مدحت عويضة
ودعت مصر الأسبوع الماضي رجلا من أخلص أبنائها، وهب نفسه لخدمة أبناء بلده وأبناء كنيستة كل حياته.
استخدم موهبته لخدمة كل الناس بغض النظر عن دينهم ،وجنسهم ، ولونهم ، ومستواهم الاجتماعي.
كان كسيده يجول ويصنع خيرا.
ولمن لا يعرفه
ولد الأب مكارى يونان في 1 مارس 1934 بأسم صبري يونان عبد الملك في مدينة المراغة بمحافظة سوهاج.
حصل علي بكالوريوس العلوم والتربية عام 1957, ثم دبلوم الدراسات العليا في سنة 1964 ثم حصل علي بكالوريوس الكلية الأكليريكية سنة 1974, رسم كاهنا علي يد المتنيح الأنبا ميخائيل في 18 يوليو سنة 1976, ثم تم نقله بعد عام للخدمة في الكنيسة المرقسية بالأزبكية ، وظل بها حتي نياحته في يوم الثلاثاء 11 يناير سنة 2022 عن عمر يناهز 88 عاما.
كان الراحل مكاري يونان أخر عنقود الموهبين بالروح القدس في كنيستنا الحافلة بتاريخ القديسين.
كان رجل صلاة فلم يكن يهتم بشئ ولا يشغل باله بشئ غير الصلاة والتكريس بأسم سيده.
أمتلأ بالروح القدس فكانت خدمته مثمرة لم يبني مباني ولم يشغل نفسه بعمل أخر غير المهمة التي اختاره لها الله فوهبه الله موهبة شفاء المرضي وإخراج الشياطين ، وكان موهبا في تأليف الترانيم التي سبح بها الله في حياته ، وسبحت معه كل الشعوب الناطقة بالعربية بهذه الكلمات.
كان لا يعترف بموهبة الشعر ولكنه كان يؤمن أن هذه الكلمات تعطي له من الروح القدس.
أنا شخصيا أعتبره رجل ثورة وصاحب مدرسة فريدة ومتفرده في الخدمة, هوجم كثيرا بسبب طريقته ولكنه كان يصر عليها ولا يبدلها ولا يغيرها لأنه يؤمن أن هذا ليس عمله بل هو عمل روح الله.
كان يري أن الله الذي يقوده في حياته ، وفي خدمته ويجب أن يطاع الله أكثر من الناس.
كم أتمني أن تستمر هذه المدرسة ويكون لها تلاميذ أشداء أقوياء في الرب قادرين علي استكمال ما بدأه أبونا مكاري. ولدي ثقه أن كما كرم الله أبونا مكاري في حياته ، وكان بجانبه في كل الظروف التي مر بها سيكرمه الله بعد نياحته وستظهر قداسة الرجل وتملأ العالم.
في سنة 2012 كان أول لقاء لي بأبونا مكارى يونان بدأت الحكاية بتليفون من المتنيح آبرام روفائيل يخبرني أن أبونا مكارى يواجه مشكلة هو وأسرته في الحصول علي فيزا لدخول كندا.
كان وقتها عضو البرلمان الفيدرالي عن دائرة إيرن ميلز بميسيساجا هو بوب ديكارت وكان يشغل منصب مساعد وزير الخارجية. ذهبت للمكتب في هذا اليوم ، ولم أترك المكتب حتي تم الحصول علي التأشيرات بالرغم أن فرق التوقيت بيننا وبين القنصلية في كاليفورنيا كان 3 ساعات إلا أن مكتب بوب ديكارت ظل يعمل بعد ساعات العمل بحسب توقيت تورنتو إلي أن حصل أبونا وعائلته علي التأشيرة وهنا لابد أن أشكر بوب ديكارت ومساعديه وخاصة شاربل باسيل.
وعندما تقابلت معه قال لي أنت مدحت؟ شكرا يا ابنى علي تعبك قبلت يديه وطلبت منه أن يذكرني في صلاته.
ثم دار بيني وبينه حوار صحفي كان هو الأجمل والأعظم في حياتي طلبت منه ان يتعامل معي كصحفي محترف ويعطيني حريتى في الأسئلة ووعدته بأن أكون أمينا في نقل كل حرف.
كان رده خد راحتك خالص يا ابني أنا كتاب مفتوح. وجدت في الأب مكارى يونان الرجل الثوري المنفتح ولكنه رجل عاقل يتمتع بالحكمة والتأني وجدت فيه الأرثوذكسية التي أحلم بها والتي لو طبقت ما ترك شخص أرثوذكسي الكنيسة ولا كان لدينا خوف علي شبابنا.
كان يؤمن بأفكاره ولكن كان يري أن الكثير منها لن يرى النور في هذا الجيل ولا الجيل القادم ولكنه بدأ.
كان يؤمن بوحدة الكنيسة وكان منفتح علي معظم المذاهب المسيحية. وصلي ورنم مع كهنة أنجليين وكاثوليك ومذاهب أخري.
كان عندما يحضر لكندا تمتلأ الكنائس عن أخرها ويبدأ بالترانيم ثم الوعظ ، ثم الترانيم ، ويصفق ويرنم ويسبح سيده بكل فرح وتهليل وسلام.
في المرة الأخيرة مكت فى كندا فترة طويلة ، وكان يختار منزل المتنيح آبرام روفائيل للإقامة والذي سبقه للفردوس بحوالي أسبوعين فقط.
وبالرغم من بقاءه فترة طويله إلا أنه في كل مرة أدخل الكنيسة أجدها ممتلئة عن آخرها.
فقد كان الشعب يحبه بل يعشقه.
طوباك أبي مكارى يونان وألف مبروك عليك الفردوس لقد وصلت للمكان الذى كنت دائما تحلم به وكان قلبك في اشتياق له.
أذكرنا يا أبى في صلواتك أمام عرش النعمة وصلي لأجلنا ولأجل خلاص نفوسنا لقد ربحناك شفيعا لنا أمام عرش النعمة.