الثلاثاء , نوفمبر 19 2024
نهر النيل

قصاصات قانونية من مجموعة جاستس الدولية حول الأنهار المتشاطئة “الجزء الثالث”

نستكمل سويا سلسلة قصاصات جاستس القانونية نتشرف بعرض إحدى القصاصات

بقلم د.هويدا عبد المنعم

معاهدات الدول المتشاطئة (اتفاقية عام 1959م) تمثل اتفاقية عام 1959م نموذجًا للتعاون بين بعض دول حوض النيل، فيما يتعلق باستخدام حقوقها التاريخية للمياه دون إجحاف بمصالح الدول الأخرى أو الإضرار بحقوقهم، وكذلك عدم الإخلال باستخدام دول المنابع بالحصص التي تستخدمها تاريخيًا، فضلاً عن أنها اتفاقية ذات طبيعة مختلفة عن الاتفاقيات السابقة لها، فقد تم الاتفاق عليها بعد استقلال دولتي مصر والسودان، ووقع عليها في القاهرة في الثامن من نوفمبر عام 1959م ودخلت حيز التنفيذ في 12 ديسمبر من ذات العام.

وقد تعرضت هذه الاتفاقية عزيزي القارئ للانتقادات من جانب دول أعالي النيل باعتبارها لم تكن طرف في الاتفاقية، ولم يأخذ رأيها في بنودها.

هذا من جانب وعلى جانب آخر أبدت دولة إثيوبيا

تحفظًا عامًا على الاتفاقية مفاده ألا تخل هذه الاتفاقية

بحقوقها في مياه النيل، ويرد قانونًا على هذه الانتقادات.

د.هويدا عبد المنعم

أن هذه الدول تعتبر من الغير بالنسبة لهذه الاتفاقية، وليس ثمة التزامات بصددها بينها وبين الدولتين أطراف الاتفاقية إلا في حدود ما تفرضه قواعد القانون الدولي للمعاهدات بصفة عامة، بالإضافة إلى أن عدم دعوة إثيوبيا للمفاوضة ولا المشاركة في الاتفاقية أمر لا شيء فيه من الناحية القانونية لأن المعاهدات قد تكون ثنائية أو جماعية، ونهر النيل كغيره من الأنهار الدولية يجوز فيه أن تكون الاتفاقية ثنائية، ولا ثمة التزام يوجب اشتراك الدول المتشاطئة في النهر، وأن الاتفاقية جاءت لتنظيم استخدام حصص مصر والسودان التاريخية، والالتزامات المتبادلة بشأن استخدام هذه الحصص.

أما عنوان الاتفاقية وما تعرض له من لبس متعمد في تفسيره ( الاستغلال الكامل لمياه النيل Ful Utilization of the Nile Waters) فمن الطبيعي ألا تستغل مصر والسودان مياه النيل بشكل كامل، وهما دولتان مرور ومصب لا يصلهما إلا نسبة ضئيلة من هذه المياه، والقصد المنطقي للعنوان هو الاستغلال الكامل لمياه النيل الواصلة إلى الدولتين وهي أقل بكثير من الكمية الكلية لمياه النيل، فضلاً عن أن الاتفاقية لا تلزم باقي دول حوض النيل بأية التزامات تجاه طرفي الاتفاقية على عكس اتفاقية عام 1929م التي وضعت على عاتق تلك الدول التزامات معينة تجاه مصر والسودان.

وتمثل عزيزي القارئ اتفاقية 1959م اتفاقية ثنائية بحتة، وقد احتوت على التزامات متبادلة بين طرفيها – مصر والسودان – أما ما يمس دول حوض النيل الأخرى، فلا يخرج عن التزام كلا الدولتين باتخاذ موقف موحد تجاه أية مطالب تثيرها أية دولة من هذه الدول فيما يخص مياه النيل، بالإضافة إلى قيام الهيئة الفنية المشتركة الدائمة التي أنشأتها الاتفاقية بمراقبة تنفيذ أي مشروع متعلق بمياه النيل يقام خارج حدود الدولتين.

وعلى صعيد آخر فقد وقعا الرئيسان المصري والإثيوبي في الأول من يوليو عام 1993م على اتفاق القاهرة والذي وضع إطارًا عامًا للتعاون بين الدولتين لتنمية موارد مياه النيل وتقرير المصالح السياسية المشتركة.

وقد جاء بالمادة الخامسة من الاتفاق بتعهد الطرفين بالامتناع عن أي نشاط يؤدي إلى إلحاق ضرر بمصالح الطرف الآخر فيما يختص بمياه النيل.

كما تعهدا في المادة السادسة بالتشاور والتعاون في المشروعات ذات الفائدة المتبادلة عملاً على زيادة حجم التدفق وتقليل الفقد من المياه في إطار خطط تنمية شاملة ومتكاملة.

ثم جاءت المادة السابعة لتوضح اتفاق الطرفان على إنشاء آلية للتشاور حول الموضوعات ذات الاهتمام المشترك بما في ذلك مياه النيل.

كما ورد بالمادة الثامنة من الاتفاق العمل للتوصل إلى إطار للتعاون بين دول حوض النيل لتعزيز المصلحة المشتركة لتنميته.

إن مصر عزيزي القارئ لم تكن ولن تكون ذات يوم دولة تعتدي على حقوق دولة من دول الجوار بل هي دولة محبة للسلام والتنمية، ومن خلال السياق الذي رسمه القانون الدولي تسعى مصر للحفاظ على حقها التاريخي من مياه نهر النيل، وكذلك الحفاظ على حقوق الدول ذات المصالح المشتركة.

د.هويدا عبد المنعم دكتور قانون دولي عام مستشار أكاديمي قانوني مجموعة جاستس الدولية.

مع تحيات إدارة جاستس الدولية للاستشارات / المستشار نشأت عبدالعليم

المستشار نشأت محمود عبد العليم

شاهد أيضاً

رحمة سعيد

كيف نحمي البيئة من التلوث؟

بقلم رحمة  سعيد متابعة دكتور علاء ثابت مسلم  إن البيئة هي عنصر أساسي من عناصر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.