لقد مر عقد من الزمان على الانتفاضة الشعبية ضد النظام الليبي والتدخل العسكري لحلف الناتو للمساعدة في الإطاحة بالنظام، ومنذ اندلاع تلك الانتفاضة أو ما أطلق عليه الغرب ثورات الربيع العربي لم تشهد ليبيا أي استقرار بل أصبحت أرضًا لمعركة تدار عليها حربًا بالوكالة، متشابكة الأطراف وصراع بين الميليشيات المسلحة وصوًلا للسلطة، ومقدرات ليبيا.
ومنذ عام 2014م تجمعت هذه المليشيات والجماعات المتنافسة على السلطة تحت معسكرين متحاربين لسلطتان متنافستان ممثلة في حكومة الوفاق الوطني التي يرأسها السراج المعترف بها دوليًا والتي تُدعم مليشيات المدن الغربية وميليشيات إسلامية في العاصمة طرابلس وجماعة الإخوان المسلمون ، فضلاً عن القبائل.
مقابل سلطة الجنرال حفتر بشرق ليبيا، وسيطرة قواته “الجيش الوطني الليبي” على المناطق الشرقية، وبعض المناطق الجنوبية في البلاد، ويحظى حفتر بدعم البرلمان القائم في مدينة طبرق الليبية، وكذلك دعم واسع من قطاعات الجيش والقبائل الشرقية، وجماعات مسلحة متفرقة في غرب وجنوب ليبيا.
وبالرغم من هذا الدعم للجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر، إلا أن التدخل التركي لدعم حكومة الوفاق قلص من دور حفتر ضد الوفاق.
لذا فإن تدخل أطراف إقليمية ودولية في الصراع، وخاصة تركيا التي أمدت حكومة الوفاق بالسلاح يعد تدخلاً رفضته الدول الأوروبية ودول الجوار وفي مقدمتها مصر لما في هذا التدخل من أثر سلبي على الأمن المصري، وتعريض السلم والأمن الدوليين للخطر.
وتعد عزيزي القارئ الثروة النفطية الليبية، والرغبة في الفوز بعقود إعادة الإعمار أهم عوامل الجذب للكثير من الأطراف الخارجية والمتدخلة في ليبيا، ، وهو ما يفسر المنافسة بين روسيا، والولايات المتحدة الأمريكية، ودول الاتحاد الأوروبي في ليبيا، وكذلك الدوافع التركية لدعم حكومة الوفاق الوطني عسكريًا، وتوقيع الاتفاق البحري والأمني معها.
إذ تسعى أنقرة لمزاحمة كل من مصر، واليونان، وقبرص في التنقيب عن الغاز بشرق البحر المتوسط والحصول على نصيب نفط ليبيا التي تملك أكبر احتياطي نفطي بالقارة الأفريقية.
وعلى الجانب الآخر نجد غيابًا لدور القانون الدولي والجهات الدولية المعنية بحماية السلم والأمن الدوليين، والذي تسبب في الوضع المأساوي الذي تعيشه ليبيا منذ عقد من الزمان سواء من الناحية الاقتصادية أو الإنسانية، ويمثل هذا تهديدًا لأمن دول الجوار الجغرافي، فهي تورد العناصر التكفيرية لمصر، ومٌصدرًا للسلاح لكثير من تلك الحركات.
الأمر الذي يدفع بمصر أن تدافع عن شعبها وإقليمها حفظًا على أمنها القومي وفقًا لقواعد القانون الدولي.
هويدا عبد المنعم دكتور قانون دولي عام مستشار أكاديمي قانوني مجموعة جاستس الدولية
مع تحيات إدارة جاستس الدولية للاستشارات المستشار نشأت عبدالعليم