كنيسة بدون أسرارها المقدسة لا ترضي قلب الله! كنيسة بدون مذبح وذبيحة حقيقية من جسد ودم عمانوئيل إلهنا
وخدمة كهنوتية لمذبحه المقدس لا تصلح لأن تكون كنيسة الله التي إقتناها بدمه«أع20: 28».
سر الكهنوت هو تاج الأسرار الذي يتمم به الله باقي الأسرار المقدسة وننال مواهب وعمل الروح القدس فينا. سر قديم منذ كاهن الله العلي ملكي صادق” تك14″ وذبيحته التي ترمز لذبيحة الصليب، فالصليب مذبحنا وفوقه إلتقيَّا سريِّ الكهنوت و ذبيحة الإفخاريستيا الحيَّة، فيسوع هو رئيس كهنتنا الأعظم:« فَإِذْ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ عَظِيمٌ قَدِ اجْتَازَ السَّمَاوَاتِ، يَسُوعُ ابْنُ اللهِ»« عب4» والذي صار ذبيحتنا الحقيقية «لأَنَّ فِصْحَنَا أَيْضًا الْمَسِيحَ قَدْ ذُبحَ لأَجْلِنَا»«1كو5: 7»
ولأنه الكاهن والذبيحة فهو من يقدم لنا ذبيحة جسده ودمه الأقدسيين بيديه المباركة في كل قداس إلهي، فكيف يقدم لنا ذبيحة رمزية غير حقيقية كما يدعي المعترض على أسرار الكنيسة؟! أليس هو من قال:«هذَا هُوَ جَسَدِي ،،هذا هو دمي،، أنا هو خبز الحياة… أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء،، جَسَدِي مَأْكَلٌ حَقٌّ وَدَمِي مَشْرَبٌ حَقٌّ..» فإن كان المسيح هو الخبز الحيّ النازل من السماء وجسده و دمه مأكل ومشرب حق فكيف للذبيحة الحقة أن تصير ذبيحة رمزية؟!
حلول الروح القدس على سر الإفخاريستيا هو حلولاً حقيقياً، لأن عمل الروح القدس في إستحالة الخبز وعصير الكرمة لجسد ودم المسيح إلهنا هو سراً إلهياً حقيقياً ومفيش مؤمن حقيقي بكنيسة الأسرار يدعي أنه حلولاً رمزياً! لأن بتناول جسد الرب ودمه الحقيقيين ننمو تدريجياً إلى قياس قامة ملء المسيح حين يثبت فينا للأبد إن إتحدنا فيه في التناول من أسراره المقدسة، ونعمة الثبات في المسيح ليست عملية إتحاد رمزية بل هي من صميم عمل النعمة لمواهب الروح القدس الذي يحل في ذبيحته حلولاً حقيقيا لا ريبة فيه، فالروح القدس لا يحل في ذبيحة رمزية بل يستحيل الرمز لحقيقة من خلال وسائط مادية هما الخبز وعصير الكرمة.
فهل يجرؤ أحداً أن يدَّعي أننا نأكل خبزاً ونشرب عصير كرمة كرمزيين بعد إستحالتهما بحلول الروح القدس فوق مذبح الرب ؟!
إذن هذه الذبيحة التي نشترك فيها وتوحدنا في جسده الأقدس الواحد إستحالة أن تكون ذبيحة رمزية كما يدَّعي من لا يؤمن بالأسرار المقدسة وبخدمتها الكهنوتية، من هنا تؤمن كنيسة الأسرار بالعالم أجمع بإستحالة الخبز وعصير الكرمة إلى جسد ودم حقيقيين لا ريبة فيهم:«لأن جسدي مأكل حق ودمي مشرب حق»
فإن كانت الكنيسة هي جسده المقدس الذي يستعلن بوضوح في سر الإفخارستيا: « كأس البركة التى نباركها، أليست هى شركة دم المسيح؟، الخبز الذى نكسره، أليس هو شركة جسد المسيح؟» «1كو 10: 16»
فكيف لشركة جسد المسيح أن تصير شركة رمزية؟! فعندما تكون جماعة المؤمنين بالكنيسة هم أعضاء جسده المبارك فالإفخارستيا هو السر المقدس الحقيقي الذي يجمع المؤمنين إلى جسد واحد أقدس ليصبحوا شركاء الجسد الواحد:« فإننا نحن الكثيرين خبز واحد، جسد واحد، لأننا جميعنا نشترك فى الخبز الواحد»«1كو 10: 17»
– النقطة الثانية هي إنتقادهم لسر للكهنوت، يقولون أن كهنوت لاوي إنتهى بمجرد أن أخذ شعب اليهود ناموسهم عليه ولا حاجة لنا بكهنوت.
