الجمعة , نوفمبر 8 2024
فتنة طائفية

لماذا تحولت المنيا من أجمل محافظة صعيدية إلى واحدة من أكبر المحافظات الطائفية

المنيا هي عروس الصعيد، تغنى الكثيرون من الخارج والداخل بجمالها وروعتها، مكان ساحر، وفجأة تحولت من عروس الصعيد الي مركزًا رئيسيًا للعنف الطائفي

اكتسبت محافظة المنيا سمعة محلية ودولية سيئة باعتبارها بؤرة لاعتداءات ممنهجة على المسيحيين، وأنها أكثر المحافظات المصرية من حيث الممارسات الطائفية، فالاعتداءات التي شهدتها المحافظة من نهب وحرق منازل وإيذاء بدنى وقتل على خلفية شائعات تحويل منزل لكنيسة أو لمشاجرات عادية سرعان ما تتحول إلى اشتباكات طائفية

 حرب الشائعات

الشائعات لها دوراً كبيرا في وقوع المصادمات الطائفية أو عاملاً مساعداً لحدوثها ، أنه في عدد

من الأحداث يتم الترويج لرفض بناء كنيسة أو مبنى دينى جديد أو تلك الخاصة بأسباب لها علاقة

بالعلاقات العاطفية بين أطراف مختلفة الديانة، حيث يستغل ذلك في حشد طائفي يتجاوز نطاق

الوحدة المحلية التي تشهد التوتر لينتقل إلى أماكن مجاورة ومواطنين ليس لهم علاقة بطرفي الأحداث نهائيا.

وبقراءة الأحداث التى حدثت من قبل مثل ما حدث في قرى: البيضاء المهندسين بالعامرية

وكوم اللوفي بسمالوط، وعزبة يعقوب بالمنيا، وصفط الخرسة بدفش

نماذج واضحة لدور الشائعات في الحشد الطائفي، أحداث تكررت بالكربون ﻹطلاق شائعة

تحويل منزل إلى كنيسة بدون ترخيص، تجمع مئات أغلبهم من الشباب تحت العشرين ينظمون

مسيرات تستهدف منازل الأقباط ثم إشعال النيران في المبنى والمنازل المجاورة كما حدث في المنيا

وسمالوط أو الاكتفاء بالاعتداءات وسرعة تدخل الأمن لفض التجمهرات كما حدث في العامرية والفشن.

الشىء الجديد فى المجتمع المصرى هو الأمر بإغلاق الكنائس وضرب المصلين فيها فى بعض الأماكن

وتكسيرها وربما حرقها فى أماكن أخرى.

وهو ما يقوم به مجموعة من المتطرفين المعروفين بالاسم والموجودين فى كل قرية أو مدينة صغيرة

وهم يقودون الهجوم ويهيجون مجموعة من محدودى التعليم والثقافة للقيام بهذا العدوان

عوامل ساعدت على نشأة الفتن الطائفية

هناك عوامل كبيرة خلقت تربة صالحة للفرز الدينى والانقسام المجتمعي، والتي تجعل أحيانا

من مشاجرة بسيطة تحدث عشرات المئات يوميا بين مواطنين من نفس الديانة حدثاً غير عادي

قابلا للانفجار والتمدد، خصوصا لو عرفنا أنه في بعض الأحداث يتمدد التوتر والعنف لقرى متجاورة،

نبدأ من الخصائص السكانية والاجتماعية لأهل المنيا، حيث يبلغ عدد سكان المحافظة

نحو ٥ ملايين و١٥٦ ألف نسمة خلال عام ٢٠١٥، وهى أكبر محافظات الوجه القبلى بعد الجيزة

ويغلب عليها الطابع الريفي، يعيش نحو ٨٢ ٪في القرى والنجوع، بينما يقطن نحو ١٨ ٪ المدن التسع

التي تمثل عواصم المراكز الإدارية للمحافظة

تتنوع التركيبة السكانية لأبناء المحافظة، يمثل الأقباط نسبة معتبرة من عدد السكان

وهو ما يخلق مساحات من التعامل اليومى بين المواطنين، بما يحمله ذلك من خلافات ومشاجرات

يسهل تحريكها طائفيا كما سبق الإشارة.

