دكتور طارق محمد منصور
قبل الحديث عن هذا الأمر ينبغي التطرق إلى أمر آخر ،،منذ فترة ليست بالبعيدة وجدنا عزوف عدد كبير عن الأطباء عن العمل الحكومي من الأساس مع تقديم الاستقالات أو الانقطاع وإخلاء الطرف وبحصر الأسباب في ذلك ؛وجدنا الأمور إما متعلقة بعدم القدرة على التأقلم مع ظروف عمل مستشفيات الصحة من نقص شديد في الإمكانيات المتاحة وسوء توزيع في التخصصات فنجد أن أطباء تخصصات نادرة يتم توزيعهم في مستشفيات مركزية تحت بند سد العجز أو كما قال أحد المسئولين – اهم حاجة بالطو أبيض ! – وهذا الأمر يجعل من البيئة الصحية غير ملائمة وتكثر الاستقالات مع انعدام فرص التدريب والتعليم الطبي
و الشق الثاني التعسف في التفتيشات والجزاءات وتقليل عوامل التحفيز والمكافأت والبحث عن الأمور غير الجوهرية من ورقيات والتي لا تصلح مطلقا في العمل الطبي الذي أساسه الانجاز الطبي والحرص على تقديم أفضل خدمة في اسرع وقت ،، فالطبيب بعيدا عن الحضور والانصراف الرسمي يستطيع أن يتواجد في أوقات إضافية بدون أجر في سبيل إنجاز عمله الذي قد يأخذ بالساعات وذلك تحت ميثاق ادبي وأخلاقي ملزم له وغير ملزم لغيره من الإداريين ولا نغفل الاختلاف الواضح في الجانب المالي والمستحقات المالية بين القوى البشرية الرئيسية للعمل والقوى البشرية المتعاقدة وبين العمل الحكومي وماهو متاح في الخاص بعيدا عن كل ذلك وجدنا عزوف شديد منهم عن العمل الاداري وخاصة في قطاعات تتعامل في أغلبية إن لم يكن الكل أطباء كالادارات الصحية والعلاج الحر والطب العلاجي وإدارة المستشفيات ومديري المستشفيات التخصصية والعامة بالتحدث مع أحد المسئولين واقتراح المشاركة في التفكير في من يشغل أحد المناصب الإدارية الحساسة والتي تتعامل مع قطاع كبير جدا من الأطباء ،، كان الرد صادم بالنسبة لي أنه موظف وعليه تنفيذ التعليمات
خرجت من هذه المقابلة وأنا على يقين بفشل هذا المسئول الذي يتحدث بالورقيات وهو لايعي أن شروط المدير الناجح مرونة الحدث ودارسة المشكلات قبل حدوثها بل وتفادي حدوثها – ما يحدث من أغلب الإداريين هو السعي إلى حدوثها للاسف – وبالبحث عن أسباب عزوف الأطباء عن العمل الاداري وجدنا الآتي
أولا ؛ عدم وجود المرونة الكافية من السلطات الاعلى في سماع وجهات نظرهم وترك الحرية لهم في التطبيق ومعاملتهم كموظفين تحت قيد السمع والطاعة
ثانيا ؛ السعي المتكرر إلى تغييرهم في وقت وجيز بما لايسمح لهم بتحقيق أهداف مرغوب فيها
ثالثا ؛ عدم وجود فرص كافية للترقي رغم تضحيته بالعمل الفني وبالوقت الكبير ومايتخلل العمل الاداري من جوانب نفسية بين المسئولين وبعضهم
رابعا ؛ الاداري مباح في اي وقت من السلطات الاعلى والمرئوسين وأيضا هو متهم بالتقصير في كل الأمور لذا كان قرار الأغلبية العزوف التام او الاستقالة وهذا للأسف جرس إنذار بفشل المنظومة الصحية التي نرغب جميعا في العمل فيها للخدمة العامة ولكن لا نجد المساحة الكافية للابتكار أو التقدير
بقلمي / دكتور طارق محمد منصور أخصائي الجهاز الهضمي والكبد والمناظير
مقرر لجنة الشباب بمجلس نقابة أطباء سوهاج