الجمعة , نوفمبر 22 2024
أحمد الدسوقى

قصر النيل والخديوى إسماعيل .

بقلم/ أحمد الدسوقى
يعتبر شارع ومنطقة قصر النيل من أشهر مناطق القاهرة، ولشارع قصر النيل تاريخ طويل تحتل جزءا من تاريخ مصر، وبدأ تاريخ هذا الشارع فى عصر القائد إبراهيم باشا ابن محمد على الكبير فى تعمير المنطقة الواقعة الآن من كوبرى أبو العلا شمالا حتى كوبرى قصر النيل جنوبا (منطقة ماسبيرو الآن)، فأمر بتمهيد الأرض كجزء من تجميل الشاطىء الشرقى لنيل العاصمة.

وقد أهتم سعيد باشا عندما تولى حكم البلاد بهذه المنطقة وأنشأ ثكنات للجيش المصرى فى منطقة قصر النيل، وعقب تولى إسماعيل باشا حكم مصر أمر بالتوسع فى تعمير المنطقة الممتدة من شاطىء النيل وثكنات الجيش وكلف كبير مهندسى الجيش على باشا مبارك بتحويل المنطقة إلى واجهة حضارية للعاصمة فأنشأ بها الشوارع والحارات على خطوط مستقيمة وصُممت على جدرانها الأرصفة ومُدت إلى أرضها أنابيب المياه وأُقيمت بها عدة أعمدة مصابيح لإنارتها حتى قال عنها على باشا مبارك أنها “من أبهج أخطاط القاهرة وأعمرها”.


وبعد الإنتهاء من رصف الشوارع والأرصفة أقام الخديوى إسماعيل بمنح الأرض للذين سوف يشيدون المبانى، وكانت المنطقة وقتها تضم شوارع سليمان باشا، قصر العينى، وشارع قصر النيل. وكجزء من خطة التعمير كلف الخديوى إسماعيل شركة فرنسية بإنشاء كوبرى معدنى (كوبرى قصر النيل القديم) لتسهيل الوصول إلى الجزيرة الواقعة على الضفة الشمالية للنيل ، وتم البدأ فى إنشاء الكوبرى عام 1869م وتم الإنتهاء من البناء عام 1872م، وفى نفس عام الإنتهاء من بناء الكوبرى قامت شركة إنجليزية ببناء كوبرى البحر الأعمى (كوبرى الجلاء حاليا) حيث يوصل الجزيرة بالجيزة، وقد أُطلق عليه كوبرى الخديوى إسماعيل، ثم أمر الخديوى إسماعيل بنقل المدرسة الحربية التى أنشأها سعيد باشا فى القناطر إلى ثكنات قصر النيل لزيادة تعميرها.


وقد تحولت ثكنات قصر النيل إلى مقر رسمى لقوات الجيش المصرى فى ذلك الوقت (توجد بقايا كوبرى من الحديد فى هذه المنطقة الواقعة فى اتجاه مبنى ماسبيرو ، وتوجد عليها ملصق منطقة عسكرية ومازالت تحت حكم الجيش حتى الآن لما لها من تاريخ سياسى وعسكرى فى ذلك الوقت).


وقد ظلت ثكنات قصر النيل تحت الإحتلال البريطانى نظرا للقرار الذى اتخذه الخديوى محمد توفيق باشا بحل الجيش المصرى أثناء الثورة العرابية فى سبتمبر عام 1882م، وقد قام الملك فاروق الأول آخر ملوك مصر فى مارس 1947م برفع العلم المصرى فوق ثكنات قصر النيل.


وتقرر فى ذلك الوقت هدم ثكنات قصر النيل لإنشاء واجهة غربية للقاهرة لتتحول المنطقة التى كان يقيم بها جنود الإحتلال البريطانى إلى أراضى أُقيمت مبانى هامة (جامعة الدول العربية-فندق النيل هيلتون- ومبنى الإتحاد القومى ثم تحول لمقرا للإتحاد الإشتراكى ثم تحول إلى مقرا للحزب الوطنى الديمقراطى المنحل حاليا)، وقد شهد شارع قصر النيل زحفا من كبار التجار وأشهر محلات اليهود فى وقتها ومنها صيدناوى، شالون، وبنزيون.

بالإضافة إلى شركة بيع المصنوعات المصرية وعمارة الإيموبيليا التى تعتبر أشهر عمارات العاصمة ومقر البنك المركزى
ومن الطرائف المتعلقة بالكوبرى أن الخديوى إسماعيل قد أصدر مرسوما بفرض رسوم يدفعها من يعبر الكوبرى سواء من البشر أو الدواب وقد نُشر نص المرسوم فى جريدة الوقائع المصرية التى أنشأها محمد على الكبير فى يوم 27 فبراير 1872م بعد 17 يوم تقريبا من إفتتاح الكوبرى بتحصيل هذه الرسوم من المارة.


وقد تقرر هدم كوبرى قصر النيل القديم لإنشاء كوبرى آخر (كوبرى قصر النيل الحالى) بواسطة شركة إنجليزية والذى إفتتحه الملك فؤاد الأول عام 1933م، وقد أُطلق على الكوبرى أسم كوبرى الخديوى إسماعيل أيضا فضلا وعرفانا من ابنه الملك فؤاد الأول وأُعيد تركيب السباع الأربعة الموجودة حاليا على بداية ونهاية الكوبرى لتكون ناطقة على فضل إسماعيل، وهناك قصة خاصة بالمهندس الذى نحت هذه التماثيل من يدقق النظر إلى هذه التماثيل يلاحظ عدم وجود شوارب وعند تركيب هذه التماثيل لاحظ النحات الفرنسى عدم وجودها فانتحر ظنا منه أنه قد أخطأ فى عمله

ولهذا يطلق على من يسمونه إسماعيل بلقب “أبو السباع”، وقد بُنى هذا الكوبرى من صناديق حديدية مملوءة بالخرسانة المسلحة ودعائمه من الخرسانة وقد كسى الكوبرى بالجرانيت الوارد من أسوان.


وقد حمل الكوبرى بعض الأسماء منها كوبرى التحرير، كوبرى الخديوى إسماعيل، ثم أُطلق عليه كوبرى جمال عبد الناصر بعد ثورة يوليو ولكن ظل أسم “كوبرى قصر النيل” صامدا إلى الآن.

20
21
23

شاهد أيضاً

جورج البهجوري بنكهة وطن !!

بقلم عبدالواحد محمد روائي عربي فنان تشكيلي كبير عاصر كل نجوم الثقافة العربية محيطا وخليجا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.