بقلم : أميرة حسنى
ارتبط ذكر الحيوان بالانسان في بعض قصص كتاب الله او حكايات من التاريخ مثل كلب اهل الكهف وحوت يونس وثعبان كيلوباترا وايضا ذئب يعقوب
الذئب الذي اتهمه اخوه يوسف الصغير بانه اكله لتكتمل القصه الكاذبه على ابيهم النبي يعقوب.
ربما يستفز البعض قائلين انه لم يحدث انه الذئب اكل يوسف وانه ثبت ان اخوه يوسف القوه في البئر العميق ليتخلصوا منه حقدا عليه من شدة حب ابيهم النبي يعقوب الصغير
لكن اذا نظرنا للموضوع من جانب اخر سنرى في سياق القصه بانه بالفعل يوجد ذئب حقيقي ولكن لا احد يراه هذا الذئب هو المسئول الاول عن ما حدث وما يحدث الان ولكن لا احد يراه تماما كذئب يعقوب.
الذئب الحقيق هو الكراهية التي يصاحبها الشعور بالحقد وهي بمثابة النار التي تأكل صاحبها تعميه عند فهم الحقيقه وتلغي عقله حتى في التدبير للشر وفي النهاية يكون المصير المحتوم بان طريق الشر يؤدي بصاحبه للهاوية.
ربما كان ليفضل نبي الله يعقوب ليوسف الصغير لان والده يوسف واسمها راحيل كانت تاخرت في الانجاب لفترة من الوقت الذي كانت شقيقتها ” ليا ” انجبت اربعة من الاولاد ولهذا اهدته جاريتها “بلهى فانجبت وبالتبعية اهدت ” ليا ” خالة يوسف وزوجة النبي يعقوب جاريتها ” زلفى ” فانجبت ايضا واصبحت راحيل فقط هي التي لم تنجب على الرغم من انه حسب ما ذكر في التفاسير انها كانت احب زوجات النبي يعقوب واقربهم الى قلبه وهذه العواطف ليس لنا سلطان عليها.
ولما اشتد الحزن براحيل دعت الله ان يرزقها بصغير يعوض حرمانها بين اختها وجاريتها وكان الله رحيما فقدر لها ان ترزق بيوسف ثم بنيامين الشقيق الاصغر ليوسف من نفس الام ” راحيل ” ولكن اقدار الله تختلف وربما تأتي على غير هوانا فتوفيت الام في ولادة بنيامين ولم يسعها الزمن للفرح بطفليها ولا الاستمتاع باحساس الأمومة التي افتقدته وربما لان يوسف الصغير كان يشبه جده النبي يعقوب السيدة ” سارة ” فكان يدلله كثيرا ويحب قربه ولكن هذا لا يمنع ابدا ان نبي الله يعقوب انه يحب كل ابنائه فالوالدين حب ابنائها يظل في قلوبهم بل ويزداد مع العمر وهو حب غريزي وفطري يضعه الله في قلوبهم حتى قبل ولادتهم .
ولكن كما ذكرت بان الذئب الحقيقي الذي لم يفترس يوسف الصغير ولكنه افترس قلوب اخوته بغير علم وافترس قلب ابيهم على فراق صغيره الذي لم يهنأ برعاية امه ولا دلال ابيه.
طوال سنوات اختلف المفسرين ما بين اربعين وسبعين عاما الفراق حتى جمع الله شمل الجميع مره اخرى.
كل هذه السنوات وذئب الكراهية والفهم الخاطئ والاستسلام لشرور النفس ووسواس الشيطان قتلتهم وقتلت قلب النبي يوسف ومن سنوات عمره الضائعه في الحزن ومن غضب الاب على اولاده
وفراق شمل اسرة كبيرة ينعي الاب كل يوم فراق صغيرة ويشكوا الى الله همه وحزنه على هذا الذئب الذي اضل طريق اولاد واعماهم عن فهم حقيقة حب النبي يعقوب لابنه الصغير حتى دبت الكراهية اعماهم عن تمزيق رداء يوسف الصغير قبل ان يروا لأبيهم كذبتهم فطبعا لم يفطنوا ان الذئب اذا افترس فلا بد ان يمزق قميصه اشلاء ولهذا كان حزين النبي يعقوب ليس فقط على فقد ابنه ولكن على بذرة الكراهية التي زرعت في نفوس الابناء من وسواس الشيطان وفكر الضلال وان هذه الكراهية ستكون بداية لطريق التية في الدنيا والعذاب في الاخره وفقد زهوة الحياة التي يفترض انه الله خلقنا لننعم بها بالخير وليس ببث الكراهية في نفوس الاخرين.
