الإثنين , ديسمبر 23 2024
ماجدة سيدهم

ثورة التوازن النفسى

بقلم : ماجدة سيدهم

(مصر هي القصد والنية والهدف والحل والإنطلاقة ..)

شوية معطيات كدا ..واسفة جدا للإطالة

أولا ..لازم نعترف أننا دولة دينية اترمى شعبها من غير ما حد يسمي عليه في حضن رجعية التراث الديني ..يعني الكلمة العليا والمؤثرة في ذهنية شوارع المحروسة والموجهة لسلوكه هي كلمة أي رجل دين مهما اختلفت عمته وتدنت ثقافته ومهما كانت ثقافتنا إحنا كمان ..

* لازم نعترف أن فكر التيار السلفي الغازي استهدف في خطته الإرهابية المدممة ضرب الدول ذات الحضارة والتاريخ العريق والفاخر.. ماشوفناش أي خيبة وانحدار قيمي وحضاري مريع حصل في الخليج مثلا ..ماحدش قرب من دول الرمل نهائي ..لأن القصد هو ضرب الحضارة في مقتل بشكل عام ومصر بشكل خاص ..وبعد كدا سهل جدا يجي جاهل يسيطر على الشعوب العظيمة بروث افكاره ..

* لازم نعترف أنه رغم كل مشاريع التنمية الضخمة من طرق ومدن جديدة وكباري لكن كنا و مازلنا في أمس الحاجة لأهم كوبري على الاطلاق ..كوبري الدولة المدنية ..اللي مافيش غيره هايطلع بالشعب دا من أوحاله وتخلفه وخرافة مقدساته وأوهامه إلى قمة الوعي و التحضر والرقي والإنتاج والتوازن النفسي .. مافيش شعب في الدنيا متقدم ومتحضر من غير مايكون وراه وأدامه وحواليه دولة حطت الثقافة والفكر والفنون والبحث العلمي وعلوم المنطق والفلسفة والقانون أول مشاريعها الأهم والأضخم على الإطلاق

*لازم نعترف أن الإعلام لم يكن أمينا بالمرة في أهم مرحلة تمر بها البلاد(فيما ندر ) ..وراح يهتم ويستنفذ الساعات والأيام ويشغل معاه الرأي العام بقضايا تافهة .. فتاوى على سحر على تفسير أحلام على خناقات فنانين على نزاعات دينية على نقاشات سطحية على ترويج للخرافات بحجة النقاش واستضافة وتلميع الأشباه

* لازم نعترف أن انهيار التعليم كان متزامنا مع غياب كافة الأنشطة والمهارات الفنية والثقافية والرياضية بالمدارس والساحات الشعبية وقصور الثقافة واقتصر التعليم على الترويج لخرافة كليات القمة وانهاك البيوت نفسيا وماديا .. ..

*لازم نعترف انه مابين التحريم والتشكيك انهارت تماما كل الفنون بلا استثناء (مسرح رواية ترجمة فولكلور موسيقا رقص .غنا .نحت .شعر…و.. .).تقلص الإبداع واقتصر على التجويد الديني واحبطت القدرات المميزة وتركت الساحة متاحة للدراويش والأئمة والأشباه والنفوذ ..

*لازم نعترف إن هجرة الريف إلى المدينة خلق جيل مسخ بلا انتماء سرسجي بكل ثقافته المرتبكة ..

*لازم نعترف بنزوح الكثير من الأثرياء لعالم الكومباوند خلق طبقة سكانية بلاستيكية .. من غير روح ولا معنى ..بنفس العقلية وبنفس التشتت النفسي ..

* لازم نعترف ودا الأهم والأهم .. بأن أول وأكتر ضحايا كرباج التراث الديني وأول من دفع تمن القهر الدراويشي هم الستات اللي اقنعوهم أنهم عوار وأنهم مجرد شياطين مثيرة لازم تتكفن بالسواد .. وأنهم مش أكتر من فرج وجتة لازم تتفرتك بسطوة أي ذكر كل دوره في الحياة أنه عنتيلدا غير الانفتاح الكبير على العالم خلق مليون سؤال ومقانة

