الكاتب الأردنى: أحمد حسن الزعبي
المغترب هو الوحيد في الدنيا الذي لا يتمتع بصفة «مواطن» بمعناها الحقيقي والوافي .. ففي الغربة يخاطبونه بــ»الوافد» أو «المقيم».. وفي وطنه يخاطبونه بـأخي «المغترب» فهو محروم من نشوة سماعها مرة في العم هناك يتعرض لبعض المنّة ويعتقدون انه «أكل البلد» وبالتالي لا حقوق له
وهنا يتعرض لبعض الحسد وضيق العين معتقدين أن هذا الهامور يجمع المال بـ»الكريكات» وأنه فعلاً «أكل البلد « … وبالتالي لمَ يحتاج الى حقوق وقد «ملأ الجيوب والدروب بالدراهم والريالات»؟ … رغم ان النسبة العظمى من المغتربين بالكاد يستطيعون تامين قوت يومهم وتدريس أبنائهم برموش العين ودم القلب..متناسين ان المغتربين هم أردنيون مثلنا وربما أكثر منا ، و يحملون هم البلد مثلنا وربما أكثر منا، ويعانون مثلنا وربما أكثر منا ، هم فقط ً «يلوّذون رؤوسهم» عن هجير الطفر والفقر وقلة الفرص هنا…
قرأت ان المغتربين الأردنيين في دول الخليج نشروا بعض المطالبات بحقوقهم مؤخرا
وعندما قرأت تفاصيل هذه الطلبات اكتشفت أنها كتبت على استحياء وخجل، بهدف عدم «التثقيل» على الدولة او إزعاج مرقد الحكومة ..مع انه من واجب الحكومة أن تبادر هي الى تفعيل حقوقهم كمواطنين أردنيين وهي من تقدّم هذه الامتيازات لا هم…من هذه المطالبات: أن يسمح للمغترب الأردني ان يشارك بالانتخابات النيابية في المستقبل من خلال فتح مراكز اقتراع بالسفارات والقنصليات
وهذا حق لأي مواطن يتنفس على وجه الكرة الأرضية ..وقد شاهدنا بانتخابات مصر وسوريا ودول غربية كثيرة كيف تفتح مراكز اقتراع في كل بلد يتواجد فيه حملة الجنسية
المطلب الثاني: الحصول على إعفاء جمركي لسيارة واحدة لمرة واحدة في العمر بعد العودة النهائية إلى الوطن… وهذا حق مكتسب لمن يفني عمره في الغربة وعلى شبابيك الصرافة يحول لذويه وأهله ان نقول له شكراً لوقفتك مع الوطن أسوة بما تقدّمه باقي الدول العربية مثل مصر وتونس والمغرب
وثالث المطالب أن يعطى الأوائل والمتميزون من أبنائهم رسوما جامعية عادية او خصما ولو بسيطا تقديراً للشهادة والجهد الذي بذله في الدراسة حتى لا يشعر انه درجة ثالثة في المواطنة
المطلب الرابع: ان تحتسب سنين «الإعارة للمعلمين « من سنين خدمتهم هنا ، وهذا ما لم يحدث حتى الآن حيث تتوقف الترقيات والترفيعات ويعتبر حاصل جمع الخدمة في الغربة من سنين العمر لا شيء وكأن المعلم هناك يتمتع برفاهية «سلطان بروناي» ولا يمسك الطبشور ولا يبذل جهداً ولا ينقص عمراً !
المطلب الرابع أن يتم تسهيل إجراءات دخولهم في المنافذ الحدودية والمطارات (تخيلوا كم هو معقدّ هذا المطلب؟!!) ..طبعاً هم خجلون من المطالبة بالكف عن التنكيد عليهم واحترام جواز السفر الذي يحملونه دون استعلاء أو تجبّر.. اذا ما لاحظتم فإن جميع طلبات المغتربين هي حقوق سهلة و مجانية ولا تكلف الدولة فلساً واحداً…
المغترب هو مواطن أردني كامل الدسم، علينا ان نعطيه حقوقه كلها قبل ان يطلبها ،وأن نشكره بتسهيلاتنا واحترامنا له ، فقد أفنى زهرة عمره بحثا عن الستيرة، حاملاً وطنه و جواز سفره ترساً للقلب …المغترب الأردني آثر ان يغادر ليجد غيره فرصة عمل ، المغترب الأردني قام بتدريس وتزويج ومعالجة كل متعثر ومتعسر ومريض من ذويه
المغترب الأردني مارس دور «الضمان الاجتماعي» «التأمين الصحي» لآلاف الأسر من خلال الحالات الشهرية…عزيزتي الحكومة اذا كنت لا ترغبين في النظر برومانسية فائقة للمواطن المغترب..انظري إليه بعين براغماتية مادية بحتة …فقد بلغت حوالاته في العام الماضي أكثر من 3.5 مليار دولار…اعتقد مش بطّالات…
أيها المغتربون القريبون منا دوماً..شكراً لإعماركم الوطن..شكراً لأعماركم التي أفنيتموها خارج الوطن والتي لا تسترد بكتاب شكر او بأثر رجعي…شكراً لشبابكم الذي ذاب تحت قيظ الغربة، ولفقدانكم أحبابكم وانتم تفتشون في جيوب المستقبل عن غد أفضل..شكراً لأنكم الطيبون القانعون دائماً…