أما كهنوت العهد الجديد على رتبة ملكي صادق فقد صار للسيد المسيح فقط بوصفه رئيس الكهنة الأعظم وليس كهنوتاً على رتبة هارون، أما كهنوت البشر فقد إنتهى ولسنا بحاجة لكهنوت الكهنة ؟!
في الحقيقة هناك نوعين من المعترضين من إخوتنا خارج كنيسة الأسرار، المعترض الأول: يقول أن المسيح وحده هو كاهننا الأعظم ولا كهنوت يميز بين المؤمنين لأن الجميع متساوي أمام الله.
والمعترض الثاني: يرى أننا جميعاً نحمل كهنوت ملوكي ولم يميز الله ويفرز أحداً ليصيِّره كاهناً على جماعة المؤمنين الذين هم شعب كنيسته!
أريد فقط أن أوضح أنه طالما إعترفتَ بأن هناك رئيس كهنة أعظم هو رب المجد يسوع كما قال الإنجيل، إذاً لابد أن يكون هناك كهنة من البشر هو يرأسهم. أما من يدعي أن كل المؤمنين كهنة بكهنوت ملوكي، ما كان الله يفرز له «وكلاء لسرائره وخُدام لمسيحه »« اكو4: 1» ؟! بل كيف يأمر الله بخدمة الكهنوت من سبط لاوي وليس كل اللاويين بل فقط بيت هارون أبو الكهنة ثم يعود ثانية ليمحو الكهنوت بعهد النعمة الجديد؟!
الرب الإله بالعهدين إله واحد بلا تغيير ولا يغير وصاياه ولا شريعته! هكذا ربط بولس الرسول بين وظيفة الكهنوت بعهد النعمة الإنجيلي بكهنوت هارون، وأن الكهنوت وظيفة لا يتخذها الإنسان بنفسه بل المدعو من الله:« وَلاَ يَأْخُذُ أَحَدٌ هذِهِ الْوَظِيفَةَ بِنَفْسِهِ، بَلِ الْمَدْعُوُّ مِنَ اللهِ، كَمَا هَارُونُ أَيْضًا»«عب5: 4»، أليس في إفراز الله للكهنة الذين يحملون مسئولية هذه الوظيفة هو إمتداد لكهنوت هارون فوق مذبح كنيسته؟! و إن كان كهنوت هارون قد إنتهى فكيف لبولس أن يقارن بينه وبين إفراز الله لخدام كهنوته بالعهد الجديد ويحذر ممن يتخذون الكهنوت لأنفسهم بدون أن يدعوهم الله لهذا؟!.
إن كنا أمام الله متساويين كأبناء الله في الإيمان والنعمة أما فيما بيننا لبعضنا البعض فنحن غير متساويين، لا في الإختصاصات ولا المسئوليات ولا في مواهب الروح القدس لأن مواهب النعمة تُعطى بحسب القامة الروحية وتقبل الإنسان لعمل الروح القدس فيه فبحسب تقواه وصلاحه وإلتصاقه بالله يعمل الروح القدس فيه، والذي على أساسه يفرز الله للكهنوت أشخاص ميزهم برئاسات كهنوتية وأعطاهم سلطان الخدمة، كما إختار المسيح وأفرز تلاميذه لإرساليات الخدمة في القرى المحيطة و بعد قيامته أعطاهم سلطان الخدمة ونفخ في وجوههم أن يقبلوا هذا السلطان.
فلا يعقل أن نقتطع آية واحدة ونفسرها كيفما شِئنا ولا نفهمها في ضوء باقي روح تعاليم العهدين والوصايا الإلهية، مثلما يتخذ المعترضين في رفضهم هذه الآية حُجّة ضد سر الكهنوت:« وَجَعَلَنَا مُلُوكًا وَكَهَنَةً للهِ أَبِيهِ»«رؤ1: 6» و بأن جميع المؤمنين هم كهنة لله الآب؟! فهل يوحنا يُقصد بها أننا جميعاً ملوكاً بالمفهوم الحرفي كما إتخذوا قوله “وجعلنا كهنة” حجة لهم بحرفيتها ؟!.
