاله كونه حديث التعين حتى اضطر إلى الاستقالة من الجامعة.
وهنا تطرح العديد من الأسئلة كيف لهذا الطبيب الذى يعانى من كل هذا أن يشعر بمعاناة المرضى ؟
وكيف له ان يقوم بعمله على أكمل وجه وهو تحت هذا الضغط والمعاناة الرهيبة
الجدير بالذكر أن الأهرام تتبنى وتفتح صفحاتها لمشاكل الأطباء فى مصر حيث قال الدكتور ايهاب أبو رحمة واحد من أهم كتاب الأهرام قائلا
مهنة الطب في مصر أصبحت مهنه مهانه ، مهنه يشعر كل من يمنتهنها بالضعف و الخوف من المستقبل ، مهنه أصبحت عبء علي أصحابها مرهقه جسدياً و غير مجزيه مادياً علي المستوي المهني كما افتقدت كثيراً لهذا الوضع الإجتماعي و الذي كان سبباً رئيسياً في دخول الكثير من الأطباء كليات الطب ، بل أصبحت خطراً علي صحة كل طبيب و حياته.
مهنة الطب هي مهنه لها مكانه عاليه و وضع اجتماعي راقي جداً و احترام لا يقدر بثمن في البلدان التي تحترم الإنسان و التي تهدف دائماً إلي صحه أفضل لمواطن صحيح خالي من الأمراض قادر علي العطاء لوطنه الغالي ،
فنجده مُقدر مادياً و معنوياً ، يقدرون مكانته و أهميته ولما لا فهو يسعي لإحياء المرضي بأمر الله قدر استطاعته و يسعي لمساعدة محتاجٍ يمد يده له في أضعف حالاته و أسوء ظروفه .
في بلادنا و حيث نجد وزراء صحة مصرنا الغاليه و المسئوليين عن الصحه يجوبون ليل نهار المستشفيات بحثاً عن طبيبٍ اختفي من عمله ، عن طبيبٍ لم يأتي من الأساس ، يبحثوا جاهدين عن كيفيه عقابه و عن كيفيه تعذيبه أو نقله من الجنة التي يعمل بها إلي جنه أقل جمالاً ضمن نفس المنظومه المتهالكه ، ولم نجد أحدهم تسائل يوماً عن الأجهزه و صيانتها أو عن الأدويه و توافرها أو عن أوضاع الأطباء الماديه رغم علمهم بها و لكنها الكراسي
والمناصب التي أعمت أعينهم عن واقعٍ مؤلم و حياه مهينه صعبه ، فهذا الطبيب الذي لايجد الدواء لداءٍ واجهه أو لم يجد أجهزه يستخدمها في علاج مريض أو لإجراء عمليه يحتاجها مريض أخر و هو المُطالب أن يظل في مستشفاه الحكومي التي يتقاضي منها راتباً لايكفيه لمواصلاته إلي المستشفي البعيد التي تم توزيعه عليها قسراً دون مراعاه لمحل إقامته و كذلك لا يكفيه لدفع إيجار شقته ؟.
المهم هو التواجد في المستشفي حتي لو لم يعمل حتي لو جاء بجهاز بلايستيشن ليلعب به مع أعضاء فريقه في المستشفي التي تفتقر لأقل الإمكانيات و أحدث الأجهزه .
فأصبح هدف هؤلاء المسئولين هو الحضور و فقط مع أهمية الحضور بالطبع و لكن دون أدني اهتمام بما يفعله الأطباء دون توافر أدوية ضرورية و كذلك صيانه ما عفا عليه الدهر من أجهزه تهالكت مع الزمن .
وما أن تنتهي أو تهدأ نار الأطباء من فاجعة وفاة أحدهم إلا و نجد كارثه أخري جديده ، إن دلت إنما تدل علي تهالك منظومه لم تعد قابله للتعديل أو الترقيع بل تحتاج إلي تغيير جذري ولكن يبدو أننا ننادي بلا مُستمع فلا تفكير لهؤلاء المسئولين ولا أفعال إلا لكراسيهم و مناصبهم الزائله و كيفية البقاء فيها لأطول فتره ممكنه .
بالأمس رحلت دكتورة شابه من محافظة المنيا بعد شهور من العمل في صمت ولكن كما تعودنا علي الإبداع
في كيفية التضحيه و كيفية التفريط في أطباء الوزاره و كذلك الإبداع في طريقة الموت فماتت الزميله الشابه صعقاً بالكهرباء في دورة مياه فيما يبدو كانت متهالكه دون الإكتراث بالصيانه كما هو الحال في الأجهزة الطبية في المستشفيات .
ماتت طبيبة شابة لا أدري لماذا كانت تعمل في مستشفي بعيده عنها مئات الكيلومترات ولماذا تظل في عملها شهور ؟
هل هو سوء التوزيع المعتاد و الناتج عن محاباة ووسايط معتادة ، فالأماكن المميزه كالعاده تذهب سريعاً للمُنعمين وأصحاب الصداقات و المحسوبيه و يتبقي البقيه للمغضوب عليهم .
ماتت بعد أيام من وفاة طبيب مسالك قتله مريضه في عيادته الخاصه حيث أن العلاج لم يأتي بثماره فما كان من المريض إلا قتل طبيبه و لكن كم هي صدفه فالإعلام اكتشف أن القاتل مريض نفسي !!
