منذ أمس ويعيش المصريين سواء داخل مصر أو خارجها مشاعر حزن غامرة لرحيل الأب مكارى يونان ، ذلك الأب الذى يعرفه البسطاء وخصوصا الذين لا يوجد بداخل بلدتهم كنيسة بصعيد مصر ، نجح ابونا مكارى يونان ان يدشن لهم ف كل بيت كنيسة، فهم ينتظرون إجتماعه الأسبوعي يسمعوه بقلوبهم قبل أى شىء أخر ، فتجد المسيحي وغير المسيحي بيذكر اسمه ب” أبونا مكاري”.
أبونا مكاري كان كاهن لكل بيت، لكل طائفة، لكل قلب، كاهن عرف يقدّم تعزية لقلوب كتير مكلومة، كاهن كارز وصوت صارخ.
أبونا مكارى نجح ببساطة حديثه إن يخلق شعب جديد للمسيح، شعب بيؤمن ويعلن إيمانه ف ترنيمة كافية وشافية: “لكن أنا مش من هنا، أنا ليّ وطن تاني”
فليبارك الرّب هذا العمل وليستخدمه الرّوح القدس لبُنيان النّفوس وليتمجّد اسمه العظيم القدوس مع أبيه الصالح والرّوح القدس في كل حين، آمين”سلامًا ونياحًا للكاهن الكارز النّاري #أبونا_مكاري_يونان وعزاءً لكنيسة المسيح.
رحل ابونا مكارى يونان عن عمر يناهز 88 عاما متأثرا بفيروس كورونا ليلحق بزوجته بعد وفاتها بثلاثة ايام متأثرا بنفس الفيروس
وهنا نعرض بعض المحطات فى حياة أبونا مكارى
نشأته
اسمه قبل الكهوت صبري يونان عبدالملك ،ولد بقرية المراغه بمحافظة سوهاج ، حصل على بكالوريوس العلوم والتربية ، 1957 دبلوم في الدراسات العليا ، 1964 بكالوريوس من كلية الكتابية ، سُيم كاهناً فى 18 يوليو 1976 ميلادياً ، خدم في أسيوط لمدة عام تقريبًا بعد رسامته قسًّا، قبل أن يأمر نيافة الأنبا ميخائيل مطران أسيوط بإخراجه من الخدمة من الإيبارشية، بسبب الإختلاف على الطريقة .
فتم إيقافه من الخدمة، وفي القاهرة قام قداسة البابا شنودة بتحويله للمجلس الإكليريكي لمحاكمته (وكان رئيس المجلس الإكليريكي لشئون الكهنة وقتها هو نيافة الأنبا تيموثاوس)، إلا أنه ثار على الحاضرين فتم تحويل الأمر لقداسة البابا، الذي أخبره بدوره أن يتتلمذ على أقوال الآباء.
ثم بعدها طلب منه نيافة الأنبا بيشوي أن يكتب كِتابًا عن المعمودية الأرثوذكسية ليثبت صحة ميوله وعقيدته.
وقال القمص مكارى يونان فى احد لقاءاته قبل الرسامة دعيت للكهنوت في البحيره وقتها قال لي نيافة الأنبا باخوميوس: “البابا شنوده موافق بخدمتك هنا لكن يوجد من يعترض” فتركت البحيره، ودعاني المتنيح الأنبا اثناسيوس أسقف بني سويف وقال لي: “أنت ستكون معي” لكن نصحني البابا شنودة بألا أوافق أن أكون في بني سويف فاستجبت لرأي قداسته.
وكانت هناك موانع شديدة أن أرسم كاهناً على القاهرة من أحد الأساقفة، وسمح الله برسامتي على أسيوط فرسمت كاهناً على أسيوط سنة 1977 ولم أبقى بها مده طويلة، فكانت خدمتي هناك لمدة أيام معدودة برغم أن اختياري جاء باجماع عام من شعب اسيوط.
فرسمت كاهناً في أسيوط وكما قلت حتي آخذ الكهنوت وأرجع به إلى مكاني في الأزبكية.