الله لم يقدَّس المؤمنين ملوكاً على الأرض كما لم يجعلهم جميعاً كهنة بالمعنى الحرفي كما يدعون! فالآية تعني أن الله إختار وإقتنى له شعباً وقدسهم كأمة مقدسة مقتنية كما أوضح بطرس الرسول:« وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجِنْسٌ مُخْتَارٌ، وَكَهَنُوتٌ مُلُوكِيٌّ، أُمَّةٌ مُقَدَّسَةٌ، شَعْبُ اقْتِنَاءٍ»«1بط2: 9» وقد إقتبسها بطرس من سفر الخروج:« وأنتم تكونون لي مملكة كهنة وأمة مقدسة» «خر19: 6» فلم نجد شعب اليهود صاروا جميعاً كهنة تبعاً لهذه الآية بل إختار الله منهم سبط لاوي وليس جميعهم بل بيت هارون وبنيه فقط ليقدموا الذبائح ويرفعوا البخور:«وأخذ أيضا منهم كهنة ولاويين»«إش66: 21».
فلم يجرؤ أحداً من ملوك العهد القديم أن يأخذ من بني هارون خدمة الكهنوت! فالكهنوت الملوكي لجميع المؤمنين يقصد به الميراث الروحي والنصيب الملكوتي والأجر السماوي لهذا الشعب الذي إقتناه وقدسه له و ليس لمُلكاً كهنوتاً أرضياً!.
وإلا فليقل لنا رافضي الكهنوت لماذا منح السيد المسيح تلاميذه دون عامة المؤمنين سلطان غفران الخطايا بعُليِّة صهيون؟!« ولما قال هذا نفخ وقال لهم: اقبلوا الروح القدس،من غفرتم خطاياه تغفر له، ومن أمسكتم خطاياه أمسكت»«يو20: 23» فإن كان يقصد أن يمنح هذا السلطان لجميع المؤمنين فلماذا لم يفعل هذا مثلاً بإجتماع عام لجميع المؤمنين كما ظهر للخمسمائة أخ قبل صعوده”«كو15: 6»! فما منحه لتلاميذه من سلطان المغفرة والحلِّ والربط هو من سلطة الكاهن الآن وليس لجميع المؤمنين، كما منح الأحد عشر تلميذ كذلك سلطان تعميد
المؤمنين:« اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم بإسم الآب والإبن والروح القدس..»«مت28: 19».فإن لم يكن الكهنة هم من يخدمون سر معمودية المؤمنين فمن يقوم بخدمة هذا السرِّ؟!
الكهنوت دعوة وإفراز وإرسالية من الله للبعض وليس لكل المؤمنين، فلسنا جميعاً نستطيع أن نقوم بسلطان تعميد جماعة المؤمنين ولا أن نقوموا بالحِلّ والربط والصلاة لأجل أن يغفر السيد المسيح الخطايا بل من أفرزهم الله لخدمة كهنوتية سرائرية، وكما يقول بولس:« لأن كل رئيس كهنة مأخوذ من الناس لأجل يقام لأجل الناس في الله لكي يقدم قرابين وذبائح عن الخطايا…ولا يأخذ أحد هذه الوظيفة بنفسه بل المدعو من الله كما هارون أيضاً»«عب5 :1، 4».. فقوله«رئيس الكهنة المأخوذ من الناس» توضح أن ليس جميع الناس بكهنة، فالنص يقطع الكهنوت لمدعوين عيَّنهم الله كما سبق و إختار هارون أيضاً، فهل كان يتجرأ داود النبي والملك وهو مسيح الرب، أن يكهن ويقدم ذبيحة كما فعل بنى هارون؟! وهل يغير الله كلمته ويبدلها؟! الله« ليس عنده تغيير ولا ظل دوران»«يع 1: 17»
كذلك يقول بولس« لأنه يجب أن يكون الأسقف بلا لوم كوكيل الله»«تيطس1: 7» ،فالآيات تحدد إشتراطات ومواصفات للكهنة والأساقفة والرئاسات ليكونوا وكلاء الأسرار الإلهية كما قال بولس، وكذلك هم«الرُعاة»« الروح القدوس الذي أقامكم أساقفة لترعوا كنيسة الله التي إقتناها بدمه».
