الثلاثاء , نوفمبر 19 2024
ماجدة سيدهم

أزمة التنوير في مصر

نعم الرسالة التنويرية ببلادنا تعاني أزمة كبيرة بل أن تأثيرها الضعيف على المجتمع أضاف المزيد من التعنت والتطرف والهجوم و الالتباس بل والعبث ودا لأسباب منها :

الرسالة التنويرية لا تأتي مطلقا من خلفية فلسفية حرة أو من وراء ثقافة المنطق الأخلاقي للمجتمعات لذا مهما كان الجهد فيها فهي حتما مقيدة بمساحة محدودة من الحرية.. أي أنها تتحرك داخل نفس الإطار الديني الملزم ..

فهناك تعارض شديد ومخيف بل ومرفوض مابين الفكر الفلسفي الحر وبين الفكر السفلي المتطرف والمقيد بشرعنة كل ما هو تراثي متردي

علشان كدا ماينفعش اطلق عليها حركة تنويرية لكنها هي اجتهادات من البعض .. بالتالي الاجتهادات لا تخرج عن كونها محاولات كاشفة للتنقيح أو للتوضيح أو للتجميل او للتعديل فقط اللي هي أشبه بمسك العصا من النص واللي للاسف انضربوا بيها برضه

الاجتهادات التنويرية عبارة عن حالة من رفض أو مقاومة لأفكار التراث الديني غير المقبولة إنسانيا أو أخلاقيا وغير المنطقية للعقل بل والمعطلة للنمو الإنساني الكريم وللدولة المدنية المتحضرة

هي ذاتها الأفكار اللي تم ترسيخها في كل شبر من شوارعنا وعن قصد باعتبارها من تمام الدين وعموده .. بالتالي تأثير العمل التنويرى هزيل جدا على العقل الجمعي اللي تم تغييبه تماما تحت طائلة الجهل والفقر والإلزام و الاحباط والخوف من بطش أراء وفتاوى تجار الدين.

التنويري في هذا الحيز الضيق المسموح له للتفكير بيشتغل ويتصدر المشهد بمفرده ..كمن يعبر عن رأيه الشخصي .. يعني مافيش أي مؤسسة أو قانون أو ظهير شعبي مؤيد له او مقتنع به يدعمه حتى كإصلاحي أو حتى كمجرد إنسان بيحاول يفكر بصوت عالي .. فضلا عن فشل لغة التواصل مابين التنويريين والشارع لاستعلائها .. فأصبح التنويريون بخاطبون أنفسهم ومن يشبههم كنوع من الترفع

في الوقت اللي قدرت قوى السلفية توصل وتفرض أفكارها الرجعية على نفس الشارع بكل سهولة من دون تهكم أو تعالي أو نفور مستغلين تعطش الشارع للخرافة والوعود المخادعة اللي بتدعم فيهم احتمال القهر من أجل الثواب

وما بين الشد والجذب وتتبادل الاتهامات وقع الشارع المقهور بين شقي الرحى إما أن يظل ملتزم الصمت كمتفرج من بعيد يترقب على من ترسوا لعبة المستقبل وكشف الحقائق والخرافات لنتبعه صامتين

أو نرفض وبشدة كعقل جمعي كل الأفكار المسماة بالتنويرية رفضا قاطعا من دون نقاش أو تفاهم(هو كدا) وبكدا وصلنا لمرحلة التعرية والشك والتراشق ..ودا طبيعي جدا وصحي جدا بل ومتوقع المزيد من التصادمات والتناقضات المرعبة والفجة والصدمات الأهم والأخطر ودا ما هو إلا ترجمة حقيقية للمعاناة من الإكتئاب والضغط والضجر والتحدي الفاجر لأي ثوابت في لعبة المراوغة بالدين كلعبة مشروطة للنجاة من أي مساءلة ولتخطى القانون

هل سيحدث التغيير من واقع القاع المتهرئ والمضغوط ربما ..لكنها ستكون أشبه بمرارة خلع الظفر من اللحم ..

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

من يعيد وضع عتبات أبواب بيوتنا ؟!

كمال زاخر الثلاثاء ١٩ نوفمبر ٢٠٢٤ حرص ابى القادم من عمق الصعيد على ان يضع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.