ذكرنا فى المنشور السابق أن فكرة الكتابين المزعومين اللذان يتحدثان عن فرعون الخروج تقوم على أفتراض ان لفظة ” فرعون ” اسم وليست لقبا كما هو معروف ومن أجل ذلك حاول المؤلفان ان يجمعا الشوارد والاقاصي من الافكار الملفقة الخداعة ليدلسا الحق بالباطل ، وقد عانى كاتب السطور من قراءتهما على مافيهما من ركاكة وسقم وتأكيد المؤلفين على حقيقة ظاهرة هي أن الاخبار التي يذكراها في كتابيهما كلها حقائق مفروغ من دراستها حتى صارت احدى المسلمات التي لاتملك البداهة الا الاذعان لها. وهذا تنفخ غث يؤذي كل دارس وطالب علم.
وبعد انتهائي من قراءتهما تأكد لي ان صاحبا الكتابين لم يطلعا على شيئ البتة مما كتب عن علم المصريات في مصادره الاصيلة – كما اوهمانا – لا في اللغة العربية ولا في غيرها من اللغات.
واعتذر للقارئ عن هذه الاطالة وانصرف الان الي تتمة الكلام في الرد علي افتراءات المؤلفين دون ان اظلمهما قلامة ظفر وسوف اجعل المصريين القدامى أنفسهم يتحدثون ويردون علي المؤلفين من واقع مصادرهم القديمة التي دونوها بأقلامهم علي صفحات البردي.
هنا الرد يكون بالنص الذي لا يخالجه شك ولا يحتمل قولا.
أولا : ورد في النصوص المصرية صيغة قسم كانت تؤدي أمام القضاة أو رجال التحقيق وصفها المصريون ب” القسم الملكي ” و ” اليمين المغلظ ” .. فكان في عصر الأسرات 18 و19 و20 ترد بصيغة : ” بحق دوام امون وبحق دوام الحاكم عاش موفقا معافا ” pap.Berlin 10496; Turin strike pap.rt.2,2–8 ; O.BM.5625 ; O.Nash 2 )OBM 65956 وصيغته الهيروغليفية في ( التعليق الاول ).
حيث يتضح أن لفظة الحاكم موضوعة داخل خرطوش وتبعها صيغة التمنى بالحياة والاستقرار والعافية مما يدل علي أنها تشير الي الملك الحاكم.
وقد وردت هذه الصيغة عشرات المرات في النصوص القانونية.
ولم يذكر الحاكم باسمه ﻷن المصريين أعتقدوا أن العدالة خالدة أبدية لا ترتبط باسم حاكم بعينه وأنما هي واجب ملزم علي كل حاكم يجلس علي عرش مصر ولكن يذكر فيها فقط أسم المعبود وهو هنا ” آمون ” وظلت هذه العقيدة معمول بها طوال التاريخ المصري.
ثانيا : تطورت صيغة القسم الملكي في العصر المتأخر ( الاسرات 22 و 23 و 24 و 25 و 26 ) وتم استبدال لفظة ” الحاكم ” وجعلها ” فرعون ” وتبعها ايضا صيغة التمني بالحياة والاستقرار والعافية ووردت على النحو التالي : ” بحق دوام امون وبحياة فرعون عاش موفقا معافا ” pap.Louvre 3228c; pap. Louvre 3228A; pap.Louvre E 706 vs وصيغتها الهيروغليفية في ( التعليق 2 ).. هنا وضع الكاتب لفظة فرعون داخل خرطوش مما يدل كذلك علي انها وصف للملك الحاكم.. وقد وردت هذه الصيغة عشرات المرات في عهود ملوك مختلفين في اسرات مختلفة وظلت قيد الاستعمال حتي العام 4 من عهد الملك بسماتيك الثاني ( الاسرة 26 ) حيث وردت على النحو التالي : ” بحياة امون وبحياة فرعون عاش موفقا معافا ” pap.Louvre E 706 vsوصيغتها الهيروغليفية كما هي منشورة بالبوست.
واود التأكيد ان هذه الصيغ واردة مرات ومرات في برديات منتشرة في متاحف العالم المختلفة منها ماهو منشور ومنها مانشره وترجمه كاتب السطور في رسالة علمية.
ويتضح فيما سبق ان لفظة فرعون الموضوعة داخل خرطوش هي قديمة وليست ابتداع يوناني كما عرفاها المؤلفان من خلال المعابد اليونانية الرومانية واثارت دهشتهما وجعلتهما يظنان – وبعض الظن اثم – ان ما يحويه الخرطوش هو اسم جريا على عادة الديباجة الملكية .. كان يمكن للكاتب ان يحاج المؤلفين بايراد صيغة القسم الوارد فيها لفظة “الحاكم” داخل خرطوش واقول اذن لدينا هنا ملك اخر اسمه الحاكم !!!!! كما حاولا اقناعنا بذلك في كلمة فرعون داخل الخرطوش ولكن وددت الا اضيع الوقت والجهد فأقوم بنسف فكرتهما السقيمة التي ألفا من أجلها كتابيهما..
أيها القارئ الكريم امامك الأن لفظة فرعون داخل خرطوش ملكي تشير الى الملك الحاكم بدليل ورود صيغة التمني بالحياة والاستقرار والعافية بعدها ووردت في عهود ملوك كثيرين في اسرات مختلفة حتى لايقال انه اسم ملك بعينه…واذا كان كتبة المحاضر الرسمية لايذكرون اسم الملك كتابة فقد كان يتوجب ان يتلى (بضم الياء) علي المتهم أو الشاهد أسم الملك شفويا ثم بعلن اعترافه أو شهادته فكان يقال مثلا ” عندئذ أعلن (بضم الالف) باسم الملك وكرر ماقاله مجددا ” pap.Berlin 10496 وورد النص الهيروغليفي ف ( التعليق 3 ).
والآن بحسبي ماقدمت ونمضي فى استعراض بقية ماورد في كتابيهما وتفنيد آرائهما واثبات سقمها وخطأها التام…