أشادت منظمات حقوقية، اليوم الجمعة، بكلمة مصر أمام مجلس الأمن بشأن أزمة سد النهضة، مشيرين إلى أنها كانت وافية وكشفت مدى تعنت إثيوبيا وقراراتها المنفردة ببناء وملء السد دون النظر للأضرار والمخاطر التي ستلحق بدولتي المصب، فضلا عن مسؤوليتها في إفشال المفاوضات، مؤكدين حرص مصر والسودان على الأمن والسلم الدوليين.
وذكرت المنظمات أن الخطاب الإثيوبي جاء مخيبًا للآمال لأنها ما زالت تراوغ وتتعنت في قراراتها المنفردة دون احترام للاتفاقيات الدولية، مؤكدين ضرورة التوصل لاتفاق قانوني ملزم؛ حفاظًا على حق الحياة لمواطني مصر والسودان.
وقال علاء شلبي رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، إن كلمة مصر كانت وافية ومعبرة، وتناولت بواعث القلق، وأوضحت مسؤولية إثيوبيا في إفشال المفاوضات، وتفاعل مصر مع هذه الأزمة بحسن نية.. مشيرا إلى أن رفض إثيوبيا التوصل لاتفاق قانوني ملزم سيكون له خطر كبير على الحق في الحياة والنماء في دولتي المصب، وبالتالي تهديد السلم والأمن الدولي.
وأوضح أن كلمة إثيوبيا جاءت مخيبة للآمال، واستندت على تعبيرات عاطفية جوفاء لا علاقة لها بالواقع ولا بالقانون، ولا تتسق مع قواعد القانون الدولي، مشيرا إلى إن حديثها المزعوم الذي ربط إحداث التنمية وتوليد الكهرباء بالسد هو حديث فاشل، ففي أقصى تقديرات الخبراء كان توليد الكهرباء يعني بناء سد بحجم متوسط لتخزين نحو 14 مليار متر مكعب، لافتا إلى أن كلمة السودان أوضحت المخاطر السابقة والمتوقعة إذا عجز مجلس الأمن عن الاضطلاع بمسؤولياته.
وأشار شلبي إلى أن واردات إثيوبيا السنوية من المياه تبلغ متوسط 950 مليار متر مكعب، لكنها فجأة تقول أنها لا تستفيد من مياه النيل التي توفر لكل من مصر والسودان أقل من 75 مليار متر مكعب.
ولفت إلى أن مزاعم إثيوبيا بأن اتفاقات تنظيم الحصص تعود إلى زمن الاستعمار ولا يصح الاستناد عليها، هو أمر يخالف اتفاقية “فيينا” لقانون المعاهدات ومبدأ توارث الالتزامات القانونية الدولية.. منوها بأنه حال التسامح إزاء هذا الانحراف، فإن أكثر من 100 دولة من أعضاء الأمم المتحدة تواجه خطر إعادة رسم حدودها.
وتابع قائلا: “إن هذا المنطق الأجوف لا يتسق في حالة إثيوبيا لأنها لم تكن مستعمرة عام 1902 حين رسمت الحدود، ولا في عام 1929 حين تم الاتفاق على توزيع حصص المياه، ولا في عام 1959 حين وقع الاتفاق الثنائي بين مصر والسودان”.
من جهته.. قال عصام شيحة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان إن كلمة مصر التي ألقاها وزير الخارجية سامح شكري كانت قوية، استندت لمواثيق دولية واتفاقات إقليمية، وأوضحت دور الاتحاد الأفريقي والآثار السلبية لقرارات إثيوبيا المنفردة في بناء وملء السد، كما أكدت عدم السماح بالقرارات الأحادية الجانب، مشيرا إلى أن هناك مشاركة واضحة في الرسالة والمعنى بين مصر والسودان.
وأضاف أن كلمة مصر والسودان كانت أكثر مصداقية ووضوحا وواقعية وأكدت الحرص على الأمن والسلم الدوليين، لافتا إلى أن الآمال معقودة على أن مجلس الأمن يحفظ هيبة المنظومة الدولية ويصدر قرارا ملزما لجميع الأطراف في إطار زمني محدد.. موضحا أنه المنظومة الدولية تتفهم المخاطر التي سوف تترتب على عدم تدخل مجلس الأمن على أقل تقدير في تحديد إطار زمني لإنهاء المفاوضات.
وتابع شيحة قائلا: “إن كلمة إثيوبيا كانت مليئة بالأكاذيب وتشير بشكل مباشر إلى أن الاتفاقيات الدولية ما هي إلا ضغوط من الاستعمار، في محاولة للهروب من الالتزامات”، مشيرا إلى أنها غفلت عن منظومة حقوق الإنسان وعن حق البقاء الذي لا يعلى عليه أي حق آخر، حيث أن أديس أبابا تتصور أن لها الحق بالانفراد والتصرف في مياه نهر النيل دون الالتفات للأضرار الجسيمة التي سيتأثر بها كل من الشعبين المصري والسوداني.
وبدوره.. قال أيمن عقيل رئيس مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، وعضو المبادرة الأفريقية “النيل من أجل السلام”، إننا نرفض القرار الإثيوبي المنفرد ببدء الملء الثاني للسد، مطالبا أديس أبابا بالوصول لاتفاق قانوني ملزم حول إدارته وقواعد الملء والتشغيل؛ لعدم الإضرار بمصالح دولتي المصب (مصر – السودان).
وأضاف أن مصر ترفض القرار الإثيوبي أحادي الجانب، كما أن المبادرة الأفريقية (مياه أفريقيا السلام ..النيل من أجل السلام) هي وثيقة تنص على وجوب تأجيل ملء السد، والتوصل لاتفاق قانون ملزم للجانب الإثيوبي، فضلا عن الحفاظ على حقوق الأجيال القادمة في نهر النيل، مشيرا إلى أن هذه المبادرة تم اعتمادها من عدة منظمات وتم تداولاها وإرسالها لمنظمات وللحكومة الإثيوبية.
وأوضح أنه لم يصدر من مصر أو السودان أي تصريح رسمي ضد بناء السد، ولكن كان هناك موافقة على بنائه لتنجز إثيوبيا خططها التنموية دون الإضرار بالغير، ولكن الخلاف يتمحور حول إن أديس أبابا لا تريد الاتفاق مع دولتي المصب على اتفاق قانوني ملزم.. قائلا: “نرى الإعلان عن بدء الملء الثاني للسد بإرادة منفردة يضع كافة الأطراف في حرج”.
وأشار رئيس مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان إلى أن المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا استمرت لمدة 10 سنوات دون جدوى، الأمر الذي يدل على سوء نية الجانب الإثيوبي، ومسؤوليته في إفشال هذه المفاوضات.