كما تضم المحافظة عدداً من أبناء القبائل العربية، بعضا منهم يحمل الجنسيتين المصرية والليبية

ويعيشون في قرى بالقرب من الظهير الصحراوي الغربي للمحافظة، تأثر عدد منهم بأفكار التنظيمات الإرهابية والمتشددة المنتشرة في ليبيا، وانخرط نفر منهم في هذه التنظيمات خصوصا خلال السنوات الأخيرة.

كما كانت محافظة المنيا تربة خصبة في السبعينيات والثمانينيات للتطرف

وخرجت منها الجماعات الإسلامية المتطرفة التي تورطت في اغتيال الرئيس الأسبق أنور السادات

ورفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب الأسبق، كما أن كثيرا من قادة حزبى البناء التنمية التابعة

للجماعة الإسلامية والوسط الذى خرج من جماعة الإخوان المسلمين وبعض التيارات السلفية

الحاليين من أبناء المحافظة، وقد عانت المنيا من أعمال إرهابية واسعة خلال التسعينيات.

وتوالت أحداث العنف ضد المسيحيين والكنائس في المنيا

على مدار العقود الماضية واعتداءات استهدفت أشخاصا وممتلكات وكنائس، لأسباب مختلفة

بعضها عقائدي، والآخر جراء خلافات حول بناء الكنائس ومعاملات تجارية

وكذلك علاقات عاطفية مع مسلمين.

ومنذ عام 2011 بعد اندلاع أحداث ثورة يناير تزايدت حوادث الفتنة بشكل غير مسبوق.

فمن يناير 2011 وحتى يوليو 2016 تم رصد سبع وسبعين حالة توتر وعنف طائفى بمحافظة المنيا

ومن أبرز هذه الأحداث:

تعدي جماعة الإخوان عقب فض اعتصامهم في ميداني رابعة العدوية والنهضة بالقاهرة

في أغسطس عام 2013 جرى إحراق وتعدى على كنائس بالإضافة إلى

عدد من الجمعيات والمدارس التابعة للأقباط.

 تجريد سيدة مسيحية مسنة من ملابسها والاعتداء عليها بالضرب ، بسبب شائعة

وجود علاقة بين سيدة مسلمة ومسيحي بمدينة أبو قرقاص بالمنيا، أسفرت عن

إحراق عدد كبير من منازل الأقباط.

 أحداث عنف وقعت بين مسلمين ومسيحيين في قرية كوم اللوفي بمركز سمالوط في محافظة المنيا

أسفرت عن إحراق عدد من منازل الأقباط بعد تردد شائعات حول تحويل منزل إلى كنيسة.

وبعدها بأيام تكرر المشهد ذاته في قرية أبو يعقوب.

 مقتل نجل كاهن في قرية طهنا الجبل بمحافظة المنيا ، عقب هجوم متشددين على منزل الكاهن.

أحداث دير الأنبا صموئيل

وبالرغم من تعدد الموارد الطبيعة والاقتصادية للمحافظة، تغيب عن المحافظة العدالة بأوجها المختلفة

سواء كانت عدالة اقتصادية، ممثلة في ضعف مخصصات التنمية، وعدم فاعليتها، أو عدالة اجتماعية

ممثلة في تزايد نسب الفقر والأمية، وحتى عدالة ثقافية ناتجة عن ضعف المراكز الثقافية وبيوت الشباب.

 أسباب تكرار أحداث الفتنة الطائفية فى محافظة المنيا

انتشار الجهل والأمية وعدم الوعى بمفهوم المواطنة

 البطالة والمصحوبة بفقر شديد.

 عدم تفعيل دور المؤسسات الدينية فى إرساء علاقة الأخوة في الوطن الواحد، أدى إلى تكرار أحداث الفتنة، حسب خبراء الأمن.

 ارتفاع نسبة الأقباط، مع تواجد عدد من جماعة الإخوان

 مشكله ثقافية بسبب قلة الوعي والامية،

 العناصر المتطرفة تستغل دائما الخلافات التى تحدث وتتدخل لإحداث فتن وكوارث بين المسلمين والمسيحيين

 التراخى الشديد من السلطة ممثلة فى المحافظ ومديرى الأمن فى الإعلان بوضوح أن من يعتدى

على الكنائس سوف يقدم للعدالة وبسرعة، والاعتماد لفترة طويلة على الصلح العرفى أدى إلى كوارث متتالية.