واضاف بعد رسامتي كانت فترة أسيوط بالنسبة لي صعبة جداً حيث كان نيافة الأنبا ميخائيل شديداً في المعاملة مع الكهنة وصارماً بمعني الكلمة وبالأخص في الوقت.. فمثلاً كان يقول للكاهن أن الساعة الثامنة والنصف تصرف الشعب وترش ماء البركة وانصراف القداس لذا لابد أن يكون كذلك.
فقلت له أوافق أن أتقيد بميعاد القداس، لكن بالليل لا أتقيد بميعاد الاجتماع. وجاء إلى القاهرة، وهنا يقول القمص ” اتذكر ما قاله لي المتنيح الأنبا ميخائيل أسقف أسيوط : إن الله سمح لك بالرسامة في أسيوط لكن مكانك ليس هنا ولذلك فأنت ترجع لمكانك المعين من الله.. وبالفعل أكملت 42 عامًا كاهنًا في القاهرة.
علاقته بالبابا شنودة الثالث
وعن علاقته بمثلث الرحمات البابا شنودة الثالث ، اكد الاب مكارى يونان ليس كان هناك أي خلاف بينهما علي عكس ما أشاع البعض ، قائلا – البابا شنوده تنبأ لي بالكثير من الأمور بحياتي ومنها عدم استمرار رسامتي بأسيوط. وحين شعرت بالظلم والافتراء من قبل البعض والاتهامات الباطلة قابلت البابا شنودة قبيل وفاته وقال لي: بلاش تخوف الناس بعظاتك إن فية حاجات هتحدث.
وأهداني صليب خشب لم أمسك غيره منذ أعطاني إياه وعمل العديد من المعجزات شفاء مرضى ومشلولين و الكثير و الكثير من آلاف المعجزات وكان يعطيني العديد من النصائح الرعوية الخاصة بالخدمة.
وأن البابا طيب القلب جدًا وحنون وعطوف على الفقراء
أما عن زوجته الفاضلة قال
امرأة فاضلة من يجدها ثمنها يفوق ثمن اللألئ.. هذه هي زوجتي الخادمة.. زوجتي سند لي وبهجة لحياتي.. تجلس أمامي في الاجتماعات أجدها مبتسمة ومبتهجة فأتعزى وأفرح، ولو ظهر عليها حزن أضطرب
وحدث ذلك فعلاً أنني مرة رايتها حزينة وكنت قلقاً عليها أثناء الاجتماع وأنا أعظ فإتلخبطت في الاجتماع لأنها لها تأثير كبير في حياتي.. فهي خادمة بمعني الكلمة وهي تصلي أيضا والرب يصنع على إيديها المعجزات فقد تعرضت لسرطان الثدي وكانت في حالة خطيرة وصلت هي للرب وشفيت تماماً.
وكانت زوجته رحلت قبله بثلاثة ايام ولم يعرف أبونا مكارى برحيلها ، لانه كان تحت العناية المركزة ، وظل حتى لحق بها ليكونا معا فى السماء يلتقيان كما عاشا على الارض .
