يأتي جمال الفكرة للفيلم من خلال التمازج الرائع مابين أحداث الفيلم المتصاعدة حتى تصل لذروتها مع تطور حركة الخسوف حين يصل أيضا إلى مداه ..وكأن أحداث الفيلم بمثابة ترجمة حقيقية لتلك الظاهرة الفلكية ..هلال يتضاءل شيئا فشيئا ثم خسوف كامل ثم سطوع من جديد ..هم مجموعة من الأصحاب(ثلاثة ازواج وسينجل ) يلتقون على العشاء معا في حرص منهم لمتابعة ظاهرة خسوف القمر في ذات الليلة كحدث فلكي متزامنا مع إكتماله ليأتينا توضيح ” شريف” على استفسار زوجته عن الخسوف ” بيفضل القمر مضلم وقت طويل ” مستطردا في أقوى جملة هي المحورية على الأطلاق ” دا الوش الحقيقي للقمر” ليكون خسوف القمر .. العتمة التامة.. ماهو إلا مكاشفة واضحة ومباشرة لحالة الخسوف التام في المجتمعات االتى سقط عليها ظل إدعاء المثالية والاستقامة والتقوى والقيم العظمى فحجب عنها كل الضوء والمصالحة ليكون كل كدب وتناقض
وفساد مباح في الخفاء ..ليبدأ الفيلم بشغف الأصحاب بإعداد الأطعمة الشهية في إيقاع حركي مبهج و سريع و حوار متبادل مابين المرح والعشم الجريء والتلميحات المثيرة بجمل حوارية قصيرة لينمو معها القلق والتوتر فيما بينهم مع نمو الظل على الطاولة تؤكد صديقتهم “مي” بتهكم صائب ممسكة بهاتفها بقصد استثارة الأصحاب مشيرة كم أثرت الهواتف المحمولة في الحياة الإجتماعية “هايدا المصيبة كل حياتنا فيه ” لينفي كل منهم أن له حياة أخرى أو أسرار على هاتفه لا يعرفها شريكه لذا كان اقتراح لعبة المواجهة في غاية المجازفة غير المحسوبة
خاصة في المجتمعات التي تعاني قهرا وخوفا على كافة المستويات .. إذ قاموا بوضع هواتفهم على طاولة العشاء على أن يتم استقبال كل الرسائل والمكالمات التى تصلهم والإطلاع عليها بشكل متاح للجميع ..وهنا تبدأ رحلة تكشف الحقائق وسقوط الأقنعة المثالية مع كل استقبال لرسالة أو مكالمة أمام بعضهم البعض
بينما يمتد الظل على وجهة القمر أكثر وأكثر ويتصاعد معه تبادل الاتهامات ..:هايدا الخسوف أثر علينا ، .القمر والشادو : خصوصا ها الليلة ينطلقون لحديقة المنزل حيث أخذ الظل مساحته بالتمام مطابقا اكتمال القمر نحو خسوف كامل يتوافق مع إيقاع متصاعد للأحداث التى أتسمت بالحدة ومحاولة ظبط النفس والمشادات أيضا ..
فلا تشعر بالملل لكنك كمشاهد تترقب عما ستسفر عنه تلك اللعبة وتلك التلميحات الجريئة من مفاجآت غير متوقعة ومن هذا الخسوف ..”الله يستر ها الmoon شو مخبيلنا ” ومع الخسوف الكامل للقمر وقعت تباعا كل المصادمات المتتالية التى كشفت عن حقائق مدمرة بهواتف كل منهم من خيانات زوجية وعلاقات مثلية وإهمال وسوء فهم كما عبرت عنه “مريم” بانفعال شديد أن سبب إهمال زوجها لها هو ثمن ماتحمله عنها من قضية اصطادمها بشاب وهي في حالة سكر بينما على جانب آخر يشتكى “شريف ” في بدايات اللقاء لصديقه “وليد ”
على سبيل الفضفضة “ازاي تتعامل مع واحدة راجل طول اليوم و تيجي بالليل عاوزة تبقى ست .؟طب إزاي ” ليكون سبب واضحا في إهمال زوجته متخذا عالما خاص به كما كشفت تلك اللعبة عن أسرار كثيرة لم يكن لأحدهم أن يتوقعها أو يصدقها في شريكه أو في أي من الأصدقاء .
