الأحد , ديسمبر 22 2024
د. ماجد عزت إسرائيل

ثقافة الاستفزاز!

د.ماجد عزت إسرائيل

اِستفزاز مصدر اِستَفَزَّ؛ يقَصَدَ هنا اسْتِفْزَازَهُ أي جَعْلُهُ يَضْطَرِبُ وَيَفُورُ غَضَباً،وأَثارَهُ، وأَزْعَجَهُ، وأيضًا نوع من التحريض يؤدي إلى الغضب. والاستفزاز قانونيًا من بين أسباب الإقدام على ارتكاب الجريمة لأنه يشكل علاقة بين الجاني والمجني عليه، فاستفزاز الجاني وإثارة غضبه دفعه لارتكاب الجريمة.

فالاستفزاز هو سلوك يقوم به شخص تجاه شخص آخر بقصد اثاره غضبه دون وجه حق او سبب مقنع.

ويُقال في الأمثال الشعبية: “خــضــه يــطـــلـع زبـــده”.

وقد ذكر جورج برنارد شو(1856-1950م)عن الاستفزاز قائلاً:“يستفزونك ليخرجوا أسوأ مآ فيك ثم يقولون هذا أنت… لا يا عزيزي، هذا ليس أنا، هذا ما تريده أنت”.

أما ألبرت أينشتاين(1879-1955) اقترح حلاً للبعد عن دائرة الاستفزاز والعيش في حياة سعيدة حيث ذكر قائلاً: “إذا أن تعيش حياة سعيدة فاربطها بهدف وليس يأشخاص أو أشياء”.
وهناك العديد من الطرق لتجنب المستفزين والاستفزاز فعليك عزيزي القارىء الكريم محاولة فهم السبب وراء ما يقومون به من افعال عدائية تجاهك ومواجه الموقف بأدب وحزم، ويجب عليك ان لا تفقد اعصابك، بل الاحتفاظ بالهدوء “لِذلِكَ يَصْمُتُ الْعَاقِلُ فِي ذلِكَ الزَّمَانِ لأَنَّهُ زَمَانٌ رَدِيءٌ.” (عا 5: 13).

وحتى لا يتصاعد الموقف فيتم تبادل الهجوم والادعاءات من قبل الطرفين. وأيضًا يجب الحد من الاتصال بقدر الامكان مع الاشخاص

المستفزيين وتجنب لقاءهم بقدر الامكان، وننتظر حكم الله كما علمنا الكتاب المقدس قائلاً: “جَيِّدٌ أَنْ يَنْتَظِرَ الإِنْسَانُ وَيَتَوَقَّعَ بِسُكُوتٍ خَلاَصَ الرَّبِّ” (سفر مراثي إرميا 3: 26) وحاول ان تبقى هادئا قدر المستطاع “إِنْ كَانَ مُمْكِنًا فَحَسَبَ طَاقَتِكُمْ سَالِمُوا جَمِيعَ النَّاسِ.” (رو 12: 18). وعليك أيضًا إلا تشغل تفكيرك بهذا الوضع كثيرا، لتحتفظ بفهمك وسلامك “ذُو الْفَهْمِ فَيَسْكُتُ” (سفر الأمثال 11: 12).

وكذلك تذكر أن الاستفزاز وسيلة الضعفاء لاظهار احقادهم. وتأكد ان الله ينظر دائما إليك ويتذكرك ولا ينساك “لاَ تَخَافُوا. قِفُوا وَانْظُرُوا خَلاَصَ الرَّبِّ الَّذِي يَصْنَعُهُ لَكُمُ الْيَوْمَ…..الرَّبُّ يُقَاتِلُ عَنْكُمْ وَأَنْتُمْ تَصْمُتُونَ” (سفر الخروج 14: 13، 14)
ويبرِّر كثيرون من الكتاب والمؤرخين واللاهوتين العنف السائد في العالم حاليًا على اعتباره كرد فعل طبيعيًّا للاستفزاز.‏ فقد نشأ العنف من ألدّ اعداء الله والبشر:‏ الشيطان ابليس الذي دعاه يسوع المسيح « قائلاً ».‏

“نَعْلَمُ أَنَّنَا نَحْنُ مِنَ اللهِ، وَالْعَالَمَ كُلَّهُ قَدْ وُضِعَ فِي الشِّرِّيرِ.” (1 يو 5: 19). لذلك يجب ان نبغض الاستفزاز أولاً حتى لانصل إلى مرحلة العنف ونحب ما يحبه الله لننال رضاه.‏

فمن الواجب علينا أن نبتعد عن الاستفزاز كما ورد في رسالة بولس الرسول إلى أهل كولوسي قائلاً:”وَأَمَّا الآنَ فَاطْرَحُوا عَنْكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا الْكُلَّ: الْغَضَبَ،السَّخَطَ، الْخُبْثَ،التَّجْدِيفَ، الْكَلاَمَ الْقَبِيحَ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ.

لاَ تَكْذِبُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ، إِذْ خَلَعْتُمُ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ مَعَ أَعْمَالِهِ، وَلَبِسْتُمُ الْجَدِيدَ الَّذِي يَتَجَدَّدُ لِلْمَعْرِفَةِ حَسَبَ صُورَةِ خَالِقِهِ” (كو 3: 8-10). فالله لا يترك أبنائه “أَمَّا الْوُدَعَاءُ فَيَرِثُونَ الأَرْضَ، وَيَتَلَذَّذُونَ فِي كَثْرَةِ السَّلاَمَةِ.” (مز 37: 11).

أما الأَشْرَار أو المستفزين يَهْلِكُونَ كما ورد بالمزمور قائلاً:”لأَنَّ الأَشْرَارَ يَهْلِكُونَ، وَأَعْدَاءُ الرَّبِّ كَبَهَاءِ الْمَرَاعِي.فَنُوا. كَالدُّخَانِ فَنُوا.” (مز 37: 20).

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.