من أكثر الألغاز التي حيرت علماء الارض توابيت السرابيوم حيث أن معبد السرابيوم الموجود في منطقة آثار سقارة ، يوجد به 26 تابوتا ضخما من الجرانيت مُتقن الصنع .المدهش في الأمر أن غطاء التابوت الواحد يزن 30 طنا ، وجسم التابوت نفسه 70 طنا ، اي أن كل تابوت يقارب من 100 طن، وهذا يعني أنها تحتاج إلى ما يقرب من 500 رجل لتحريك كل صندوق منها، السؤال هنا :لماذا صنعت هذه التوابيت ؟.. ولمن ؟ ولماذا التوابيت كلها خاليه ومغلقه عدا تابوت واحد فقط ؟.
حيث أنه لم يُعثر في أي تابوت منهم على أي مومياء أو جثة جسد العجل أبيس كما ادعى “أوجست ماريت” مكتشف المقبرة ، إذا كانت أهرامات الجيزة هي الآثار الأضخم والأعظم فإن السرابيوم هي أكثر الآثار المسببة للحيرة والإرباك في العالم .
وتعد سراديب السرابيوم في ذاتها لغز مُعضل، في الصيف تجدها باردة، وفي الشتاء حارة يتصبب عرقك فيها، الأنفاق بطول 400 متر محفورة في قلب صخر هضبة سقارة وليست وسط الرمال، والنفق تنزل له بسلم مدرج، وإذا نظرت إلى خريطة الأنفاق بالأسفل ستجد تفريعات عديدة في النفق الرئيسي عند تلك الفراغات الظاهرة في الخريطة توجد الصناديق، كما أن هناك تفريعات أخرى ستراها كذلك .
وإذا نظرنا إلى الممر الرئيسي وجدناه على استقامة واحدة، تجعلك تتسائل عن طريقة حفره، وأنفاق السرابيوم ليس لها إلا باب واحد يُعتبر هو المدخل والمخرج، فالرؤيا داخل الأنفاق حتى مع وجود الشمس معتمة للغاية، ظلام تام، كيف حفروا كل تلك المسافة بذلك العُمق في الظلام وأخرجوا ردما بالأطنان ؟.
إذا كان مصدر الضوء هو استخدام المشاعل فمن الغريب أنه لا يُوجد أي آثر لمواضع المشاعل على جدران النفق، كما أن أي مشاعل نارية في ذلك العمق مع الردم والأتربة سيكون عملا شاقا وخانقا.
تلك الأنفاق ليست محفورة في الرمال، لكنها محفورة في صخور سقارة، وهو ما يتطلب بالتأكيد مجهودا مضاعفا لا يُصدق أن يتم عبر اليد البشرية وحدها، إذا نظرنا إلى حضارتنا المعاصرة فسنجد أننا لحفر نفقا مثل هذا فإننا سنحتاج إلى ماكينة حفر أنفاق.
وايضا توابيت السرابيوم نفسها التي تعد اعجاز علمي وهندسي حتى في وقتنا الحالي حيث إن هذه التوابيت لم يتم بناؤها ولكنها نُحتت، كأي تابوت هو عبارة عن 4 جوانب وقاعدة وغطاء، جسم التابوت نفسه نُحت عن طريق اقتطاع كتلة مصمتة من الجرانيت بأنواعه المُختلفة من المحاجر الموجودة في جنوب البلاد، في الأقصر وأسوان وسيناء والبحر الأحمر والفيوم.
ثم بعد اقتطاع تلك الكتلة المُقدرة بـ 80 طنا تقريبا من المحجر، يتم حفرها وصقلها، وبعد ذلك يتم نحت الغطاء ، التوابيت كُلها مصنوعة من صخور عالية الصلابة (الجرانيت الأحمر – الجرانيت الأسود – البازلت – الشست – الكوارتز) وهي صخور لا يمكن التعامل معها إلا عن طريق قواطع الماس.
لا يعقل ان يقوم احد بنحتها بالأدوات التي كانت تُستخدم في عصر الأسرات وهي على التوالي (الحجارة – النحاس – البرونز – ثم الحديد في العصور المتأخرة) كلها لا يمكنها التعامل معها مطلقا بهذه الأدوات فضلا عن صقلها بهذا الشكل .
الإعجاز في الأمر أن جميع زوايا الصندوق الداخلية والخارجية عبارة عن 90 درجة كاملة، ليست 90.1 ولا 89.9 ، أيضا مُعامل التسطيح أو الـ Flatness بنسبة خطأ أقل من 0.02%، وهي درجة لا يُمكن بلوغها في العصر الحديث إلا باستخدام آلات عالية الدقة، أو تقنية بصرية ضوئية كالليزر، وذلك للحصول على التسطيح التام.
والصندوق نفسه مصقول بدرجة تجعل ذهنك يتطلع إلي أن هناك ماكينات أو تقينه ُمتقدمة قد قامت بحفره وصقله بهذا الشكل الدقيق ، ثم نأتي للسؤال المهم كيف تم وضع تلك التوابيت العملاقه داخل النفق الذي له مدخل واحد ضيق جدا ؟والمعلومه المذهلة أن الملك “فاروق” حاول اخراج احد التوابيت من النفق واستعان بالكثير من العمال والبغال ولم يستطع أن يحركه من مكانه سوى بضع أمتار قليلة ومتروك في مكانه حتى الآن .
المكان موجود في جبانه سقارة في عصر الدولة القديمة بجوار المجموعة الجنائزية للملك “زوسر” مؤسس الأسرة الثالثة في الدولة القديمة ، توجد سقارة في مركز ومدينة البدرشين محافظة الجيزة وتبعد عن منطقة أهرامات الجيزة بحوالي ٣٠ كيلو في الجنوب الغربي من المحافظة.