الأحد , ديسمبر 22 2024
محمد عبد المجيد

من أرشيف ذكرياتى

– اللواء عبد السلام المحجوب و … أنا!

قابلته مرة واحدة في مكتبــه بمبنى محافظة الإسكندرية.

كان اللقاء دافئاً منذ البداية فقد كتبت عن الاسكندرية في عهده.

رحب بي. حدثني عن بعض ما قام به من أجل مدينتي، وحدثته عن الأنفوشي والسيالة ومقالي عن سرقة البحر. قلت له: ألستَ خائفاً، معالي المحافظ؟ ممن أخاف؟ ردّ عليَّ بهدوء!قلت له من الرشوة، ومن الذين سيعرضون عليك هدايا وشققاً لا يستطيع أحد أن يقاومها! قال لي: اسمع جيداً، أنا رجل مخابرات وأعرف جيداً كل اللصوص، ولا يستطيع أحدُ أن يُغريني، ثم إن ابنتي كبرت، وتزوجت، وليس لديَّ ما أخاف عليه.

تمنيت عليه أن يحافظ على مدينتي، وحبي، وبحَري وبــَـحـــْـري .. الأزرق الكبير، فابتسم ابتسامة رقيقة.

وهممتُ بالمغادرة، فقام.. وتقدم مني و.. عانقني!

2- الرئيس حافظ الأسد و … أنا!

نشرت مقالا في مجلة ( طائر الشمال ) عن تمزيق أوراق عشق قديمة وأرسلت المجلة للرئيس حافظ الأسد، رحمه الله، وكتبت رسالة أرفقتها بالمجلة.

كانت الرسالة عبارة عن غرام بدمشق، وحبي العميق لقلب العروبة النابض، وعدم اقتناعي بالانفصال، وأنني مازلت أستخدم تعبير ( الجمهورية العربية المتحدة ).

كانت الرسالة قطعة أدبية وحدوية صادقة.

وقلت فيها بأن سوريا الحبيبة ليست تلك التي نعرفها، فهناك سجون ومعتقلات وتعذيب و أجهزة استخبارات قاسية وغليظة، وأن أي سوري عائد يضطرب قلبه كلما اقتربت الطائرة من مطار دمشق الدولي.

بعد ثلاثة أسابيع اتصل بي رئيس تحرير مجلة ( الفرسان ) الباريسية التي كان يصدرها دريد رفعت الأسد.

عرّفني بنفسه وشكرني على ما قمت به، فقد أفرج الرئيس حافظ الأسد عن 2700 من المعتقلين تأثراً برسالتي. سألني عن علاقاتي القوية بالقصر الجمهوري في دمشق! قلت له بأنني لم أسافر إلى سوريا قط ولا أعرف أحداً هناك.

ردّ قائلا: لكن السيد الرئيس (عمّه) استجاب لكَ.

التزمتُ الصمتَ، فهو لم يصدّقني.

في 8 مايو 1990 ألقيت كلمة في المؤتمر الشعبي للتضامن مع العراق، في قلب بغداد الذي حضره 2500 من قياديي الفكر في العالم العربي.

قلتُ وعلى مسمع من صدام حسين: كنت أتمنى أن يكون بيننا الآن الأخ الرئيس حافظ الأسد!وضجّتْ القاعة بالتصفيق رغم أن أبا باسل كان العدو الأول لأبي عدّي، وكان هذا آخر عهدي بالعراق!كان طاغية، وكنت أنتقد جهاز الاستخبارات بشدة، وعندما زرت دمشق للمرة الأولى واليتيمة بدعوة من وزير الإعلام الدكتور محمد سلمان، وكان في انتظاري في المطار صديقي الإعلامي السوري عصام أباظة مدير تحرير ( الأنباء ) الكويتية سابقا.

قال لي ضابط أمن في المطار: أستاذ محمد، أخيراً وقعت في أيدينا! قلت له: لم أكن أعرف أنكم تعتقلون ضيوفَكم!ابتسم، واعتذر، وقال لي: كنت أمزح معك فقط!وقضيت عدة أيام ساحرة ووحدوية وآمنة في دمشق رغم انتقادي الحاد لأجهزة الاستخبارات السورية.

3- روجيه جارودي و ….. أنا!

كنت ضيفا على الدكتور عبد الله عُمر نصيف، أمين عام رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة. وذهب إلى مؤتمر المساجد العالمي في مدينة ( منىَ) وشرّفني بأن أكون مرافقه الوحيد في السيارة وكان الضيوف الآخرون في حافلات خاصة.

تناولنا طعام الغداء في فندق العطاس المطل على البحر الأحمر قريبا من جدة.

وقام بتقديمي إلى فضيلة الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق علي جاد الحق الذي تحدث معي طويلا عن الصيام في النرويج.