ولن اطيل في سرد باقي القصة المعروفة للجميع من ان الله لم يغفل عن تكريم الصغير يوسف من فقده لابويه وحرمانه من اخوته الذي يحبهم ولا يحبونه فاكرمه الله بحسن الخلق وكرم النبوه حتى صار في اعلى منزله من حكم مصر بل وخاض اصعب معركة للحفاظ على الحياة فانه واقعة السنوات العجاف السبع.
واما حال اخوه يوسف مع ذئبهم فلا زال يفترسهم من الندم وغضب أبيهم عليهم وبالتالي غضب على حياتهم فاذا صور لهم الذئب الحاقد ان التخلص من يوسف الصغير سيفتح باب الحب لهم من ابيهم فهو كان بمثابة باب من الهم من الحزن والوحدة ورؤيتهم لابيهم الحبيب يتألم ويأن وليس بيده اي حيله سوى الدعاء لله والصبر واحتساب هذا الحزن من باب الابتلاء
فهل كان يتصور اخوه يوسف ان الكراهية والاستسلام للشر والقتل هي طريق المحبة؟؟؟
كم منا يقرأ الان ويسأل نفسه هل ما يفعله في حياته من شرور او كراهية او تحريض على جريمه هل يتصور ان يفلت من عقاب الله ثم عقاب عذاب الدنيا.
هل كان اخوة يوسف يعلموا انهم سيلقوا اخاهم المفقود في البئر بعد كل هذا الشر هل كانوا يتصوروا ان كراهيتهم ستأتي بهم طالبين المساعدة بقليل من القمح ليسد جوعهم ؟؟
لعل السبب قال الله تعالى ” نحن نقص عليك احسن القصص ” فقصة سيدنا يوسف نبي الله عليه السلام كامل متكاملة البدايات والنهايات فكثير من قصص الانبياء انتهى ذكرها عن حد معين او موقف ولا نعلم ماذا اصابهم ذلك ولكن في القصة يظهر الموقف كاملا ويكون للعظة من الدرس ابلغ فائدة
فذئب الكراهية لا يرحم ذئب الحقد لا يبغي على نقاء القلب لا يترك اخضر ولا يابس الا والتهمه
فكم منا يترك انفعالاته وفهمه الخاطئ لبعض الامور واستغلالها بشكل شرير يظن انها تؤدي في النهاية بسعادة وسعادة من حوله
هل من الممكن بدلا ان نترك ذئب الكراهية يفترس قلوبنا ويعمي عقولنا عن الحقيقة نحاول نحن البحث عن الحقيقة بأنفسنا دون الاستسلام فقط لما يدور في عقولنا.
هل لو كان اخوة يوسف سألوا ابيهم واستفهموا منه عن سبب هذا الحب الشديد لكانوا عرفوا السبب وما فقدوا اخيهم وما افترسهم ذئب الكراهية وطبعا لله في ذلك حكمة .
كان من الممكن ان يفعلوا ما يقربهم لابيهم ويجعلهم مفضلين عند ابيهم ايضا ولكن كما قلت ان الذئب الحقيقي الذئب الجاني هو الكراهية والاستسلام وترك هذا الشعور يسيطر علينا في كل حياتنا.
والان في حياتنا المتطورة جدا ولا يجود ذئاب برية تستطيع ان نلصق بها التهم فصرنا اكثر وحشية عن ذئب يعقوب ذئب الكراهية وصار الناس يكيدون لبعض ويشهدون بالزور ضد بعض وربما يصل الامر لجرائم تخص الأوطان وكل هذا بسبب ذئب الفكر الخاطئ الذئب الذي لا يراه احد ويغفل عن انه السبب الحقيقي لكل ما يحدث ..
فيا من تقرأ هذه السطور لا تدع هذا الذئب ينمو بداخلك ويسيطر على افعالك ويزيد قسوة مع الاخرين واذا صادفك امر ما يصعب عليك فهمه وشرحه فلا تستسلم ولا تترك الذئب يفترسك بل افترسه انت بالفهم الصحيح والعلم ببواطن الأمور والرضا بما قسمه لك الله في الحياه فمصائر الناس لا تسير على وتيره واحده وان ربما ما تدبر له اليوم يكون عدوك الغد وربما ما تكيد لهم اليوم تجد نفسك في اشد الاحتياج لهم غدا
وان الشعور بالطمائنينه والسكينه مع من حولك هو افضل انجاز يمكن ان تقوم به في حياتك وان طريق الخير لا بد ان يتم بافعال طيبه ولا تغضب الله وانه لا يمكن ابدا عن طريق الحقد والكراهية الا ان يصل الى سوء المنقلب تماما مثل ما فعل ذئب يعقوب