 السلطة المحلية ليس لديها مانع من تفاقم المشاكل وإغلاق الكنائس وضرب الأقباط بشرط ألا يعلم أحد داخل مصر وخارجها ما يحدث.

تأثير المتطرفين فى عدد غير قليل من بسطاء المنيا، واقتناعهم بكلام المتشددين عن تحريم بناء الكنائس

وعدم التفاتهم إلى فتاوى شيخ الأزهر والمفتى ووزير الأوقاف عن صحة بناء الكنائس، وأنها من عمارة الأرض، يجب معرفة أسبابه وتداركها.

 عدم تطبيق القانون على المعتدين على الكنائس ساهم فى زيادة الأحداث الطائفية، فحتى لو كان هناك تحايل

لبناء كنيسة، إن وجد، فهذا لا يعنى السماح للأهالى بالتعدى على الممتلكات، واستمرار هذا الوضع

يعقد المشكلة ويزيد من التوتر الطائفى، والمفترض أن يلجأ المتضرر إلى جهات الأمن والإدارة التى لها الحق

فى التدخل إن وجد تجاوز أو مخالفة للقانون، مع التأكيد على حرية الاعتقاد والعبادة والتى تكفلها الدولة

حسبما جاء فى الدستور.

 جميع مشاكل الصعيد تبدأ عادية، وليس لها علاقة بالفتنة الطائفية، وبمجرد حادث جنائي

ربما تتحول مشكلة على أرض زراعية و أو مشكلة مرور من الطريق العام، من مشكلة عادية إلى مشكلة طائفية.

بعض الحلول للمساهمة فى حل المشكلة

 للوصول للأسباب الرئيسية للفتنة سوف ينتج الحل الصحيح

 البحث عن حلول لتلك الازمات المتكررة حتى لا تتفاقم الازمة بين ابناء الوطن.

 بتطبيق القانون على أي شخص يخطأ، وأن يتم التعامل بمبدأ المواطنة

 ضرورة تفعيل دور علماء النفس والاجتماع الذى يقع على عاتقهم دور كبير فى توضيح وتصحيح المفاهيم الخطأ المنتشرة فى الاقاليم ودورهم فى حل المشكلات بطريقة علمية.

 بالنسبة لأهالي محافظة المنيا ضرورة قياس الأمور بحكمة، وعدم التسرع والاندفاع وراء تلك الاحداث

أن المشاحنات العادية موجودة في كل بقاع الأرض بين السكان وبعضهم

ولا يصح أن تكون سبب للفتن الطائفية.

إيجاد فرص عمل للعاطلين وتشغيل الشباب ودعمهم، حتى لا يقعوا فريسة للجماعات الإرهابية

ويتغلغلوا فى الجماعات التكفيرية والمتشددة في المحافظة

 دعوة كل محافظ فى هذه المناطق أن يجتمع مع القيادات المتشددة لإفهام الجميع أن القانون

والدستور والنظام مسؤولون جميعاً عن حماية الكنائس والمصلين، وأن هذا سوف يتم تنفيذه

والمعتدى سوف يعاقب.

 أن تبدأ الداخلية فى حملة توعية داخلية بأن المسلمين والمسيحيين متساوون ولهم نفس الحقوق

وعليهم نفس الواجبات، وأنه لا تهاون إذا حدث الاعتداء على أى مصرى مسلم أو مسيحى بنفس الدرجة.

 مطالبة الدولة بضرورة عمل حملات توعوية وثقافية لبث روح المواطنة والتفاهم الديني.

 وضع خدمات امنية على دور العبادة ومنع الاحتكاك ليست معالجة لمرض إنما معالجة للعرض

 المنيا تحتاج إلى اهتمام خاص من كل جهات الدولة قبل أن تمتد نيرانها إلى باقى المحافظات.

 هل تلك الأحداث ممنهجة ومقصودة من الجماعات المتطرفة، أم من تقاعس المسئولين في المحافظة؟.

 هدف الإرهاب من إحداث فتنة طائفية

يظل استهداف الكنائس فى مصر، هو الورقة الخاسرة التى تسعى قوى الإرهاب دائما الى اللعب بها

باعتبارها المفتاح السحرى لتفجير صراع طائفى فى بلد لم يعرف على مدار تاريخه الطويل أى شكل

من اشكال التمييز للون الى دين او عرق.