والأعجب في الأمر شماتة المعلقين علي خبر مقتل الطبيب في عيادته الخاصه
كما حدث بعد مقتل طبيب من ضغوط عمله أو مقاضاة طبيب لا لخطأ طبي بل لمضاعفات عمليه أو آثار جانبية
لدواء ما. وقد سبق وفاتهما بأسابيع قليله وفاة طبيبين تخدير بأزمات قلبيه من جراء ضغوط العمل و السهر بالأيام
و في الأخير ظهرت علينا وزيرة الصحة تسأل سؤال لا نعرف حميعاً كأطباء إجابته كما أنه جاء بصوره مباغته جعلتنا لا نحاول معرفة الإجابه !! أكثر من ٦٩ ألف طبيب مصري في السعوديه لماذا ؟
ولماذا يتركون مصر من أجل السعودية ؟ وللعلم فهذا العدد أكثر من الأطباء الباقيين في مصر .
حاولت جاهداً أن أعرف الإجابه ولم أجد إجابه مقنعه فما الذي يجعل الأطباء يهاجرون من مصر
أو يتركونها لعناء غربهٍ بلا ثمار وما يجعلهم يشربون كأس الذل و مرارة الإبتعاد عن الوطن الحبيب
والأحباب والأصدقاء فهم يتحصلون علي رواتب أضعاف ما يتقاضونه في بلدان غربتهم
كما أنهم يعملون ساعات كثيره أضعاف ساعات العمل
في مصر ناهيك عن الإمكانات فكيف لنا أن نقارن إمكانات هذه المستشفيات الهزيله بمستشفيات
وزارة الصحة التي لا تنضب أبداً.
حقاً كيف لنا أن نقارن جنة وزارة الصحة المصرية بأي مكان في بقاع الأرض المختلفه ؟
سؤال غريب فهل لا تعرف إجابته وزيرة الصحه أم أنها تتناسي واقع الأطباء عن عمد ؟ .
و لكن ليس فقط الدور السلبي الذي تفعله الوزاره فقط ما يضر الأطباء فلا و لن ننسي أبداً كيف أنها من طعنت علي بدل عدوي ألف جنيهاً نراه هزيلاً و لكن علي الأقل أفضل كثيراً من ال١٩جنيه البدل الحالي ، ولكن كيف لمريض أن يقتل طبيبه إلا حينما يصغر حجم طبيبة في عينه و يراه مجرماً يأخذ أكثر من حقه المادي
وبالطبع هذا ما أدي إليه إعلامنا الهدام الذي يصف الأطباء جميعاً و دوماً باللصوص غير معني بالتفرقة بين أطباء مبالغين في أسعار كشوفهم و بين أطباء وهم الأغلب الأعم صغار يبحثون عن مصدر رزق يعينهم علي مشقة الحياة
وصعوبتها و دون الوضع في الإعتبار أن المرضي أنفسهم هم من يسمحون لهؤلاء الكبار بالمبالغه في كشوفهم فهم من يتسارعون عليهم و كأنهم يحتكرون الطب و العلم حتي لو في أسهل الأمراض التي لا تحتاج لأطباء بخبره كبيره
هل سنظل كالنعام ندفن رؤسنا في الرمال دون البحث عن حلول أظنها سهله ومتاحه لأزمات وزارة الصحه الدائمه و المتفاقمه؟ .
هل سيظل وضع الأطباء بهذا السوء يعانون مادياً حتي يستطيعون العيش في وضع أفضل نسبياً أم عليهم الهجره و الإغتراب خارج وطنهم ؟.
هل سيظل الأطباء في مستشفيات دون تأمين مناسب و دون أدني درجات الأمان؟.
هل سيظل الأطباء يعملون ساعات عمل غير أدميه علي الإطلاق؟.
هل سيظل الأطباء يُوزعون توزيعاً عشوائياً يعتمد في أغلبه علي المحسوبيه و المحاباه دون النظر إلي أماكن إقامتهم؟.
هل سيظل الأطباء هم حائط الصد الأول للوزاره عن قلة الأدويه و نقص الإمكانات؟.
لماذا يتحمل الأطباء وحدهم عناء التعامل مع مرضي و مرافقي مرضي تم شحنهم مسبقاً من إعلام سفيه ضد الأطباء بسبب نقص إمكانات و أسّره و أدويه لا حول لهم بها ولاقوه؟؟ .
يبدو أن الحل الأبسط و الأسهل هو الإستقاله فما يتقاضاه طبيب من أسبوع واحد في المستشفيات خاصه أكثر مما يتقاضاه الطبيب في مستشفاه الحكومي في شهر و قد يصل إلي الضعف!!.
في اعتقادي الشخصي كلها مشاكل يمكن معالجتها فالطبيب المصري لا يفتقر للكفاءه فهو من يحمل فوق كتفيه نهضه الصحه في مستشفيات الخليج و منهم من يحمل علي كاهله الطب في مستشفيات غربيه .
العيب كل العيب في إدارة مستشفياتنا و وزارتنا لا في أطباء مصر المشهود لهم الكفاءه ما أن توافرت لهم الإمكانات
وفي الأخير رحم الله ضحايا الأطباء في مصر و كان الله في عون من يعمل في هذه الظروف الصعبة و وسط هذا الكم الهائل من الإحباطات ، و لكن السؤال من الصحيه التاليه؟؟
فالضحايا ستظل تتساقط مادامت الظروف مستقره علي ماهي عليه .
أفيقوا يا ساده فكم الإستقالات ينذر بكارثه كبري لن نشعر بها إلا حال ظهرت آثارها و نتائجها أكثر كثيراً من السوء الذي نعيشه في مستشفياتنا .