لماذا عمر سليمان ؟
الإدارة الأمريكية أرسلت إلى القاهرة عقب ثورة 25 يناير2011 مبعوثًا خاصًا لمقابلة مبارك هو السفير فرانك ويزنر، والمعروف عن ويزنر أنه دبلوماسي من المدرسة الكلاسيكية الحريصة على العلاقات المصرية الأمريكية لأهميتها في ملف المصالح الأمريكية بالشرق الأوسط، ومن أصدقاء مبارك القدامى على ضوء أنه شغل منصب سفير واشنطن بالقاهرة لسنوات، ورغم أنه حمل رسالة من الرئيس الأمريكي إلا أنه كان متسقًا مع رؤية هيلاري بأن التنحي الفوري لمبارك قد يؤدى إلى مشاكل إقليمية جمة.
سمحت هيلارى للسفير الأمريكي المخضرم بأن يحضر جلسة ميونخ السرية عبر قناة تلفزيونية، وقدم لزعماء الغرب تقريرًا مطولًا عن انطباعه الشخصي عقب مقابلته مبارك في القاهرة، وقدم توصية بالبقاء على مبارك في السلطة مع تفويض الصلاحيات لنائبه والبدء في رعاية انتقال سلمي للسلطة.
وتحدثت هيلاي، بحسب الوثيقة ))رقم C05778953 التابعة لحقيبة الوثائق رقمF-2014-20439 الخاصة بالخارجية الأمريكية،((قائلة إن استقالة مبارك الفورية الآن تعني إجراء الانتخابات الرئاسية بحسب الدستور المصري خلال شهرين على الأكثر، وهو أمر لا يخدم زعماء المعارضة الموجودين في السجون، وأنه يجب السماح للمعارضة بتشكيل الأحزاب أولاً وخروج قادتها من السجن ثم عقد انتخابات برلمانية ورئاسية، وأن وجود مبارك دون صلاحيات هو الحل لهذا المأزق الدستوري.
هيلارى تتحدث عن تمكين الإسلاميين
الملاحظ في حديث كلينتون أنه في ذلك الوقت لم يكن هناك في السجون إلا قادة الإسلام السياسي، سواء تنظيم الإخوان وعلى رأسهم خيرت الشاطر أو عناصر الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد خاصة قتلة الرئيس الراحل محمد أنور السادات كما أن الإسلاميين هم التيار الوحيد وقتذاك الذي كان بلا أحزاب على الساحة الحزبية المصرية، ما يعني عمليًا أن هيلاري كانت تتحدث بشكل صريح حول تمكين الإخوان والمشروع الإسلامي وحتمية الصبر على مبارك بدلًا عن اجراء انتخابات سريعة لا تؤدى إلى تولي الإسلاميين السلطة!
وقالت هيلاري بحسب الوثيقة أن ضغوط أمريكا لتنحي مبارك الفوري سوف تغضب حلفاء الغرب في الشرق الأوسط الذين سوف يشعرون بأن واشنطن تبيع حلفاءها بشكل فوري، وأن بقاء مبارك لمرحلة انتقالية سوف يهدئ مخاوف إسرائيل والسعودية من رحيله الفوري والدور الأمريكي في هذا الرحيل.
أوباما ومستشاروه التقدميون رأوا أن قبول أمريكا ببقاء مبارك في المرحلة الانتقالية يعني خزلان أوباما وأمريكا للشباب العربي الثائر والذي وعدهم –بنص الوثيقة – أوباما بدعمهم في خطابه بجامعة القاهرة عام 2009.
وقال أوباما بحسب الوثيقة إن الوضع المتقلب والسريع في القاهرة سوف يساعد على نشر النفوذ الأمريكي، في تماهٍ مدهش مع استراتيجية الفوضى البناءة التي وضعتها كونداليزا رايس.
وتكمل الوثيقة أن أوباما غضب من تفاصيل منتدى ميونخ، ولم يستمع إلى نائبه جو بايدن الذي رفض صراحة استخدام الإعلام أو الدبلوماسية الأمريكية لقب ديكتاتور على مبارك قائلًا إن مبارك لم يكن ديكتاتورًا، وطلب من المتحدث باسم البيت الأبيض أن يكون واضحًا ويكرر جملته الشهيرة “الآن يعني الآن” في إشارة إلى رغبة البيت الأبيض في استقالة فورية للرئيس المصري.
وتشير الوثيقة إلى أن رؤية أوباما هي التي انتصرت رغم معارضة الخارجية الأمريكية وهيلاري كلينتون وأغلب دول أوروبا وحلفاء واشنطن لفكرة التنحي الفوري لمبارك، وأن أوباما كان يري أن مرحلة تسلم الإخوان للسلطة يجب أن تبدأ فورًا من اجل بدء مرحلة الفوضى الخلاقة وتعزيز الأجندة الأمريكية عكس كلينتون التي كانت تريد مرحلة انتقالية يقودها مبارك قبل تولي الإخوان وبدء مرحلة الفوضى الخلاقة.
تنحى مبارك
وحينما تواترت أنباء عن تنحي مبارك يوم 10 فبراير 2011، استبق أوباما خطاب مبارك وتحدث في خطاب مفتوح إلى الشباب الأمريكي بالقول” إن هناك حادثًا منتظرًا في القاهرة خلال الساعات المقبلة سوف يكون له نفس وقع سقوط سور برلين ولكن في الشرق الأوسط هذه المرة”.
تتناول الوثيقة رقم C05778641 ضمن حقيبة الوثائق رقم F-2014-20439 بالخارجية الأمريكية، تفاصيل الوفد الأمريكي في منتدى ميونخ الأمني عام 2011، مشيرة إلى أن الوزيرة كلينتون روجت بنشاط إلى فكرة الرئيس بالإنابة عمر سليمان ودوره في قيادة مرحلة انتقالية هادئة تفضي إلى “تسلم السلطة إلى نظام صديق”.
وأشارت كلينتون في كلمتها بالجلسة السرية أن هناك مفاوضات بين سليمان والجماعات المعارضة من أجل الذهاب إلى انتخابات عامة في سبتمبر 2011، وأنه من الأفضل توفير خروج مشرف لمبارك من السلطة.
وبحسب التقرير فإن الوزيرة كلينتون تجنبت أسئلة ملحة من الحاضرين حول “هوية البديل” الأمريكي حال خروج مبارك وسليمان من المشهد، وقد أيدها رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون مما يدل أن هناك تنسيقًا أمريكيًا بريطانيًا حول مستقبل يناير 2011 حيث اكتفى كاميرون بدعم رؤية كلينتون بالقول “إن إدخال الديمقراطية في مصر بين عشية وضحاها من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار، وأنه يجب تشجيع تطوير المجتمع المدني وإنشاء الأحزاب السياسية قبل إجراء الانتخابات البرلمانية, وبحسب الوثيقة دعمت كلينتون قول كاميرون وأضافت: التحدي هو “مساعدة شركائنا” على اتخاذ خطوات منهجية للدخول في مستقبل أفضل.