الجمعة , نوفمبر 22 2024
خريطة داعش

حلم الخلافة الذي يسفك الدماء .

د. ماريان تادرس
هذه الأحداث المؤسفة تجعلنا نعود إلى الوراء للكشف عن جذور هذه الجماعات الإرهابية المسلحة والتي يرجع أصولها لعام 2006م عندما حاول تنظيم القاعدة في العراق بث حرب طائفية بقيادة أبو مصعب الزرقاوي, ثم تغيير اسم التنظيم إلى “الدولة الإسلامية في العراق”. وبحلول عام 2010م صعد أبو بكر البغدادي لدفة القيادة وكان يبلغ من العمر وقتها 39 عاما.


أما عن اسم “داعش” فقد أطلق إعلامياً على الدولة الإسلامية في العراق والشام ، إشارة منهم لتنظيمهم بالدولة أو الإمارة الإسلامية، وكانت نواته الأولى دولة العراق الإسلامية ،أما ولاية داعش السورية فقد تم إعلان تأسيسها في 10 أبريل سنة 2012، بعد بداية نشاط فرع القاعدة في العراق على لسان أميره أبو بكر البغدادي لجبهة النصرة بقيادة أبو محمد الجولاني، ولكن الأخير لم يقبل، فحدث انقسام لتضم النصرة غالبية السوريين المقاتلين معها، وينشق عنها 70% من عناصرها مؤسسين لداعش بقيادة مباشرة من أبي بكر البغدادي ، ويقدر المنشقون المؤسسون لداعش بحوالي 12 ألف عنصر مقاتل تقريبا في سوريا.


والسؤال الذي يطرح نفسه هو من أين يأتي تمويل هذا التنظيم الذي يعد الأغنى على مستوى العالم ؟ أشارت عدد من المصادرالأمنية بالعراق أن تنظيم داعش استولى على 500 مليار دينار عراقي (ما يعادل أكثر من 420 مليون دولار أمريكي) من البنك المركزي في مدينة الموصل بشمال العراق. وأصبحت الجماعة الآن تمتلك نحو ملياري دولار تستخدمها فيما تسميه “الجهاد”. كما يعد النفط ثاني أهم مصدر تمويل للتنظيم من خلال استيلائه على حقول النفط في شمال سوريا و نقله عبر الحدود إلى تركيا .


وتشير الحكومة العراقية بأصابع الاتهام بشأن تمويل داعش من السعودية إذ قال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بشكل مباشر(يوم الثلاثاء 17 يونيو 2014) إنه يحمل السعودية مسؤولية الدعم المالي لداعش .
ويضيف غونتر ماير مدير مركز أبحاث العالم العربي في جامعة ماينز الألمانية DW:” أن الدعم المالي لتنظيم داعش قادم من دول خليجية وفي مقدمتهم السعودية وأيضا قطر والكويت والإمارات”.
ويوضح ماير أن سبب تمويل دول خليجية سنية لداعش هو دعم مقاتلي الحركة ضد نظام بشار الأسد في سوريا. و يرى ماير أن مصدر التمويل الأكبر ليس الحكومة نفسها وإنما “شخصيات سعودية ثرية”.


ويشير عدد من المحللين السياسيين إلى وجود مصلحة لتمويل عدد من دول الخليج كالسعودية وقطر والامارات والكويت , لتنظيم داعش وتتمثل المصلحة في مقاتلة عناصر النظام السوري الطائفي نظرا لان معظم مقاتلي داعش من الطائفة السنية , مما يجعل المصلحة قائمة لتمويل خليجي لهذ التنظيم في بدايته ولكن عندما انحرف التنظيم عن هدفه واصبح يقاتل عناصر الجيش السوري الحر الذي يحصل على تمويل علني من دول الخليج تراجع تمويلهم له.

كما أن هناك مقاتلون كثر من دول الخليج وربما يساهموا بأموالهم في دعم داعش بالمال اللازم لشراء السلاح . وهذا ما اكده تقرير أمريكي بأن الكويتيين من أكثر المتبرعين للجماعات الإسلامية المقاتلة في سوريا , كما أن بعض الدعاة الكويتيين يقومون بإيصال السلاح داخل الأراضي السورية بأنفسهم .


ولكن يتوقع المحللين السياسيين تراجع دعم بعض دول الخليج لهذا التنظيم الإرهابي خاصة وأنه أصبح يشكل خطرا يهدد أمن واستقرار هذه الدول ، وهذا ما كشفت عنه وسائل الإعلام السعودية عندما اعلنت وزارة الداخلية بها عن تمكنها من تفكيك تنظيم إرهابي جديد في المملكة، وذكرت أنها قبضت على «أمير التنظيم» الذي جرت مبايعته، و62 متورطاً في الانتماء إلى التنظيم.

وأشارت إلى أن التنظيم اهتم بعمليات تهريب أسلحة وأشخاص عبر الحدود الجنوبية للسعودية .

وذكرت أن التنظيم بدأ في التخطيط والتنسيق لعمليات إجرامية ستركز على تنفيذ عدد من عمليات الاغتيال لعدد من الضباط وشخصيات تعمل في الدعوة ومسؤولين حكوميين، وتستهدف عدداً من المنشآت الحكومية.


لقد أصبح هذا التنظيم أكثر منظمة إرهابية فعالة في العالم. والآن ها هو يهدد اثنتين من أكبر دول الشرق الأوسط ، وجذب عدداً كبيراً من المقاتلين بلغ عددهم نحو عشرة آلاف شخص ، ليس من سوريا والعراق فقط ولكن أيضا من دول عربية أخرى من ضمنها السعودية والأردن.


هل ستظل الدول العربية في حالة من الإنتظار والترقب لما يؤول إليه الوضع في العراق ؟ ولماذا هم صامتون ولا يبالون لهذا الخطر الذي قد يدمر بلادهم واحدة تلو الأخرى؟ هل هم غير قادرون بالفعل على مواجهة هذا التنظيم بكل نفوذه وقوته المادية والبشرية؟ أم أنهم لا يريدون الخوض في صراعات سياسية غير قادرين على التفرغ لها نظرا لمشاكلهم الداخلية ؟ وإلى متى هم ينتظرون؟ وهل دول الخليج التي أنفقت الملايين لتجهيز هذا العفريت قادرة على صرفه؟ وعلى من سيأتي الدور بعد العراق لينضم إلى حلم الخلافة الإسلامية ؟
وهل سيتحرك المجتمع الدولي لصد أو ردع هذه الجماعات الإرهابية المنظمة ؟
أم سيكتفي بالإدانة والإستنكار؟ وهل سينجح المجتمع الدولي في توحيد صفوفه خلف العراق لحماية المنطقة العربية بأكملها من خطر وشيك قد يدمرها ؟ أم سينتظر وقوع المزيد من الشهداء والقتلى على أرض العراق وغيرها من الأراضي العربية ؟

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

قومى استنيرى

كمال زاخر رغم الصورة الشوهاء التى نراها فى دوائر الحياة الروحية، والمادية ايضاً، بين صفوفنا، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.