الخميس , نوفمبر 21 2024
25 يناير

حمادة إمام يكتب : يوم أن هتف الشعب “يا مبارك يا مفلسنا قول عملت ايه بفلوسنا”.”الطريق الى الثورة 2011 الحلقة الثانية

فى 23 يناير 2011، قبل 48 ساعة من ثورة 25 يناير، كان مبارك يحتفل مع وزير داخليته، حبيب العادلى، ورجاله، بعيد الشرطة، وكانت الدولة على موعد فى بدايات 2011، مع تفجير كنيسة القديسين فى الإسكندرية، الذى راح ضحيته أكثر من 20 شهيدًا وعشرات الجرحى، ومرت الأيام سريعًا ليخرج العادلى أمام قيادات الوزارة يوم 23 يناير معلنًا أن تنظيم «جيش الإسلام الفلسطينى»، يقف خلف التفجير، واتهم المواطن أحمد لطفى بارتكاب الحادث.

وقال مبارك، خلال خطابه بالمناسبة نفسها: «ما استمعنا إليه الآن من وزير الداخلية يشفى صدور جميع المصريين، ويضع وساما جديدا على صدور رجال الشرطة ونحن نحتفل بعيدهم».

“القاهرة صباح يوم 25 يناير“بدت الحياة صباح ” يوم الغضب ” عادية فـ 25 يناير عيد الشرطة أجازة رسمية ،الشوارع شبه خالية من المارة ، باستثناء قوات الأمن التي احتشدت بكثافة في ميادين وشوارع القاهرة ، وبعد مرور ساعات واقتراب منتصف النهار ضجت الشوارع والميادين بآلاف الغاضبة المطالبة بالتغيير، واتجه الغاضبون إلى ميدان التحرير ليقضوا يوماً انتهى بعد منتصف الليل ، تخلل ليلة “الحشد الكبير” عددا من المشاهد المتداخلة ”

أمام دار القضاء

أمام دار القضاء العالي ومع حلول منتصف النهار واحتشاد عدد كبير من المتظاهرين على جانبي الطريق انضم مجند امن مركزي إلي الجموع الغضبة الغاضبة واخذ يهتف ضد الحكومة والنظام والداخلية ، وردد المتظاهرين خلفه وأخفوه بعيداً عن أعين قياداته، واستمر الجندي لنحو نصف ساعة بين حشود المتظاهرين ، حتى شك في أن أحد الضباط لمحه وسط المتظاهرين ، فتسلل إلى صفوف الأمن المركزي مرة أخرى

أمام نقابة المحامين

أمام باب نقابة المحامين و في تمام الواحدة ظهرا حاول المئات من المحامين الخروج من نقابتهم للانضمام إلي المتظاهرين ، فأغلق الأمن باب النقابة وضرب كردون امني لمنعهم من الخروج ، وأمام إصرار المتظاهرين قام عددا من ضباط ولواءات الشرطة باستدعاء تعزيزات أمنية لإغلاق باب النقابة ووقف اللواءات والضباط خلف عساكر الأمن المركزي يدفعوهم باتجاه المتظاهرين لمنعهم من الخروج ، ووضعوا أيديهم في ظهور العساكر قائلين “هيلا هوب هيلا هوب شدوا حيلكوا يا رجالة ” وهو ما أدي إلي إصابة عددا من المجندين بحالات إغماء و سقط احدهم وسط المتظاهرين فحمله احد الضباط علي كتفه وسحبه بعيدا لإسعافه

القاهرة عصر يوم 25 يناير

في الوقت الذي انشغل فيه الأمن بحصار المتظاهرين أمام دار القضاء العالي وأمام نقابة المحامين ظهر أيمن نور مؤسس حزب الغد والنائب الوفدي السابق مصطفي شردي ورجل الأعمال رامي لكح والمئات من شباب حزب الوفد وهم يجوبون شارع رمسيس بحركة سريعة ودون أن يتعرض لهم الأمن وتزايدت أعداد المتظاهرين فاتجهوا إلى ميدان التحرير بحركة سريعة لم يستطع الأمن السيطرة عليها ، و أمام عجز الأمن علي ملاحقة المتظاهرين بسبب سرعة حركتهم اتجه نور وشردي ولكح وشباب حزب الوفد إلي كورنيش النيل وبعدها اتجهوا إلي المقر الرئيسي للحزب الوطني وحاصروه لدقائق مرددين هتافات معادية للنظام ورموزه وتوعدوهم باللحاق بالرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي في السعودية