ففي ذروة الخسوف الكامل تحل الظلمة بالتمام ويصبح كل شيء مباحا في العتمة وهنا تتصاعد الأحداث حين يستبدل” شريف” هاتفه المتشابه مع هاتف صديقهم السينجل “ربيع” لنفهم أن “شريف ” خشي أن يفتضح أمره أمام زوجته حين تصله في ذات الليلة صور أباحية سيطلع عليها الجميع وفقا لقواعد اللعبة
فما كان منه إلا التوسل والتحايل على “ربيع ” باستبدال هاتفه باعتبار “ربيع “سينجل ولن يلومه أحد ..يحدث هذا في المجتمعات التى تبيح نفس الخطأ للرجل دون المرأة و للأعزب دون المتزوج وكليهما عتمة ويتأزم الأمر ليصل المشهد إلى الذروة وندخل في عمق المفاجأة .. ذروة الخسوف الكامل للقمر والأحداث معا.. حين تصل رسائل ومكالمة على هاتف ” ربيع ” و الذي أصبح الآن في يد “شريف” تفيد أن ربيع على علاقة جنسية مع رجل وهنا يحتدم ويتألق الخسوف والصراع معا وسط ضجة عارمة من الفوضى وتبادل الاتهامات وفي أقوى المشاهد على الإطلاق التي جاءت في تلك المواجهة العصيبة الصامتة بين شريف وربيع في هذا التعبير الأروع لاعتصار ملامح الوجه والنظرات المضطربة المباشرة القاسية والمتبادلة مابين نظرات الصدمة في عيون ” شريف”
حين يكتشف صدفة مثلية صديقهم السبنجل ” ربيع ” بينما هو الذي أصببح متهما بالمثلية على سبيل الخطأ باستبدال الهاتف ليرد ربيع بملامح باردة وبصرخة نظراته الصامتة والمخيفة الموجهة مباشرة إلى عمق عين شريف هي نظرة التحدي والاعتراف وكأنه يعلن له: نعم أنا مثلي فهل ستبوح بالسر وقد اخفيت سرك أمام زوجتك والجميع ليحتمل شريف في هذا كل الاتهامات والإهانات من زوجته محاولا الدفاع عن نفسه حتى يكتشف أنها على علاقة وهمية برجل فيسبوكي في رسالة تحدي فاجر تصلها منه على هاتفها و بينما صار الإضطراب في المكان مخيفا وباتت الأجواء مشحونة بالصراخ والعنف الشديد يخرج “ربيع ” عن صمته ليضع حدا لكل تلك المشاحنات القاتلة معترفا أنا ال gay .. هدوء وصمت تام ..
انتهت حالة الخسوف ليبدو القمر ساطعا مكتملا في لقطة سينمائية ولا أروع.. انتهت السهرة على نفس المرح والعشم الذي بدأت به وكأن شيئا لم يكن .. ليذهب كل زوجين في طريق العودة .. مودعين أيضا صديقهم السينجل الذي ظل يوهمهم أنه على علاقة بصديقة له ” ربيع ..سلم لنا على رشا ” لنكتشف أن كل تلك الأحداث لم تحدث في حقيقة الأمر لكنها هي مجرد تصور أو رؤية من السيد “وليد “صاحب دعوة العشاء.. أو كما يظن في أصدقائه كنماذج حقيقية موجودة في المجتمع .
وهو يمتلك من النضج والخبرة الحياتية ليكون أكثر وعيا وتفهما لكل المجريات متقبلا كل الاختلافات والأنماط وسلوكيات البشر المتناقضة فليس أحد مثالي حتى زوجته خاصة عندما نعلم أنه يهتم بالمعرفة النفسية لدى طبيبة نفسية ليعرف أكثر عن نفسيات البشر وليتعلم كيف يقترب من ابنته المراهقة ويتعامل مع أفكارها المتحررة والمندفعة بكسب ثقتها وليعبر بها تلك المرحلة وهي أكثر تقديرا وحرصا على نفسها متى أدركت قيمتها الإنسانية ليحدثها تليفونيا ” أنا في رأي اقولك ارجعي وماتروحي تباتي لعنده لكن انتي حرة
لكن لو روحتي اعرفي أنه هالليلة هاتضل معك طول حياتك يمكن تتعلمي منها شيء ” لنفهم فيما بعد أنها لم تفعل هكذا غادر الأصحاب وكل منهم يخفي في داخله وجها آخر للقمر ..الوجه الحقيقي .. محتفظا بسر ما في حياته الخاصة يخفيه عن شريكه ليعود كل منهم إلى حياته المزدوجة وعالمه الخاص والافتراضي أيضا **على هامش أصحاب ولا أعز
أجادت منى ذكي.. لكن كان أداؤها في بعض المشاهد مفتعلا بعض الشيء أو عصبيا وكءا نبرة الصوت كانت الأعلى عن سائر فريق العمل في دور “مريم ” ربما هذا ماقصده عنه زوجها أنها تبدو كرجل طول الوقت ..
أصحاب ولا أعز عمل لمخرج عبر ببعض الأصحاب فتركهم وشأنهم ومضي بعيدا ، وحين غادروا المكان كانت الكاميرا ت وقد سجلت كل ماحدث بينهم بواقعية وعفوية وصدق ومكاشفة جريئة كأنه عمل من دون سكريبت أو توجيهات او حتى بروڤات
ألوان الملابس واضحة لتعبر عن الحالة النفسية لكل منهم فكان الأزرق والأحمر
و الأصفر والبني والأسود ألوانا صريحة ومباشرة .
في إشارة أن الحياة تحتمل كل هذا التنوع والإختلاف …
شكرا لفريق العمل الذي اتقن الأدوار بحنكة وهدوء وبراعة وتلقائية .. أصحاب ولا أعز .. خسوف القمر ووضوح الشمس…