التقيت الصحفي الراحل علي ابراهيم عابرا مرة في ميدان طلعت حرب ، لكن كنت اعرفه بمتابعات الزملاء والتي تلاشت تدريجيا حتى اتي الخبر الفاجع ..بوفاته ..وحيدا ..ضريرا ..مفصولا من صحيفته .. معزولا …فقيرا ..،بعد ان علم الجيران بوفاته وبدأت رحلة البحث عمن يعرفه وعن امكانات وجود مقبرة لدفنه .
فاجعة انسانية بأقصي واقصى مايمكن تخيله ، يضاف لقسوتها أنها أقرب لان تكون “اختيار ” أو “ثمن لاختيار “، حيث ان الراحل كان ابن الحركة الطلابية في السبعينات ، والتحق بصحيفة “الأهالي ” ، ومن تيار صحفي لازال متماسك في الصحافة ممن أعتبروها طريقا للمقاومة .
على إبراهيم اذن ليس قصة استثنائية …هو الوجه الآخر ..لاعلام عمرو وموسى ولميس
والذين حين يتحدث الناس عن الإعلام والصحافة يعتقد انه هكذا كل الصحفيين والاعلاميين ،، صحفيون .. نسبة غالبة منهم دخلت المهنة عن طريق الصحافة الحزبية أو المستقلة أو الصف البرولتاري في الصحافة القومية ، يتقاضون ملاليم بالمعني الحرفي ، واجهوا اغراءات الإعلانات او استغلال النفوذ او كل المتشابهات ، وزاد الأمر سوءا -وضع الاستبداد الذي تعاني منه البلاد والذي دمر المهنة فعليا بعد أن اغلق الباب أمام ولادة اي صحيفة أو نمو فيها ، مضافا لهذا كله أزمة الصحافة الورقية اصلا ، فانتهى بهم الأمر الى وضع وصفه الأمام محمد عبده يوما بتحول المدافع ضد الظلم ذاته الى مظلوم .
حالة علي ابراهيم ،، هي الحالة المقابلة والتي تضم القطاع الأوسع من الصحفيين لصحافة السامسونج والتعريض الصريح والمستتر ممن كسبوا ويكسبوا الملايين ليس لانهم موهوبين أكثر ، بل لانهم عرفوا كيف يشقوا طريقهم الى أصحاب السلطة والثروة وكيف يحولوا الكلمات بعد نزع قوة شرفها الى بنكنوت.
علي ابراهيم -هو حالة مجسدة للصحفي المصري “غير السمسونجي ” ..مع استثناءات وتحايلات وملابسات محدودة ،هذا سافر هنا وذاك عمل هناك وهذا واتته فرصة ..وذاك رتب فوفق ،، لكن تظل هذه الاستثناءات لاتنفي ا نها كلها مساع للسير على الحبل ،الدعاء بالرحمة لعلي ابراهيم ،،، عاش حياة صعبة .. من أجل رسالة ..ربما كان أخر سطورها أنه عرف الناس …ان هناك صحفيين ماتوا ممسكين بجمر الحقيقة ..وأن في مصر صحفي اخر غير صحفي السامسونج ..ينتظران تشرق في بلادنا شمس الحقيقة .