تنتشر أقاويل كثيرة هذه الأيام ليس بين المواطنين أو الوافدين بل فى جميع الأوساط الاقتصادية السعودية عن نية المملكة تحرير سعر الريال السعودى أمام الدولار أو فيما يعرف بالتعويم ، مثلما حدث للجنية المصرى ، فهل سيحدث ذلك خلال الفترة القريبة أم سيتم تأجيله بعض الشىء هذا ما ننتظر الرد عليه
وقد قال المحلل الاقتصادي، عضو الجمعية السعودية الاقتصادية “محمد شمس” ان الأقاويل والاقتراحات تكثر هذه الأيام بالمطالبة بخفض سعر الريال مقابل الدولار بافتراض ان هذا سيؤدي إلي زيادة السيولة النقدية وتشجيع الاستثمارات الأجنبية، وللأسف هذا الافتراض يغفل وضع التركيبة الاقتصادية لمكونات الناتج الوطني الإجمالي للاقتصاد السعودي الذي يتكون معظم استهلاكه من السلع والخدمات من الواردات الأجنبية.
وأضاف شمس “انخفاض سعر الريال السعودي يعني زيادة عدد الريالات لكل دولار فإذا كنا نستورد كيلو الأرز بدولار مثلا أي بسعر 3.75 ريال للدولار فإن انخفاض سعر الريال بنحو نصف ريال مثلا فسيكون سعر كيلو الرز الآن 4.25 ريال، وإذا طبقنا السعر الجديد علي جميع الواردات من الخارج فالنتيجة هي ارتفاع كبير في أسعار الواردات وكذلك أسعار السلع والخدمات المصنعة محليا والتي تستخدم مواد أولية وعمالة أجنبية مستوردة بما فيها الصادرات الغير بترولية، فإن معدل التضخم سيرتفع و يسبب انخفاض في القوة الشرائية لدخل المواطن السعودي والذي تعرض بالأمس لخفض الدعم على بعض السلع والخدمات”.
وأوضح شمس أن قيمة استهلاك السلع والخدمات تمثل 59 % من الناتج الوطني تبلغ نحو 1.6 ترليون ريال سعودي ومعظم هذا الاستهلاك يأتي من الواردات التي بلغت قيمتها نحو 958 مليار ريال أي 255$ مليار، وانخفاض سعر الريال سيؤدي الي ارتفاع قيمة هذه الواردات، لذلك فإن من يزعم أن انخفاض سعر الريال مقابل الدولار سيسبب زيادة في السيولة النقدية فالرد عليه بالقول أن ارتفاع معدل التضخم سينتج عنه انكماش كبير في القوة الشرائية والذي سيبعد المستثمرين المحليين والأجانب عن الاستثمار في الاقتصاد السعودي، بالإضافة إلي أن نسبة الزيادة في السيولة النقدية الناجمة عن انخفاض سعر الريال مقابل الدولار لن يقابلها زيادة في الناتج الوطني على المدى القصير والمتوسط.
واضاف: “انخفاض سعر الريال سيضر بسوق الأسهم السعودي لان ارتفاع معدل التضخم سيخفض من القوة الشرائية لأرباح المساهمين ويخفض اسعار الاسهم مما يقلل التأثير الإيجابي لدور الارباح في رفع المستوى المعيشي للمساهمينWealth effect مما يؤدي الي هروبهم من السوق، بالإضافة الى أن انخفاض سعر الريال سيزيد من اسعار الصادرات الغير بترولية ويجعلها اقل تنافسية في الاسواق العالمية لأن معظم صادراتها تعتمد في تصنيعها محليا علي مواد أولية ووسيطة مستوردة وتعتمد على عمالة من الخارج، وفي جميع هذه الحالات فإن معدل التضخم سيأثر عليها سلبيا”.
أما بالنسبة لتأثير انخفاض سعر الريال على العمالة الأجنبية البالغ حجمها 8.5 مليون عامل بالقطاع الخاص في مختلف المهن الهامة والتي لا يمكن تعويضها بسهولة على المدى القصير والمتوسط فإن العامل الأجنبي سيخسر عند تحويل جزء من دخله للخارج بانخفاض سعر الريال مما يقوده بطلب زيادة راتبه لتعويض خسارة فرق العملة او الاستقالة مما يزيد عبئ ارتفاع معدل التضخم على الاقتصاد السعودي.
واختتم شمس كلامه قائلا: “أرى في الوقت الحاضر وخاصة في الظروف الاقتصادية والسياسية التي تمر بها المملكة ان يستمر سعر الريال مقابل الدولار كما هو ، تجنبا لمخاطر ارتفاع معدل التضخم وما يتبعه من تأثيرات سلبية”.