الجمعة , نوفمبر 22 2024
معبد الأقصر ومسجد أبو الحجاج

مسلة الإلهام !

قبل أسبوعين، أخذت الصورة المرفقة على اليسار من ساحة معبد الأقصر. يمكنني اعتبار هذه الصورة مثالا مدرسيا لتراكم فلسفات الأديان فوق بعضها البعض في بلادنا.

لقد أثرت الهندسة المعمارية لتشييد المسلة الواقفة في مدخل المعبد على تصميم مئذنة مسجد أبو الحجاج: القديمة والحديثة.، وتشير كل من المسلة والمئذنة إلى السماء.

يعد هذا المسجد حالة فريدة في التراث المعماري المصري بعمره الذي تعود جذوره لأكثر من ٧٠٠ سنة، فقد ذكره ابن بطوطة حين زار الأقصر فقال عنها “وهي مدينة صغيرة حسنة بها قبر الصالح العابد أبى الحجاج الأقصري وعليه زاوية”.

تقوم فكرة تراكب الفلسفات الدينية على أشكال مختلفة أهمها استخدام نفس الموضع الأثري لدين جديد.

وقد حدث هذا في عهد قدماء المصريين أنفسهم بإعادة استخدام نفس المكان لآلهة مختلفة، ثم اتخذ المسيحيون من المعابد المصرية ملجأ وموئلا وصنعوا منها كنائس وأديرة.

تسبب هؤلاء الرهبان في تشوية عدد كبير (جدا) من الآثار المصرية، والسبب بسيط للغاية

معظم المعابد تضم تصاوير وتماثيل فاتنة للمرأة المصرية بصدر ناهد عاري وجسد نحيل فاتن.

كيف يمكن أن يعيش الراهب المتعبد بين هذه الأروقة التي تشبه بمعايير اليوم شاشات ملونة عملاقة تعرض بألوان زاهية مبهجة كل فنون الفتنة والموسيقى، فضلا عن آلهة متعددة وليس إلها واحدا؟ لم يكن الحل عند الرهبان البسطاء الوجلين الخائفين سوى طمس الآثار.

وحين جاء الإسلام لم يعرف الرهبنة في صورتها المسيحية، بل قام المنتصرون ببناء المساجد في أرض حرة جديدة بعيدا عن المعابد.

في بعض الحالات النادرة كرر المسلمون في مصر ما فعله المصريون القدماء والمسيحيون من بعدهم وذلك بمد أيديهم على المعابد والآثار، ولكن ليس في صورة الركوب فوق المعبد القديم بل في إعادة تدوير أو استخدام أحجار المعابد وأعمدتها، ولا سيما تلك التي كانت في صورة أطلال أثرية من قبل.

الحقيقة أنني حين أخذت الصورة من ساحة معبد الأقصر لم أكن أنوي الكتابة عن إعادة استخدام المعابد في الديانات الأحدث بل كنت أفكر في نفس المشهد الذي أثرت فيه المسلة المصرية على نمط معماري جديد في العصر الحديث ممثلا في برج إيفل الحديدي في باريس.

في صورة معبد الأقصر كان يفترض أن تكون هناك مسلة ثانية لكنها ذهبت لفرنسا وتقف حاليا في ميدان الكونكورد في العاصمة باريس.

قبل عشر سنوات أخذت صورة لمسلتنا في باريس في نفس خط الأفق مع برج إيفيل، وقد بدى لي أن المسلة المصرية التي جاءت هنا في عهد محمد علي في ثلاثينيات القرن التاسع عشر ألهمت تصميم برج إيفيل الذي شيد على نفس خط الأفق بعد وصول مسلتنا بنحو 60 سنة.

مسلة مصر بباريس

ورغم أن معي ألبوم صور من رحلة باريس إلا أنني وجدت صورة أفضل من الانترنت ارفقتها في المنشور وقد وضعت مصدرها في اول تعليق.

هل حقا كانت المسلة ملهمة في الحالتين؟ أم أنها مجرد مصادفات بصرية؟

نقلا من صفحة الدكتور عاطف معتمد

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

قومى استنيرى

كمال زاخر رغم الصورة الشوهاء التى نراها فى دوائر الحياة الروحية، والمادية ايضاً، بين صفوفنا، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.