بقلم خالد محمود
أدعو كل من استفز من -استهجن –اختلف –مع آراء المستشار أحمد عبده ، أن يقرأ كتبه (السنة النبوية بين الدس والتحريف، كيف كان خلقه القرآن ، كنوز ورحمات من القرآن، اسلامنا والتراث ، الساعة-القيامة هناك فارق، أوهام عذاب القبر ، اصلاح الأمة بفقه الائمة )، ويرد عليها.
الرد بالشتائم ليس نقاش وانما “خناقة بلدي مبتذلة”، كذلك فانه في عصر الانترنت وحتي قبلها بدرجة الكتاب المطبوع، لا توجد قوة على وجه الأرض لمحو هذه الأفكار او دحضها من وجهة نظر رافضيها سوى نقاشها ، أما “التعالي المتعجرف” والمكرر على كل من قدم أفكار مختلفة بالقول( مستعدون نناقشه لو كان مايقوله علم لكنه جاهل وتافه و…وو، )، فقد سمعناه والله من اول كتابات د طه حسن الى د خلف الله الى د نصر حامد ابوزيد ، ولم يمنح التاريخ أي ذكر لهؤلاء الشتامين ، بينما بقت وستبقى أفكار طه حسين وخلف الله وابو زيد “موتيفة” صالحة للاتفاق والاختلاف والتعديل والتطوير مابقى تاريخ الفكر العربي ، بقي معها فقط ، الأفكار الثمينة لمن ردوا عليها بالجهد والحجة وعلى رأسهم وكيل النيابة العظيم الذي حقق مع طه حسين ، محمد نور ، في “الشعر الجاهلي ” فحول القانوني الى فكري ، بدلا من أن يحول الفكري الى مجرم (بتشديد وفتح الراء ) قانوني ، فانحنى له التاريخ اكبارا واجلالا.
ادعو الجميع الى القراءة والكتابة ، انتصار لخطابهم من جهة، وانتصارا لحقنا في الارتقاء بالمشهد الثقافي من “الخناقة البلدي” الى الصراع الفكري ، ولست اقدم بهذه الدعوة من جديد عن روافد في تكويننا التاريخي ، ولا تقليد مرده ما اضافته الحداثة الليبرالية ، بل لأن الحضارة العربية الاسلامية خاصة في طوريها الأموي والعباسي ما اصبحت حضارة الا بهذا النهج ، في الانفتاح والمقارعة والمناظرة مع افكار ونوازع حين لم تجدها احيانا -ترجمتها ، مناظرات لم تقف عند الاجتهادات المتماسة مع السائد من نوع مناظرات الغزالي –ابن رشد ، بل مع الالحاد الصريح كمناظرات “ابن الروندي ” ، وفي نقاش قضايا وجودية كبرى كالخلق ، والقرآن خالق ام مخلوق ، وما شابه .
الطريف في هذه القصة ان المؤلفات التي جلبت للترجمة للتفاعل معها او الرد عليها ـ كان البيزنط قد حبسوها في المخاون لكفريتها ، من وجهة نظرهم ، وفرحوا احيانا للتخلص منها ، فما اعجبها من مفارقة.
اخيرا وعابرا ، قد ابدي تفهما لمن رد بالشتائم، ربما لان هذا ما وصله على الانترنت من أحمد عبده ماهر ، وقد يكون بعض ما وصله صحيح جزئيا ، ولأنه ليس كل الناس مفكرون ولا مطلوب أن يكونوا ، ولأن بعض الناس يتصور أن الدين للاعتقاد المطلق لا للتفكير واي شيء غير هذا او بداية المساومة ، اتفهم هذا، واتفهم ايضا المناخ العام الذي سادته “الاشتغالات “و “الميكروباصات ” لشغل الناس عن الكوارث الجارية، وأتفهم حالة السجال الجارية الموجودة من 2013 ، واتفهم شعور دفاعي عند البعض للتمترس عندما يتصوره انه الدين بعد مالحق الاسلام السياسي من هجوم ، واتفهم حالة التسطيح الموجودة ، واتفهم قبل هذا كله الخراب الذي احدثه “اليمين الديني ” في المجتمع منذ اخترقه من السبعينات اتفهم هذه كله واستوعبه فكريا وانسانيا ،، لكن مالا افهمه وما لا استوعبه ان يدعو مثقفون الي سجن الرجل بسبب أفكاره ، أو اجتهاداته ، أو تصوراته ، وينظرون هكذا لكل إنسان يفكر ويجتهد ويصرح ،،متسربلين في هذا بححج من نوع الخروج على الثوابت ، أو العرف ، أو بذر الفتنة ، او كسر القانون العام ،، وربما كسر قوانين المرور .
أذكر هؤلاء أنهم بهذا النوع من الحجج ، هم أنفسهم مطلوبون غدا للسجن والاعتقال اذا ما قررت السلطات ، وما اسهل ان تقرر ، ادارة تفسير القانون الى الجانب الآخر ، ويمكن سلسلسلتهم واقتيادهم الى غياهب السجون بوصفهم ..جهاديين ..داعشيين .. تكفيريين .. إخوان …وماشابه من صياغات .
فبالله عليكم حافظوا على معادلة مقارعة الفكر بالفكر ,,,,او ماتبقى منها -وهو قليل وقليل جدا – للأسف والحسرة.