وقبل أن يفرض الأمن كردونا علي مقر الحزب الوطني كان الآلاف من المتظاهرين قد ظهروا عند كوبري قصر النيل فالتحموا بالمجموعة التي تحاصر مقر “الوطني ” وانطلقوا بعد ذلك باتجاه مبني الإذاعة والتلفزيون وحاصروه لدقائق دون أي وجود يذكر للأمن وانطلقوا بعد ذلك إلي حي بولاق ومنه إلي الإسعاف وعاد الجميع إلى ميدان التحرير

من شارع ناهيا ببولاق الدكرور مروراً بشارع جامعة الدول العربية وشارع البطل أحمد عبد العزيز وصولاً إلى ميدان الدقي وفي اتجاه ميدان التحرير تحرك الآلاف في مسيرة حاشدة لم تتمكن قوات الأمن من التعامل معها بسبب اندفاع المتظاهرين وتكرر الأمر في شارع شبرا وإمبابة وباب الشعرية حيث حال اندفاع الغاضبين دون تدخل الأمن ، والتقت الجموع الغاضبة ميدان التحرير حيث اشتبك المتظاهرون مع عدد من جنود الأمن المركزي

وتدخلت مصفحة وسيارة مطافئ لفض الاشتباك فتسلقها احد الشباب وقطع خرطوم المياه ،فيما استولى البعض علي خوذات بعض مجندي الأمن المركزي باعتبارها “غنائم حرب ” على حد تعبير احدهم ،الذي قال “وهم ليه بيضربوا اصحابي ويخلوا دمهم يسيل

المتظاهرون يرفعون آذان العصر

في قلب الميدان والغاضبون يتوافدون من الشوارع المطلة ، اصطفت الصفوف وأقيمت الصلاة على الأرض ، وفي السجود الأول انطلقت القنابل المسيلة للدموع بعد اشتباك المتظاهرين مع الأمن بالقرب من مجلس الشعب فأنصرف البعض عن الصلاة فيما استمر آخرون داعين بكشف الغمة ،وعقب الصلاة توحد الجميع علي هتاف واحد رددوه في لحظة واحدة وبنبرة حادة “الشعب يريد إسقاط النظام ”

وبعد فترة من الهتافات أنقسم المتظاهرون إلي مجموعات منهم من افترش الأرض ومنهم من ظل واقفا ومنهم من لم تتوقف حنجرته عن الهتاف ،جلست مجموعة من الفتيات والشباب في دائرة يتحدثوا عن المعجزة التي تحققت في يوم الغضب وهي من وجهة نظرهم خروج هذا العدد من المتظاهرين ،وفي ركنا آخر تجد منقبة بصحبة زوجها وابنهما الصغير ويمسك بيدهما ويهتفان سويا ضد الحكومة ،وفي ثالث تجد رجل تجاوز السبعين من عمره ذو لحية بيضاء ويرتدي جلابية بيضاء ويتحدث مع مجموعة من الشباب”دي بحيرة واحدة بس من بحيرات مصر تكفي كل المصريين فيرد عليه شاب قائلا ده دخل المترو بس يخلينا نعيش ملوك”.