وتعرفت على الشيخ عبد العزيز بن باز وعدد كبير من العلماء.

بدأ الاجتماع الخاص المقتصر على العلماء الأعضاء، وكان هناك ثلاثة فقط غير مسموح لهم بالحضور، وهم: العقيد طارق… حارس شيخ الأزهر، والمفكر الكبير روجيه جارودي و … أنا جلست مع جارودي طويلا وتحدثنا في اهتمامات مشتركة، وسألته عن اللغة العربية فقال لي بأنه لن يتعلمها؛ فلا فائدة وقد كبر في العُمر.

وأهداني بخط يده كتيبا من تأليفه ( ميثاق إشبيليـــة).

وسألته عن اسم ( رجاء جارودي ) الذي يتداوله الصحفيون المصريون باعتباره الاسم الجديد بعد اعتناقه الإسلام. ردّ قائلا بأن هذا كلام فارغ، وأنا لن أتخلىَ عن اسم روجيه!الآن أقول بأن الصحفيين المصريين لهم خبرة عظيمة في فبركة الأخبار!

4-الشاعر محمود درويش و.. أنا!

قابلت الشاعر الفلسطيني محمود درويش مرة واحدة في أوسلو ، ودار الحديث حول كتاب الدكتور غالي شكري ( رحمه الله ) ” شــِـعْرُنا الحديث إلى أين”؟ وانتقده درويش بشدة، وقال لي بأن غالي شكري لا يروق له مطلقاً. وافقته للأسف لأنني كنت متأثراً بخصمه اللدود محمد جلال كشك الذي انتقد غالي شكري في عدة مؤلفات، خاصة الماركسية والغزو الفكري. بعد سنوات رفع كشك عليَّ دعوى قضائية بسبب مقالي ( قراءة في فكر ساقط).

أعدت بعد ذلك قراءة كتابات جلال كشك وغالي شكري، والغريب أن الإنسان مهما كانت موضوعيته فإنه يتأثر بخصوماته، فاكتشفت ايجابيات غالي شكري من جديد، خاصة النهضة والسقوط في الفكر المصري الحديث( الذي كان أيضا رسالته للدكتوراة)، واكتشفت سلبيات جلال كشك خاصة في دفاعه عن شركات توظيف الأموال وكراهيته لما أطلق عليها ( ثورة يوليو الأمريكية ).

بعدما تولى غالي شكري رئاسة تحرير مجلة ( القاهرة ) اقتربت كثيرا من أفكاره.

أكتب هذا الكلام لتأكيد حقيقة أن الرأي الذي نظنه منطقيا وموضوعيا يتأثر بالمشاعر الخاصة مهما زعم صاحبه أنه محايد.

5- أبو عمار و.. أنا!

كنت في بغداد في 7 مايو 1990، وتوجهت ناحية الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات لأصافحه وكان في الصف الثالث في مؤتمر للتضامن مع العراق، وكان معي مقال مهم عن القضية الفلسطينية ترجمته من النرويجية إلى العربية.

على الجانب الآخر من نفس الصف كان الفريق أول محمد فوزي جالساً والتقت عينانا، وابتسم لي ابتسامة جميلة. لكنني في ثوان لا تسمح بالتفكير أعطيته كارت به اسمي ومعلومات عني على أمل أن أصافح أبا عمار وأعود للفريق أول فوزي.

لم أتمكن من الوصول لأبي عمار لوجود شخصين أمامي، ونادى صوت في الميكروفون بضرورة العودة لمقاعدنا. ولم أتمكن من الحديث أو حتى التحية مع هذا أو ذاك.

وخجلت من نفسي كثيرا لأنني لم أختر فورا الفريق أول محمد فوزي بدون تردد.

6- خالد محيي الدين و.. أنا!

في 6 ديسمبر 1982 كنت في فندق (هوليداي إن) بالكويت في أول زيارة لي خاصة ببناء أول مسجد في أوسلو.

في قاعة الطعام شاهدت الأستاذ خالد محيي الدين يتناول طعام الافطار مع زوجته.

صافحته وجلست بجواره دقائق معدودة أردت لها أن تمتد.

جاء مدير تحرير مجلة ( البلاغ ) ليـصحبني في جولة إسلامية كويتية، ولم يقم بتحية الاستاذ خالد محيي الدين باعتبار أن هذا يساري وذاك إسلامي.

ولأن مدير التحرير كتب عن زيارتي وهو مرافقي فقد قمت فوراً وذهبت معه، وخجلت من نفسي لأنني تسرعت ولم أطلب منه أن ينتظرني بعض الوقت حتى استمتع بحديث مع أحد ضباط ثورة يوليو الذي طلب مني أن أتناول الافطار معه وزوجته!

محمد عبد المجيد طائر الشمال عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين أوسلو النرويج

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.