إن الأحداث الإرهابية المتلاحقة بمصر تسعى إلى إحداث وقيعة بين المسلمين والمسيحيين.

وكلما تم تضميد جراح أهالي الضحايا تخرج العمليات التفجيرية لتطل برأسها مركزة على أماكن العبادة و من يدقق النظر في الأحداث الأخيرة

يكتشف أن هدفها الوحيد التخلص من الطرفين المسلمين والمسيحيين بأيديهم، فأصعب شيء

يمكن السيطرة عليه هو تفتت أركان الوحدة الوطنية، فإذا أرادت بعض الجماعات أن تهدم دولة

عليها أن تُحدث الوقيعة بين أطرافها في الدين، لأنه المحرك الوحيد لعزائم الرجال والنساء

وكلما زاد التوتر، فترت العلاقات بين الأطراف كافة».

الوحدة الوطنية في مصر ليست مُهددة، ولن تُحدث أحداثًا مثل التي شهدتها البلاد في أوائل ثمانينات

وسبعينات القرن الماضي وأن الحوادث التي تحدث «فردية من بعض الأشخاص وفي أماكن متفرقة

الجماعات التكفيرية توجه نشاطها ضد المسيحيين لإحداث فتنة طائفية، فضلا عن وجود مخطط خارجي

من بعض الدول لإحداث الفتنة في مصر.

وسبق أن دعا البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، المسيحيين والمسلمين

بعد مجازر الكنائس وقبلها، إلى ضبط النفس والتزام العقل والحكمة والسلام الاجتماعي والعيش المشترك

وغلق الطريق على كل من يحاول المتاجرة في أحداث المنيا الأخيرة، لإشعال الفتنة.

كذلك، أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي توجيهاته لكل الأجهزة المعنية بالدولة

لاتخاذ ما يلزم من إجراءات لحفظ النظام العام وحماية الأرواح والممتلكات في إطار سيادة القانون.

وأكد السيسي في حديث سابق له، أن الوقائع المثيرة التي تحدث بين المسلمين والمسيحيين

«لا تعبر بأي حال من الأحوال عن طبائع وتقاليد الشعب المصري العريقة، الذي أسس الحضارة البشرية وحارب من أجل نشر السلام».

بالرغم من «هتافات الأقباط عقب حادث الكنيسة البطرسية في العباسية تُبين مدى المرارة التي يشعر بها

بعضهم في المجتمع المصري، لكنه الرهان على ذكاء الأقباط وحكمتهم، وتفهمه أنه ليست لهم مشكلة

مع المسلمين، إنما مشكلتهم مع الجماعات الإرهابية».

وفي السياق نفسه، يشدد خبراء وباحثون على أن فكر الجماعات الإرهابية لم يأت

إلا بالخراب والدمار وتشويه صورة الإسلام والمسلمين،

دور الدولة فى حل المشكلة

أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي ، قرارا يحمل رقم 602 لسنة 2018 ، بتشكيل اللجنة العليا

لمواجهة الاحداث الطائفية .

اللجنة برئاسة مستشار رئيس الجمهورية لشئون الامن ومكافحة الارهاب

وعضوية ممثل من كل من هيئة عمليات القوات المسلحة والمخابرات العامة وهيئة الرقابة الادارية

والامن الوطنى وتتولى اللجنة العليا لمواجهة الاحداث الطائفية وضع استراتيجية عامة

لمنع ومواجهة الاحداث الطائفية

ومتابعة تنفيذها وآليات التعامل مع الاحداث الطائفية حال وقوعها ، وتعد اللجنة تقريرا دوريا

بنتاج أعمالها وتوصياتها وآليات تنفيذها يعرض على رئيس الجمهورية .

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

الأنبا دميان : ديرنا القبطي بهوكستر يفتح أبوابه لعلماء أبحاث الآثار من ألمانيا والأردن ومصر (الخميس ٧ نوفمبر ٢٠٢٤م.. ٢٨ بابة ١٧٤١ش).

د. ماجد عزت إسرائيل برعاية صاحب النيافة الأنبا دميان أسقف شمال ألمانيا ورئيس دير السيدة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.