لجان الإعاشة

وتشكلت لجان إعاشة من شباب المتظاهرين جمعوا مبلغ من المال اشتروا منه بطاطين وسندوتشات ومياه وعصائر ووزعوها على الحضور استعداداً للمبيت في الميدان ، وافترشت بعض العائلات البسيطة اركان الحديقة التي تتوسط الميدان وبدءوا في وضع البطاطين على أجسادهم مع اشتداد البرد وبجوارهم شباب الجامعة الأمريكية وفي أعينهم نظرات تحدي وإصرار علي البقاء ،وافترش شباب اليسار الأرض وغنوا أشعار احمد فؤاد نجم بصحبة نواره ابنته

وأمام اتساع رقعة التظاهرة فكر المشاركون في حيلة لإيجاد مكبر صوت فصعد احدهم فوق احد أعمدة الإنارة وعلق ميكرفون ،حينما بدأ صوت الميكرفون يشق الصفوف صفق الحاضرون بقوة للإذاعة الداخلية التي أنشأها المتظاهرون بأنفسهم وعبر هذه الإذاعة كانت تلقي البيانات والهتافات وصيحات التهليل والتكبير ونقل خلالها أخبار يوم الغضب في المحافظات

تظاهر المئات من الناشطين السياسيين وأهالي شبرا بشارع شبرا مطالبين الرئيس مبارك بالرحيل بالإضافة إلى توفير الحرية لمئات المصريين الذين “سلبت حقوقهم”.

ارحل ارحل زى فاروق … شعبنا منك بقى مخنوق

وهتف المتظاهرون قائلين “ارحل ارحل زى فاروق .. شعبنا منك بقى مخنوق” ، و” يا بن على قول لمبارك الطيارة في انتظارك” ، و” يا مبارك يا مفلسنا قول عملت ايه بفلوسنا”.وحمل المتظاهرون لافتات تطالب بمحاكمة المخربين وتطالب بتوفير حد أدنى للأجور، واجتمع المتظاهرون تحت مطلب واحد وهو التغيير حاملين علم مصر.

وقطع المتظاهرون شارع شبرا الرئيسى، وقاموا بمسيرة من دوران شبرا إلى مسجد البراء ، مما أربك قوات الأمن.

شارك في الوقفة الاحتجاجية بدوران شبرا أحزاب “الجبهة الديمقراطية والعمل والغد والكرامة – تحت التأسيس، وحركات “الاشتراكيين الثوريين و تيار التجديد الاشتراكي ومركز آفاق اشتراكية والحركة الشعبية الديمقراطية للتغيير (حشد) و كفاية و شباب من أجل العدالة والحرية والجبهة الحرة للتغيير السلمي ” بالإضافة لـ”الجمعية الوطنية للتغيير، ومصريات مع التغيير، وحملة دعم حمدين صباحي مرشحا شعبيا للرئاسة ، وحملة دعم البرادعى ومطالب التغيير (معا سنغير) ، ورابطة البرادعى للتغيير ، ورابطة العرب الوحدويين الناصريين”.

“مشهد اليوم الاول”بينما كان مئات الغاضبين مستلقون على الأرض والبطاطين فوق أجسادهم استعدادا للمبيت ،وبينما كانت الإذاعة الداخلية للمتظاهرين توجه المئات إلي سد منافذ الميدان تحسبا لأي هجوم من قبل قوات ، فجأة بدأت السماء تمطر قنابل مسيلة للدموع وكان ذلك إيذانا بأن ساعة الصفر التي حددها الأمن لتفريق المتظاهرين قد بدأت

وفي ثواني معدودة تدافع الآلاف بعيدا عن الميدان بعد ان أصيبوا باختناق نتيجة للغازات الحارقة التي اكتست بها سماء الميدان ،اصيب البعض بحالات إغماء وهربوا إلى الشوارع الجانبية ،وبعد أن زال آثر القنابل أعاد الشباب والفتيات تجميع أنفسهم وانطلقوا في مسيرات في الشوارع الجانبية فطاردهم الأمن ودارت حرب شوارع بين المتظاهرين وقوات الأمن استمرت حتى السادسة صباحا ،واعتقل الأمن المئات ، فيما اشتعلت سيارة شرطة تحت كوبري 6 أكتوبر بالقرب من برج دوحة ماسبيرو ، وتبادل الأمن والمتظاهرون الاتهامات بإحراق السيارة ،

٠

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

قومى استنيرى

كمال زاخر رغم الصورة الشوهاء التى نراها فى دوائر الحياة الروحية، والمادية ايضاً، بين صفوفنا، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.