الأحد , ديسمبر 22 2024
الكنيسة القبطية
ماجد سوس

ميتا ولا أكتر

ماجد سوس يكتب :

خرج علينا السيد مارك زوكربيرج صاحب ومؤسس شركة فيسبوك في يوم ٢٨ أكتوبر ٢٠٢١ ليعلن تغيير اسم الشركة من “فيسبوك” إلى “ميتا”. تعجب الكثيرون من هذا التغيير وراح كل مستخدم يضع سيناريوهاته المختلفة عن سبب هذا التغيير فهناك من أرجعها لأمور سياسية وآخر أرجعها لأمور اقتصادية والأمر لا شأن له بهذا أو ذاك.

الاسم الجديد مأخوذ من مصطلح “ميتا فِرس” الذي ظهر لأول مرة في رواية Snow Crash للكاتب نيل ستيفنسون عام ١٩٩٢ وهي من روايات الخيال العلمي حيث يتفاعل البشر مع شخصيات خيالية يطلق عليها أفاتار(avatar) مع بعضهم البعض ومع برمجيات، في فضاء افتراضي ثلاثي الأبعاد مشابه للعالم الحقيقي.مصطلح ميتا فِرس يعني “ما وراء الكون “ وهو ما سيكون عليه شكل ووصف الإصدار الجديد والمستقبلي للإنترنت بل وما بعد الإنترنت، وهوعبارة عن مساحات ثلاثية الأبعاد متصلة بشكل دائم. هذه المساحات الافتراضية يمكن الوصول لها عبر سماعات ونظّارات الواقع الافتراضي أو التليفونات المحمولة والحواسب المكتبية ومنصات الألعاب ويتم التعامل بها بين المستخدمين من خلال الأفاتار الخاص بكل مستخدم وستمتد لأبعد من منصات التواصل الاجتماعي والألعاب إلى الأعمال والشركات، بل والحكومات.لتقريب فكرة “ميتافيرس” للأذهان، قال زوكربيرغ إن الأمر أشبه بتحويل الإنترنت إلى بيئة ثلاثية الأبعاد لا يقتصر دور المستخدم على النظر إليها أمام شاشته، بل الدخول في هذه البيئة بنفسه حتى يصبح أحد عناصرها، ولتنفصل حواسه عن عالمه الحقيقي فترة بقائه في العالم الافتراضي. فالمستخدم سيجد نفسه داخل سلسلة من المجتمعات الافتراضية المترابطة والتي لا نهاية لها، يمكنه من خلالها التقاء عدد كبير من الناس المتاح التعامل معهم وكما أسلفنا ليس للعب والتسلية فقط بل للعمل

على سبيل المثال سيشهد التسوق الإلكتروني نقلة نوعية داخل هذا العالم، حيث يكون المستخدم قادرا على معاينة أي شيء يريد شرائه عن قرب بدلا من مجرد معاينة صور في الشكل التقليدي المعروف الآن للمتاجر الإلكترونية.

مع تطور عوالم ميتافيرس سيصبح كل نشاط إنساني في الواقع الحقيقي متاحا بكل تفاصيله في العالم الافتراضي، الأمر الذي يعني أن الإنسان ربما يكون قادرا على البقاء في العالم الافتراضي لفترات أطول وهو مسترخيا في منزله الافتراضي يمارس فيه العمل والتسوق والتسلية بل وزيارة الطبيب والمحامي والمحاسب.

والأمر أكبر من زوكربيرج وشركته التي لن تستطيع وحدها التكفل بكل التطورات المطلوبة في هذا المجال، حيث أنه ليس فقط مجال واسع للتطوير لكنه أيضا لا يمكن التنبؤ بحدود يمكن أن يقف عندها، الأمر الذي سيتطلب اشتراك جميع الشركات العاملة في هذه الصناعة فجزء كبير من النجاح المنتظر لعوالم متيافيرس على قدرة شركات التكنولوجيا على التعاون فيما بينها لربط منصاتها عبر الإنترنت ببعضها البعض في هذا الكيان الموحد.

شئنا أم أبينا خطورة الميتا فيرس إنه سيؤدي إلى تحرر الثقافات ومزجها ببعض عن طريق تفاعل سلس لا يحتاج إلى جهد بين سكان العالم يصعب إيقافه أو التحكم فيه، كما قد يؤدي إلى سهولة اطلاع المستخدمين العاديين على بيانات أكبر للمستخدمين الآخرين، والتخوف ألا يقف عند حد الاطلاع على البيانات الشخصية والصور فحسب، بل الأخطر أن تفاصيل حياة الناس في العالم الافتراضي، والتي بالطيع ستحاكي الواقع، ستكون متاحة للجميع.


تذكر يا عزيزي عندما كنا نسمع عن جهاز صغير سنستطيع معه الإتصال بكل المسكونة وكنا لا نصدق هذا وكنا نقول أن هذا خيال علمي وقريبا ستبقى في بيتك جالسا وتزور العالم وتدخل في أكبر المتاحف وتتسوق من أكبر المتاجر بخاصية تجعلك وكأنك في المكان بجسدك تسير داخله وتلتقي بآخرين فيه هل سيؤثر هذا على خصوصيات الناس، هل سيؤثر على اقتصاديات الناس هل سيؤدي إلى أمراض الانعزال والتوحد هذا ما سنراه قريباً.

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.