جريدة الأهرام الجديد الكندية 
مقالات مشابهة
الحرب بالوكالة هي نوع من أنواع الحروب التي تلجأ إليها بعض الدول.
حرب تقام بين دولتين أو أكثر على أرض دولة أخرى لا ناقة لها ولا جمل، بل هي ساحة ومسرح للمعركة لتحقيق أهداف دول أخرى تتصارع من أجل تحقيق مصالحها أو أهدافها الاستراتيجية بشكل مباشر أو غير مباشر.
لذا تعد الحرب بالوكالة أحد أنواع الحروب
القديمة/ الحديثة التي تلجأ إليها الدول للحصول على غايتها
من دون الدخول في حروب مباشرة، يجعلها تستنزف الكثير
من الرجال والمال، فهي بمثابة حرب رخيصة الثمن
مقارنة بالحروب التقليدية لكنها تأتي على حساب الدولة الدائر عليها الحرب.
وتعد روسيا من أبرز الدول التي استخدمت أسلوب الحرب بالوكالة منذ القدم، وعلى سبيل المثال تمثل الحرب الأهلية الإسبانية (1936-1939) حربًا بالوكالة، وذلك من خلال الدعم المباشر وغير المباشر الذي قدمته العديد من الدول لأطراف هذه الحرب، فقد قدم كل من الاتحاد السوفيتي سابقًا وفرنسا الدعم لحكومة الجمهوريين، وقدمت ألمانيا وإيطاليا الدعم الصريح للثوار بقيادة فرانكو، وما قدمته الجهات الدولية الداعمة لكلا الطرفين من سلاح ومال ورجال ومساعدات أخرى ساهم في استمرار الحرب وانتشارها لمعظم الأراضي الإسبانية من أجل تحقيق أهداف هذه الأطراف كل على حدة، حيث رغب الاتحاد السوفيتي سابقًا ببقاء حكومة الجمهورية الشيوعية بقيادة الحزب الشيوعي الإسباني، ورغب المحور المضاد الذي كانت تقوده كل من ألمانيا وإيطاليا قيام دولة قريبة لها أيدولوجيًا. وكذلك الحرب الكورية (1950-1953) تعد أيضًا نموذجًا للحرب بالوكالة والتي دارت في القارة الأسيوية
وقد شاركت القوتين العظميتين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا في ما يقرب من 120 حربًا بالوكالة في البلدان النامية وفي مختلف القارات. وقد عضضت هزيمة الولايات المتحدة الأمريكية في حرب فيتنام وكذلك هجوم الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م من اعتمادها على الحرب بالوكالة مع خصومها.
وعلى صعيد آخر ففي الثمانينات وأوائل التسعينات من القرن الماضي كانت أفغانستان ساحة للحرب بالوكالة بين المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والمعسكر الشرقي بقيادة روسيا وباكستان والهند وغيرها.
وقد ظهر جليًا عزيزي القارئ أن أسلوب الحرب بالوكالة تزايد في النصف الثاني من القرن العشرين، وتحولت أشكال الحروب من الحروب التقليدية لحل النزاعات والصراعات إلى أشكال جديدة غير تقليدية، حيث اعتبرت العديد من الدول أن الحرب بالوكالة هو الوسيلة الفاعلة لتدخلها في شؤون الدول الأخرى، فضلاً عن أنها ليست بالحروب المباشرة التي تكبد الدول المتحاربة الكثير من المال والرجال. وإذا تأملنا ما يدار بالقطر العربي وبعد ما يسمى بثورات الربيع العربي وما تبعه من سيطرة الجماعات المسلحة أو المتطرفة على مناطق واسعة منه.
نجد أن أسلوب الحرب بالوكالة تزايد مع تزامن ثورات الربيع العربي من قبل العديد من الأطراف الدولية والإقليمية. تجنبًا منهم لتحمل المسؤولية القانونية من التدخل المباشر –الحرب التقليدية- أو للتعرض في بعض الأحيان لانتقادات من قبل الأطراف المعارضة لحكومات هذه الدول.
وجدير بالذكر أن الحرب بالوكالة الدائرة بسوريا تعد من أعقد الأزمات التي تهدد الأمن العالمي اليوم، وهذا نظرًا لحجم التدخلات الإقليمية والدولية (روسيا- إيران- تركيا- السعودية- قطر- إسرائيل وغيرها)، فضلاً عن أن تشابك مصالح تلك الأطراف أدى إلى استقصاء الحل السياسي واستمرار الاقتتال الداخلي، وجعل من تلك الأزمة أن أصبحت محط أنظار واهتمام القوى الإقليمية والدولية وساحة لصراع دولي بالوكالة.
كما أن التدخل الروسي جاء للتأكيد على الدور الجديد الذي تلعبه روسيا في الساحة الدولية كقوى دولية مؤثرة في العلاقات الدولية ومنافس للولايات المتحدة الأمريكية والحفاظ على النفوذ الروسي في الشرق الأوسط والبحر المتوسط.
أما الطرف التركي فهدفه هو الحفاظ على النفوذ التركي في سوريا وضمان مصالحه وصولاً إلى إسقاط النظام وتحقيق المشروع التركي القومي.
وجدير بالذكر أن الدوافع الأساسية للتدخل غير المباشر –الحرب بالوكالة- تتمثل في:
( رغبة الدول الكبرى في التمدد والتوسع الإقليمي – حماية المصالح الاقتصادية – حماية المصالح الدبلوماسية أو العسكرية – الأيديولوجية – موازيين القوى الإقليمية).
وبحكم طبيعة القانون الدولي الإنساني لتلك النزاعات والصراعات، فإنه يفرض التزامات قانونية على الجهات المشاركة في النزاعات المسلحة، فلا تكون ملزمة فقط باحترام القانون، بل أيضًا بضمان احترامه، وتشكل اتفاقيات جنيف الركن الأساسي للقانون الدولي الإنساني.
ونرى أن الدوافع على اختلافها يجعل القطر العربي يتفهم ما يحاك به ودافعًا قويًا للترابط ودعم المصالح المشتركة ضد قوى الشر التي تسعى في الأرض فسادًا.
د.هويدا عبد المنعم دكتور قانون دولي عام مستشار أكاديمي قانوني مجموعة جاستس الدولية.
مع تحيات إدارة جاستس الدولية للاستشارات المستشار نشأت عبدالعليم