** كل اللي فات دا وأكتر بيحصل بس في الدول الدينية اللي القانون فيها مش صارم والضمير فيها ميت والعقل فيها مختل ولرجال دينها حق ممارسة كل صلاحيات التخلف فطبيعي لازم يعاني شعبها من الكبت و عدم الثقة في النفس وفي الوطن

** مع تفاقم الصراع النفسي مابين الطبيعة الطبيعية للبشر والمفروض عليهم بالخوف وتضيق الخناق على الرقاب كان لازم الناس تتحايل وتكدب وتلاقي أي سكة للتنفيس من غير عقاب .. محاولات بس يشموا شوية هوا …ودي تعتبر بوادر رفض …فخرجت علينا مسخرة شرعنة كل المحرمات بالحلال ..يعني كل اللي منعتوه وحرمتوه علينا يارجال السلفية هانكتب احنا عليه حلال أو شرعي .. وهانعمله غصب عنكوا….ومالكوش عندنا غير لبس الطرحة وبس ..أو نتصور بالمصلية أو نبسمل ونحوقل وخلصت القصة ..ودا مالوش غير مدلول واحد إن إحنا النهاردة في بداية مرحلة الانفجار فعلا .. المجتمع مأزوم ومهزوم ومخنوق حرفيا . .. مرحلة مخيفة لاتستهتينوا بيها لأن البطل فيها المرة دي جيش مهول من الستات المقهورات ..

* ياحراس الفضيلة هو مالفتش نظركوا خالص تفسروا شكل أغلب البنات من لبس ومكياج وتاتوهات وأفكار متمردة على كل المستويات.. مالفتش نظركوا قنوات التيك توك دي تعني إيه ..؟ البنات دي مجرد تحدي جريء ورفض بيتحرك في الشوارع وعلى السوشيال ميديا .. الملخص هو إن دا رد الفعل الطبيعي جدا من أقصى القهر والقمع لأقصى الرفض والانحلال ..وهو دا قمة الخلل النفسي ..

طيب اقفوا شوية كدا عند جرايم القتل ..رجال مدمرة نفسيا بس بيصلوا .. وستات بتقتل وبكل أريحية وسلاسة وبرضه بيصلوا .. ماتستغربوش أوي كدا ..وواجهو ا نفسكوا مرة واحدة بالحقيقة ..ان دا نتيحة انحسار العيشة جوه دماغ واحد سلفي .

فالست اللي بتقتل جوزها بالشكل الإنتقامي دا (باستنثناء البعض ) بتوصل رسالة للعالم .. أنها قتلت تراكم ظلم سنين ..قتلت العبيء التقيل اللي على روحها ..قتلت كل الوصاية وكل القهر وكل الاستغلال وكل الإهانة والاحتقار وعدم التقدير ..هي قتلت لأنها ماعادت تقدر تتحمل التمزق النفسي اللي جواها مابين الخوف من لعنة الملايكة ومابين انتهاكها إنسانيا ..قتلت لأن مافيش إجابة أخلاقية على السؤال الملح اللي جواها …رفضت كل فكر ورأي ضد كرامتها وإنسانيتها حتى لو كات تراث شرعي ومهما كانت العواقب.. يكفيها أنها رفضت مهزلة استمرار حياتها ميتة .. أخدت قرار مصيرها بحريتها وقتلت المجتمع الذكوري كله ..

فإحنا أدام حل من الاتنين.. يانطلع بهدوء وسلام من الخنقة المفزعة دي ..ودا دور الدولة بإعلان وترسيخ قيم الدولة المدنية قولا واحد ..يانكسر كل الجدران المحبوسين جواها بصرخة واحدة لاتقبل أية نقاش أو تفاهم فانتبهوا من غضبة النون فهي قادمة لا محالة ..ومش من تونس ولا سوريا ولا العراق ..ولا أي دولة بالعالم …لكنها من مصر قلب الحدث.. وقلب المشهد وبيت القصيد وأصل الحكاية ورأس الأفعى

أيوه الست المصرية هي البطولة اللي جاية ..هي اللي حاتحط النقطة آخر السطر.. وهي اللي هاتقطع الصفحة القديمة .. وهي اللي هتبدأ الحياة من أول وجديد على نضافة و على حرية وأمان .. وقتها بس هانرتاح و العالم كله هايرتاح..

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.