فالأساقفة رتبة كهنوتية رئاسية كوكلاء الله أفرزهم له منذ عهد الرسل، فهل هناك أسقف بدون كهنة يرأسهم؟! وطالما وجدت إختصاصات ومواصفات وإفراز للخدمة كوكلاء الله، إذاً ليست سلطات الكهنوت و رتبه لجميع المؤمنين كما يدعي المعترض !. فملائكة الله نفسها متساوية في نظر الله ولكن لكل منها سلطته وإختصاصاته، فكيف نرفض نحن ما سبق فعيَّنه الله للإنسان؟!
الكهنوت هو تاج الأسرار المقدسة لأن بدونه لا يمكن أن ننال مواهب ونعم وعمل الروح القدس، وعندما يوصي السيد المسيح تلاميذه:« اصنعوا هذا لذكري» فلابد من إفراز وتعيين كهنة ليصنعوا هذا السر المقدس لذكره! حتى أن بولس أالرسول وصف نفسه بأنه كاهن للمسيح:« حتى أكون مباشراً لأنجيل المسيح ككاهن»« رو 15 : 16»
فالتلاميذ و الرسل كانوا كهنة و رؤساء كهنة وشمامسة كإستفانوس أول شهداء المسيحية، و رسموا كهنة الكنيسة الأولى ليقدمون ذبيحة عهد جديد كوصية الإنجيل:« لأن كل رئيس كهنة ، يقام لكى يقدم قرابين وذبائح.» « عب 8 : 3 ».
فإن لم يكن هناك كهنوت فمن ذا الذي يقدم هذه القرابين والذبائح؟! والسؤال عن أي الأزمنة تنبأ ملاخي في التوراة بكهنوت الشعوب والأمم:« ولا أقبل تقدمة من يدكم.
لأنه من مشرق الشمس إلى مغربها إسمى عظيم بين الأمم. وفى كل مكان يقربون لإسمى بخوراً وتقدمة طاهرة.لأن إسمى عظيم بينالأمم»« ملاخي 1 : 11»،وأيضاً بسفر إشعياء يقول الوحي:«ويحضرون كل إخوتكم من كل الأمم تقدمة للرب.. واتخذ أيضًا منهم كهنة ولاويين قال الرب»«إش 66: 19 – 21»،فلم نقرأ بالتوراة كلها أن الرب إتخذ له كهنة للتقدمة والذبائح من بين الأمم! فإن كان كهنوت هارون لشعب واحد فقط خص به الله بني إسرائيل – وإنتهى كما يدَّعون- فمن هؤلاء الذين سيقدمون بخورهم و تقدماتهم وذبائحهم بين الأمم سوى كهنوت مذبح الكنيسة في العهد الجديد؟! إذن إدعائهم بأن السيد المسيح هو الكاهن الوحيد في العهد الجديد هو إدعاء لا يستند على وحي كتابي بل هو تعليم ضد مقاصد الله ويخالف تعاليمه و وصاياه لنا.
وإن كان رئيس الكهنة هذا مُنتقى من وسط جماعة المؤمنين و مفروز لخدمتهم وتقديم ذبيحة عنهم وبالتأكيد طالما هو رئيس إذن فهناك كهنة من البشر يرأسهم . و رئيس الكهنة هذا بالتأكيد يختلف عن السيد المسيح الذي هو رئيس الكهنة الأعظم والذي قدم نفسه ذبيحة « بدم نفسه »« عب 8 : 12» و « ليبطل الخطية بذبيحة نفسه »« عب 9 : 26» والمسيح لم يصر كاهناً أعظم لأنه قدم نفسه ذبيحة كفارية، بل لأنه« الكاهن إلى الأبد» كما قال الإنجيل« عب7: 3، 21، 24» وأوصى أن يصنعوا هذه الذبيحة لذكره من جيل فجيل، فمن ذا الذي يصنع هذه الذبيحة المقدسة إلا بأيدي كهنته و رؤساء كهنته و وكلاء سرائره ؟!.