ما زلت عند موقفي من أن متابعة كرة القدم نوع من الترفيه اللطيف، ولكنه لا يتجاوز الترفيه والتسلية، ولا أظنه معبرا عن أية مفاهيم وطنية بالمعنى الحقيقي، بل أحيانا تؤدي المبالغة فيه إلى تعميق النعرات الطائفية وفي بعض الأحيان يتسبب التعصب منه في مشكلات ضد عروبية، وفي أحيان أخرى يجر على الناس تعليقات عنصرية ضد اللون والجنس والعرق كما في مواقف بعض المخبولين ضد الأشقاء الأفارقة.
وفي أحيان ثالثة نقرأ ونسمع ونشاهد توهمات وهلاوس دينية من أن الرب يقف مع هؤلاء ضد أولئك.
والمنطق الذي أفكر من خلاله يرى ما يحدث نوعا من تسليع رأسمالي للرياضة وأرقاما لا يصدقها عقل عن أسعار بيع اللاعبين، ناهيك عن مئات الساعات التي تبث يوميا لملء فراغ الناس وخلق مهن وهمية من معلقين يتربحون من ثرثرات ساذجة مكرورة لتمويل الإعلانات.
وظني أن كل ذلك هو تسلية ممتعة تستهلك الوقت الذي لا نعرف ماذا نفعل فيه وأين نذهب به.
والرياضة الحقة التي أعرفها هي “ممارسة” التلاميذ للرياضة في ملاعب المدارس، والشباب في ساحات الأحياء الشعبية وليس الجلوس على المقاهي أمام الشاشات.
ولو سألتني أي الرياضة تقصد سأقول لك تلك التي نجدها في ثالوث: “الشباب – الرياضة – الصحة”.
فكما أنه لا رياضة من دون صحة سليمة لا رياضة أيضا من دون تفريغ محمود لطاقات الشباب بالممارسة الرياضية والمسابقات المحلية والتنافسات في الأحياء والمدن والمدارس، وليس جلوسا أمام الشاشات على المقاهي وتدخين الشيشة والسجائر وتبديد مصروف أولياء الأمور !أنا طبعا أتفهم أن فكرة المنتخبات “الوطنية” فكرة جميلة تلم شتات المبعثر في أوطاننا من كل متباين ومتعارض من انتماءات.
وأنا أحمد لها ذلك، على ألا نبالغ في قدرتها على تحقيق المعاني الحقيقية للوطنية، إذ ما نعده “لما وشملا للوطنية” ليس في تصوري إلا قشرة سطحية جدا، رقيقة جدا ومؤقتة جدا.