شهرته
ذاع صيته كان مسلمين وأقباط يتزاحمون على حضور اجتماعه بالكنيسة المرقسية ، حيث كانت صلاته لها قوة فى اخراج الشياطين وفك الاعمال ، وكانت لديه شفافية كبيرة من الله ان يساعد فى حل المشكلات، وهو ما جعل التيار المتطرف يحاول تشويه صورته ، وجعل حياته مستهدفه فى بعض الاوقات بسبب ما كان يقوم به من صلوات ويجذب بعض اصحاب المشكلات من المسلمين وكان يقول أبونا مكارى يونان ” سكة المسيح كلها مخاطر وصليب.. لكن هناك فرق بين الصليب الذي يحمله الإنسان والصليب الذي يحمله المسيح مع الإنسان والصليب الذي يحمله الإنسان غير المؤمن.. الصليب الذي يحمله الإنسان المؤمن يحمله المسيح ونحن وراء المسيح الذي يسندنا في حمله الذي يتحمل همومنا ويشيل شيلتنا
الشخص غير المؤمن شايل شيلته العالمية بمفرده.. فبالبُعد عن المسيح تكون السكة صعبة وكلها أتعاب لكن المؤمن يرى أن الحرب لله، وإن كان الله معنا فمن علينا.. السكة مليانة تعب وضيق وألم، لكن معنا من شايل شيلتنا.. “مسيحي خلي وزي ضلي مش بيفارقني معه انا في الضيق أنقذه وأمجده” واى شخص يلجأ الى الله دائما فالشيطان لا يقدر عليه ” “يسقط عن جانبك ألوف وعن يمينك ربوات ولكن إليك لا يقرب الشيطان”
ومن بين عظاته تكلم عن الحسد
قال راعي الكنيسة المرقسية ردا على سؤال ،بعنوان “هل الحسد ذكر فى الكتاب المقدس” وكان رده أن كلمه الحسد ذكرت في الكتاب المقدس في رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية .
وأضاف “يونان” أن الإنسان الحاسد هو شخص شرير يخلو قلبه من المحبة، فالمحبة تتمنى الخير للغير قبل النفس وتابع أن الحسد هو عمل سيء ويعد من أعمال الشيطان لمحاربة الخير والمحبة المتواجد بين البشر والتي منحها الله للبشرية جميعا
ورحل عن عالم الأتعاب بعد حياة حافلة بالخدمة متأثرا بإصابته بفيروس كورونا ومن المقرر أن تقام صلوات تجنيزه بكنيسته الساعة 11 من صباح اليوم عقب القداس الإلهى، بحضور الأنبا رافائيل الأسقف العام لكنائس قطاع وسط القاهرة.
كما كشف الباحث جورج كرم احد الكتاب البارزين فى الِشأن المسيحى بأن كثيريون لا يعلمون إن أبونا مكاري يونان كان قاريء ومتأمل وكاتب فى مجالي التفسير والباترولوجي (علم الآباء)، فالغالبية تربى على عظاته وترانيمه وصلواته ، فمن منا لم يحضر عظة أو كلمة روحية أو تابع اجتماعه الأسبوعي؟! لكن من منا قام بقراءة كتاب؟ خاصّة في الباترولوجي أو التفسير؟
فمن المدهش إن له أكثر من كتاب فى هذا الشأن ، من أهمّهم كتاب موسوعي(الجزء الأوّل مكون من 520 صفحة) تم نشره فى الصوم الأربعيني عام 1984 بعنوان:” الأعماق الرّوحية في القراءات الكنسيّة، الجزء الأول”
قال في مقدمته المتنيح أبونا الأسقف أنبا بيمن أسقف ملّوي:” إن الّذين يتذوّقون حلاوة الرّوح الآبائية لا يطيقون الأجواء الغريبة مهما كان بريقها، فلا يُسَرُّون بالمرتعشين، ولا يُؤخَذون بالمُتشدِّقين باختباراتهم، ولا يَكتفون بالكلمات والأحاديث والنّدوات؛ حياتهم صلاة، وقلبهم لهيب حُبّ ناريّ، وصلواتهم روح وحياة، وعبادتهم خشوع وتقوى وتذلُّل ومسكنة، وسلوكهم عِفّة ونُسكٍ واحتقار لأباطيل العالم
هذا الكتاب محاولة للتأمّل وشرح بعض هذه المقاصد الآبائية، إنّها محاولة جادّة تجمع بين إبراز الجوانب الخلاصيّة والتّطبيقات العمليّة الاجتماعيّة للحياة المعاصرة؛ وقدم جورج كرم التهنئة لأبونا مكاري يونان على الجهد الضّخم الّذي بذله كي تظهر هذه الموسوعة لعالم الطّباعة، وأُطوِّبه في إبراز التعاليم الكنسيّة بروحٍ تقوِّيَّة اختباريّة؛ حتّى لا يَظن أحد أن طابع هذه التّعاليم هو الجفاف أو الجدل والمهاترات العقائديّة…