استكمالا للوعد من مجموعة جاستس الدولية للإستشارات وطرح سلسلة قصاصات قانونية لتناقش أحد الموضوعات القانونية ليستفيد منها القارئ.
فاليوم نقدم موضوع شيق ومهم لكل مصري وهو: الأنهار المتشاطئة أهمها نهر النيل وهو من أقدم الأنهار من حيث الوجود، وأولها من حيث تجمع بني الإنسان حول مجراه ليقيموا على شاطئيه أول جماعة إنسانية سياسية تعيش على أساس من الثبات والاستقرار، وهو بالنسبة لمصر مصدر الحياة كلها.
ويبلغ طول نهر النيل حوالي 6650 كم.
وهو من أطول أنهار العالم. ومن المعلوم أن نهر النيل تتشاطئ عليه إحدى عشر دولة تحت مسمى دول حوض النيل أو الأندوجو وهم ( تنزانيا – الكونغو الديمقراطية – أوغندا – كينيا – بورندي – روندا – أثيوبيا – اريتريا – جنوب السودان – شمال السودان – مصر ).
وتنقسم الأنهار إلى أنهار وطنية وهي التي يقع مجراها كله من المنبع إلى المصب داخل أقليم دولة واحدة، كنهر بردي في سوريا ونهر البارد في لبنان ونهر السين في فرنسا ونهر التايمز في انجلترا، ومثل هذه الأنهار تدخل في نطاق السيادة الإقليمية للدولة صاحبة الإقليم شأنها في ذلك شأن أي جزء من الإقليم.
ومن ثم يكون للدولة الحق في استغلال موارد النهر الطبيعية على النحو الذي يتراءى لها.
كما لها أن تُقصر الملاحة فيه على سفنها فقط أو أن تسمح بها لمراكب الدول الأخرى أو لبعض منها إذا شأت.
أما الأنهار الدولية عزيزي القارئ فهي تلك الأنهار التي تجري بين أقليمي دولتين أو أكثر، كنهر الراين والدانوب ودجلة والفرات والكونغو ونهر النيل وغيرها، وحكم هذه الأنهار أن كل دولة متشاطئة على النهر تختص بالجزء الواقع داخل حدودها الإقليمية، ولكل دولة يجري في إقليمها نهر مشترك حق الانتفاع بمياهه والحصول على حقها منه.
كما أن لها الحق في استغلال القوى الطبيعية الموجودة في المجرى الذي يقع في نطاقها، وأن تقيم فيه من المنشآت الهندسية ما يحقق لها هذا الاستغلال.
غير أن هذا الحق مقيد بعدم المساس بالأوضاع الطبيعية والجغرافية والتاريخية للنهر، فضلاً عن عدم المساس بالحقوق التي تتمتع بها الدول الأخرى من مياه النهر. وتتحمل الدولة تبعية المسؤولية الدولية إذ هي أقامت إنشاءات أو استغلت مياه النهر بصورة تضر بالدول المشتركة الأخرى.
وجدير باذكر أن الدول المتشاطئة تعتمد عند بعض الفقهاء على نظرية الملكية المشتركة للنهر الدولي على أساس أن النهر بأكمله – من المنبع إلى المصب – يعد ملكًا مشتركًا بين جميع الدول التي يجري النهر في إقليمها بحيث تكون حقوقًا متساوية ومتكاملة، فلا تنفرد إحداهما دون موافقة الدول الأخرى بإقامة مشروع للانتفاع بمياه النهر في الجزء الذي يجري في إقليمها ما دام هذا الانتفاع يؤدي إلى إحداث تأثير على جريان مياه النهر سواء بالزيادة أو بالنقصان، وعلى الدول المتشاطئة احترام حقوق الجوار، وللدول التي يجري في إقليمها أحد المياه الدولية حقوقًا متقابلة في الانتفاع بالمياه والاستعمال التاريخي لها، والامتناع عن القيام بأي عمل يكون من شأنه الإضرار بالمصالح المقررة لبعضها تجاه البعض الآخر.
وعلى صعيد آخر فقد سعت سياسة مصر المائية منذ أن تأسست الدولة الحديثة إلى تحقيق هدفين أساسين، هما ضمان التدفق الطبيعي لمياه النيل من ناحية ومن ناحية أخرى إلى تنمية الموارد المائية للنهر للوفاء باحتياجات مصر المتزايدة من المياه مستقبلاً، ولتحقيق ذلك لجأت مصر تارة إلى التوسع الإقليمي لضمان السيطرة على منابع النيل، وتارة أخرى إلى تأمين تدفق مياه النيل من جانب دول المنابع من خلال عقد مجموعة من المعاهدات فيما بينهم، وامتناع الدول المتشاطئة لنهر النيل من إقامة أية مشروعات على النيل أو أي من منابعه وروافده يكون من شأنها التأثير على المياه الواصلة لدولة المصب – مصر – ولدولة المجرى الأوسط – السودان – سواء من حيث الكمية أو توقيت الوصول.
إلا بعد التشاور المسبق والاتفاق معها. ثم لجأت إلى التعاون مع دول حوض النيل الأخرى لتتقاسم معها منافع النهر. عزيزي القارئ إن الانتفاع بمياه الأنهار المتشاطئة، وتعدد المصالح وازدياد الحاجات والزيادة السكنية، وما نتج عنه من إقامة خزانات المياه الكبرى والسدود.
أدى إلى وجود نزاعات بين الدول المتشاطئة نظرًا لعدم الاستخدام المنصف والعادل للمياه. مما أدى إلى ظهور مشكلة قانونية تتعلق بالمياه.
الأمر الذي استدعى أن يكون هناك حلول فقهية لبيان الانتفاع بالأنهار المتشاطئة، حيث اشترطت المبادئ الجديدة على ضرورة تقييد سلطة الدولة في التصرف بمياه الأنهار المتشاطئة التي تقع ضمن إقليمها، وأن يكون هذا الاستخدام غير مضر بالدول الجوار معها، ولا يغيب عن الأذهان أن مثل هذه الأشكاليات تصدى لها القانون الدولي والعلاقات الدولية بطرح أساليب التنظيم القانوني الذي تواتر عرف الدول على اتباعه من خلال المعاهدات الدولية، حيث أن هذه المعاهدات تسهم في إيجاد الحلول لمشكلة المياه، فتدخل القانون الدولي يرتب آلية العمل وكيفية التعاون حتى مرحلة قيام المسؤولية الدولية التي يرتبها على الدول التي تتسبب بإلحاق الضرر بالدول الأخرى المتجاورة في المياه، وسوف نتطرق لاحقًا للمعاهدات الدولية الحاكمة لدول حوض النيل (الأندوجو).
بقلم دكتورة/ هويدا عبد المنعم د.القانون الدولي العام والتحكيم مستشار أكاديمي قانوني مجموعة جاستس الدولية للاستشارات
مع تحيات إدارة جاستس الدولية للاستشارات
المستشار/ نشأت محمود عبد العليم