الجمعة , نوفمبر 22 2024
طلعت رضوان

الأديب الروائى صبحي موسى يكتب عن الراحل طلعت رضوان

طلعت رضوان كان من القلة الباقية المؤمنة بمصرية مصر، كان رافض لفكرة العروبة والانتماء ليها، ويرى ان مصر وحدة خاصة مستقلة عن المظلة العربية الطارئة على تاريخها حديثا، وبيشوف ان التاريخ المصرية والهوية المصرية اعمق من الف خمسميت سنة الاسلامية بكتير، وان مصر فجر التاريخ والفن والعلم صعب ان تنسب الى حدث صغير طارئ زي دخول الاسلام او التحدث باللغة العربية، لذا كان رافض فكرة اللغة العربية، وبيشوفها لغة احتلال، وان اللغة العامية هي اقرب اللغات للغة المصرية القديمة، ومن ثم فهي الاوفق والاليق باللسان المصري من الناحية الفيزيقية، علشان كدا لما المصريين نطقوا اللغة العربية أحدثوا فيها اختلافات، ونطقوا كتير من حروفها اما بتخفيف او تغيير بما يتوافق مع امكانيات اللسان المصري او طريقته في الكلام، وبيعتبر دا دلالة اساسية على ان المصريين ليسوا من الجنس العربي، لكنهم شعب من شعوب البحر المتوسط.

طلعت رضوان مكنش وحده ابن هذا الاتجاه، فقد سبقه بيومي قنديل وكان متعصبا مثله الى مصرية مصر ورفض عروبتها، والمدهش تماثله مع طلعت رضوان في نفس الطيبة والبساطة والدماثة والمحبة للجميع، فضلا عن الثقافة الرفيعة والمزج ما بين الفكر والابداع، وزاد عن طلعت في دخوله الى مجال الترجمة، واتفق معاه في ايمانه بالعامية المصرية، واعتقد انه عمل قاموس للعامية، وكان عنده مشروع لتدريسها في المناهج الدراسية.

طلعت وبيومي هما آخر السلالة التي تبدا بسلامة موسى وتجمع طوائف وفصائل كثيرة من المثقفين المؤمنين بمصرية مصر وعدم عروبتها، وان مشروع التعريب سواء القديم او الحديث لم يجلب لها الا الاغتراب عن هويتها والانفصال عن مجالها والتخلف عن أقرانها، وان مصر القبطية هي آخر الطبقات التي تظهر فيها الهوية المصرية، او انها أول الخيط في البحث عن هذه الهوية.. وان المكون الثقافي المصري يضم في تكوينه النوبيين، وان مصر كان ينبغي ان تعتذر للنوبيين عن تهجيرهم من قراهم في الجنوب بسبب طغيان مياه السد العالي عليها، وان المراة والنوبة والاقباط هم درر التاج المصري، وان الدين ليس اختراعا حديثا من الف وخمسمائة عام، لكنه منجز مصري عمل عليه المصريون بداب لاكثر من خمسة آلاف عام، مقدمين أساطيرهم ورؤاهم التي شكلت تكوين الفكر الديني لدى نصف شعوب الارض، فاسطورة البعث والحساب ملكية مصرية خاصة بهم، انتقلت الى الشمال والجنوب والغرب، ولا يساويها غير أسطورة تناسخ الارواح في الشرق الأقصى، حيث لا بعث ولا حساب، ولكن تناقل للارواح.رحم الله الاستاذ طلعت مفكرا ومبدعا ومناضلا من اجل فكرته.. لم تكرمه بلده باي شكل من الأشكال.

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

قومى استنيرى

كمال زاخر رغم الصورة الشوهاء التى نراها فى دوائر الحياة الروحية، والمادية ايضاً، بين صفوفنا، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.