د.ماجد عزت إسرائيل
الأقباط أحفاد الفراعنة أستطاعوا حفظ التراث الثقافي منذ الدولة المصرية القديمة وحتى يومنا هذا.
وقد اشتهروا بترابطهم وتواصلهم وعاداتهم وتقاليدهم وساعدهم على ذلك ارتباطهم بالكنيسة.
وعبر العصور التاريخية يذكر لهم مواقفهم الوطنية ودورهم وحبهم الشديد للتعلم وللعلوم والثقافة والفنون. وحفروا أسماءهم في التاريخ. والآن عزيزي القاريء الكريم يمكن تتبع بعض نوابغ القرن الثالث عشر الميلادي.
فقد اشتهرت أسرة أولاد العسال التي يأتي على رأسها فخر الدولة أبوالمفضل أسعد بن أبوسهل جرجس بن أبو البشر يوحنا الكاتب المصرى ابن العسال وأنجب أبوالمفضل أربعة أبناء من زيجتين، وهؤلاء هم الصفى والأسعد من زواج أول، والمؤتمن والأمجد من زواج ثان بعد وفاة زوجته الأولى.
ومؤتمن الدولة أبو اسحق بن العسال معروف بكتابه مجموع أصول الدين ومسموع محصول اليقين،وهو عمل لاهوتي،وتوجد نسخ منه بمكتبة البطريركية بالقاهرة، ومكتبات باريس ولندن والمكتبة الشرقية لليسوعيين. واشتهر الأسعد أبوالفرح هبة الله بمقدمة (أجرومية) فى أصول اللغة القبطية ومن اشهر أعماله ترجمته للإنجيل من القبطية إلى العربية، توجد نسخة بلندن وأخرى بأكسفورد.
بينما اشتهر الصفى أبو الفضائل بكتابه الشهير”المجموع الصفوى”، الذي كان المرجع القانونى الرئيسى للكنيسة القبطية منذ القرن الثالث عشر وحتى يومنا هذا. بينما لم يترك لنا الأمجد أبو المجد فضل الله، أي مؤلفات ولكنه اشتهر بعمله كاكتب للدرج ولديوان الجيش.
وحقا تبحروا أولاد العسال في العلوم اللاهوتية وقوانين الكنيسة القبطية وتركوا لنا تراثاً فريد من نوعه خلال ذات الفترة.
ومن الجدير بالذكر أن القديس بولس البوشي أسقف بابليون الذي ولد في بوش( مركز ناصر) التابعة لمحافظة لبني سويف، وترهب في دير تابع لمديرية الفيوم مع داود بن لقلق الذي صار فيما بعد البابا كيرلس الثالث البطريرك رقم 75 (1235-1243م).
ترك لنا مجموعة من كتاباته “الأدلة العقلية التي توصل إلى معرفة الإله المتأنس”، يبحث في سرّ التجسد، موضحًا أنه وإن كان سرًا فائقًا للعقل لكنه يستطيع العقل أن يلمح قبسًا منه من خلال التأمل والتفكير العميق والمنطق المسلسل.
يوجد هذا المخطوط في مكتبة يودليان باكسفورد تحت رقم 38/5، وكتاب “العلوم الروحية”، توجد منه نسخة بدير السريان، نُسخت عام(1860م)، وتفسيرًا لسفر الرؤيا، توجد منه نسخة في المتحف القبطي تحت رقم 36 طقس. وكتب لنا جدلية بين المسيحيين والمسلمين، كانت تُثار بروح المودة في حضرة الملك الكامل العادل بن أيوب (1218-1238 م). الميامر الخاصة بالأعياد السيدية.
وفي القرن الثالث عشر الميلادي اشتهر أيضًا الأنبا ميخائيل أسقف مليج وأتريب ويُعرَف باسم ميخائيل الجميل. كان أسقفًا من بلدة مليج بمحافظة المنوفية، الذي وضع كتابي كتاب السنكسار الجامع لأخبار الأنبياء والرسل والشهداء والقديسين المستعمل في كنائس الكرازة المرقسية في أيام وآحاد السنة التوتية، والطب الروحاني، وكذلك ابن كبر؛ القس المؤتمن شمس الرئاسة أبو البركات بن كبر قسيس. وقد تنيح في15 بشنس1040 ش/ 1323 م. كان كاتبًا للسلطان بيبرس الدويدار (السلطان البندقداري)، ومن اشهر مؤلفات ابن كبر: كتاب عن الميرون، وصف فيه المواد التي يتألف منها وكيفية طبخه.
وكتاب جلاء العقول في علم الأصول، الملقب بكشف الأسرار الخفية في أسباب المسيحية، يتضمن 18 فصلًا في وحدانية الله وتثليث أقانيمه والتجسد الإلهي (توجد نسخة بمكتبة الفاتيكان وأخرى بدمشق). وأيضًا مصباح الظلمة وإيضاح الخدمة، يمثل موسوعة لاهوتية كنسية.
توجد نسخة منه في كل من مكتبة الفاتيكان ومكتبة برلين والمكتبة الأهلية بباريس. وكذلك البيان الأظهر في الرد على من يقول بالقضاء والقدر.
وكتاب الخطب، خاصة بالأعياد والمواسم، وكتاب السلم الكبير:قاموس للغة القبطية، طبع في مدينة روما عام 1643 م، ونشر بالقبطية واللاتينية والعربية، ويعتبر من أنفس الكتب في القبطية.
وابن كاتب قيصر؛ هو الرئيس الأوحد علم الرئاسة أبو اسحق إبراهيم ابن الشيخ الرئيس أبي الثناء ابن الشيخ صفي الدولة كاتب الأمير علم الدين قيصر.
وضع مقدمة في قواعد اللغة القبطية معروفة بكتاب “التبصرة في أصول اللغة القبطية“، توجد نسخة منه في مكتبة باريس الأهلية. وضع أيضًا تفاسير في إنجيل متى، وأعمال الرسل، ورسائل بولس، والكاثوليكون، وسفر الرؤيا. وكان ابن كاتب قيصر مُعاصر لأولاد العسال.
ومن رواد القرن الثالث عشر الميلادي اشتهر يوحنا بن زكريا بن سباع الذي وضع كتابًا في الطقوس اسمه ”الجوهرة النفيسة فى علوم الكنيسة“.
كما اشتهر القديس بطرس السدمنتي الذي كان راهِبًا في دير مارجرجس بسدمنت الجبل – مركز إهناسيا- بمحافظة بني سويف وهذا السدمنتي وضع 14 مؤلف أهمها: “التصحيح في آلام السيد المسيح“، وهو مؤلَّف عظيم يتناول بالتوضيح كل ما يتعلق بآلام المسيح وصَلبه، وكتاب آخر باسم “التأملات الروحية”.
أغلب مؤلفاته موجودة في المكتبة الأهلية بباريس ومكتبة الفاتيكان ومكتبات بعض أديرة لبنان. وقد اهتم بها الراهب الجزويتي بطرس فان أكبرج. للحديث بقية عن نوابغ الأقباط في القرن الثالث عشر الميلادي.