لقد طالت يد الفنان القبطى جميع أفرع الفن، وجعل للحضارة القبطية مكانة عظيمة بين حضارات العالم القديم،وتميزت بخصائصها المنفردة وطابعها المتميز رغم أنها سليل الحضارة الفرعونية العريقة، وإنفرد الفن القبطى بنمو تصاعدى حتى وصل إلى النضج الكامل المعبر عن ثقافة الأقباط وحياتهم الدينية والإجتماعية وسط ظروف الإضطهاد الرومانى المرير فى الأربعة قرون الأولى مروراً بمرحلة الاستقرار بعد القرن الرابع والتى إنفردت بالزخم الثقافى والفنى ثم مروراً بالعصر الإسلامى والذى تنوعت فيه الحقبات التاريخية تبعاً لتنوع الخلافة كالأموية والعباسية والفاطمية والأيوبية والمملوكية والعثمانية، وكل لها خصائصها وسماتها والمعتقدات المختلفة الخاصة بالفن
كل هذا ومسيرة الفن القبطى تستمر بنجاح متحدية الصعاب ومعبرة عن حياة الأقباط الدينية والدنيوية فى مجالات الفن وأفرعه المختلفة؛ كالمعمار والرسم والنحت وأعمال الزجاج والفخار والخشب والمعادن وإنتاج المخطوطات القيمة بالكتابة والتجليد والزخرفة والتصوير والترجمة من اللغات اليونانية والقبطية والسريانية والحبشية .
على أية حال،نجد أن فن الرسم والأيقونة فكرته ـ إن الصور فى الكنائس يغنى بها عديم القراءة (الأمى) بالنظر إليها عن الكتب التى لا حيلة لها فى قراءاتها، فالفنان حين يرسم صور القديسين والشهداء،يعمل على إبراز فضائلهم فى صورة واقعية تستحث المؤمنين على الإقتداء بهم،وهكذا تكون الأيقونات نوافذ يبصر منها المؤمن نور السماء، وترتبط الأيقونة بالعقبدة الأرثوذكسية ارتباطا وثيقاً،لأنها عقيدة أساسية من عقائد الكنيسة الأرثوذكسية،والأيقونة من العناصر الأساسية في العبادة لأنها تنقل لنا البشارة التي أعنها الله لنا،فهى ” كتاب مقدس ملون” و” نافذة على الأبدية” وهذا ما معناه أنها تضعنا أمام الشخص المرسوم وتدخلنا في حوار معه.
أما عن فكرة التصاوير والرسومات داخل المخطوطات تذكر الباحثة” مارلين ميشيل” أن للفنان الحق فى أن يعبر عن هذه الوقائع الكتابية بالصور، كما يعبر عنها الكاتب بالألفاظ، بل إن الصور أقرب إلى الإدراك من الألفاظ ، لأن الناظر إلى الصورة يدرك فى الحال ما تهدف إليه فى حين أن الألفاظ تحتاج إلى إدراك معناها قبل إدراك مرماها، وهذا ما كانت تنادى به أيضاً المدارس الرومانية من قبل، فقد حافظت هذه المدارس على مفهومها الفنى بوصفة لغة تنقل للعين عن طريق الصورة ما ينقله النص إلى العقل عن طريق اللغة.
على أية حال، عرف فن النحت منذ قديم العصور منذ نحو( 4500 ق.م)، وواصل الأقباط حفاظهم على هذا الفن الذى يعد فرع من فروع الفنون المرئية وفي نفس الوقت وهو أحد أنواع الفنون التشكيلية، ويرتكز على إنشاء مجسمات ثلاثية الأبعاد. ففي الأْصل،كان النقش ـ أي إزالة جزء من المادة ـ والتشكيل ـ أي إضافة المواد، كالصلصال، ويمارس فن النحت على الصخور والمعادن و السيراميك و الخشب ومواد أخرى.