حمادة إمام
أمس رحلت اعتماد خورشيد ومع رحيلها عاد الجدل يثار مرة أخرى عن كتابها الذى صدر تحت عنوان اعتماد خورشيد شهادة على انحرافات صلاح نصر وهو الكتاب الذى اعتبره البعض وثيقة ادانة لعصر عبد الناصر والبعض الاخر اعتبرة ارشيف لعلاقة الجنس بالسلطة لتضيع الحقيقة بين الاثنين فلا هو وثيقة ولا هو مرجع وانما نموذج مثالى لفن التشوية
في يوم ١١/٥/٨٦٩١ بدأت محكمة الثورة في محاكمة صلاح نصر تكونت المحكمة من السيد حسين الشافعي رئيساً وعضوية الفريق محمد عبد الكريم واللواء سليمان مظهر وتولي الادعاء المستشار علي نور الدين ومعه المستشار حامد والمستشار سمير ناجي ,واستدعت المحكمة الشهادة الوحيدة على صلاح نصر.
حالتها الاجتماعية تقول أنها من مواليد ٩٢ أغسطس ٥٣٩١ مدينة المنصورة واشتهرت باسم اعتماد خورشيد بعد زواجها من المصور السينمائي أحمد خورشيد، عاشت حياة معقدة للغاية انفصلت أمها عن أبيها وتزوج الأب وتزوجت الأم وعاشت معذبة بين زوجة الأب وزوج الأم.وقبل بدء المحاكمة بلحظات زعلى حسب كلامها تقدم منها رئيس هيئة الادعاء المستشار علي نور الدين وبدأ يشرح لها كيفية أدائها للشهادة قائلاً: صلاح نصر سيكون في القفص علي يميني لا تنظري إليه ونحن أعضاء هيئة الأدعاء ستكون في الجهة اليسري انظري الينا ووجهي كلامك إلي المحكمة دون أن تنظري ناحية القفص ويمكنك وضع نظارة سوداء علي وجهك لا تضطربي وكوني متمالكة لأعصابك.وبدأ حسين الشافعي المحاكمة موجهاً كلامه إلي »اعتماد خورشيد« قائلاً لها نريد أن نعرف قصتك مع صلاح نصر منذ اللحظة الأولي ورجع بكرسيه للخلف انتظاراً لبدء الحديث.
وساد الصمت في أركان القاعة وأخذت تحكي قصتها مع صلاح نصر منذ البداية وتروي حكايات وروايات تجرد الرجل من ادواره الوطنية وتمحو كل ما قدمه لوطنه وتأمين الثورة في أشد فترات تجمع الأمم ضدها، تفاصيل تظهر الرجل بمظهر الشاذ والمراهق واللص والطفل والمعقد وأنها العفيفة الشريفة الضحية البريئة التي خضعت له تحت التهديد بالقتل واغتصاب أولادها.
فهو تابع لعبد الحكيم ينفذ طلباته ورغباته ارتبط به منذ أن دخل الكلية الحربية نظراً لثراء عبد الحكيم وفقر صلاح نصر وأنه استغل موقعه وقربه من عبد الحكيم في كتابة التقارير حول ضباط الجيش لنقل وابقاء من يريد لتأمين قيادة الجيش لعبد الحكيم.وصلاح نصر كان معقداً وعنده عقدة من النساء واسباب عقدته سببها زواجه من زوجة عمه التي كانت تكبره بعشرين عاماً وكانت تعامله كتلميذ وكابن من أولادها فشعر بعقدة وحول معاملة زوجته له إلي عقدة اذلال لكل الناس وخاصة النساء وانعكست عقده علي سلوكه فقد كان كارهاً لاولاده وأخواته لدرجة أن أخاه أنتحر أمامه وتركه يموت.
صلاح نصر بالإضافة إلي ذلك شاذ جنسياً زاد شذوذه بعد زيارته لمراكز التدريب علي الأعمال القذرة في المانيا حيث درس الأسلوب النازي وفي الهند حيث تدرب علي استخدام الجنس وفي اليابان بعد أن تدرب علي أجهزة التصنت فهو عاشق للأعمال القذرة فهي حياته ومركز تفوقه علي كافة زملائه داخل وخارج الحكم بالنساء والتقارير.
صلاح نصر الذي كان اسمه يبث الرعب في القلوب وتقشعر الأبدان من سماع اسمه كان يركع تحت أقدامها ويبكي ويطلب منها أن تتزوجه وإجبار زوجها أن يطلقها وهي في الشهر السابع في مقابل أن يشتري استوديو التصوير الخاص به.ودبر فرصة عمل في بيروت وشراء ادوات تصوير جديدة وتوقيع عقود أفلام.
حتي عندما فاجأتها آلام الوضع كان يتنكر في زي رجل صعيدي ويحضر إلي المستشفي ليطمئن عليها.
كانت هذه المعلومات عن الحياة الشخصية وسلوكيات »صلاح نصر« كافية لتشويه صورته وسمعته للأبد وكانت هذه المعلومات تتسرب من حين لأخر اثناء المحاكمة فكان هناك العديد من الأسرار والحكايات التي لم تنشر وظلت في طي الكتمان اسراراً عليا للبلاد كما أنها تكشف عن عمليات واسرار قام بها رجال المخابرات.وفي يوم ٦٢ أغسطس ٧٦٩١ عقدت محكمة الثورة لإصدار الأحكام في قضية انحراف المخابرات ومؤامرة المشير وقضت بسجن صلاح نصر في قضية المخابرات بالسجن لمدة ٥١ عاماً وفي قضية رجال المشير بالأشغال الشاقة المؤبدة.
مات عبد الناصر وتولي السادات الحكم وقاد انقلاباً ضد مبادئ الثورة واستولي علي الحكم وحده وسجن كل الرافضين لسياسته ووضع كل من ايدوا عبد الناصر خلف القضبان وقامت حرب أكتوبر وانتصرت مصر.وقرر السادات أن يمشي بأستيكة علي مبادئ وخط عبد الناصر وبدأ يبحث عن معارضة عبد الناصر القدامي وأجري لهم عمليات إحياء ودفع الدماء إلي شرايينهم من جديد.
وكان ضمن ما أفرج عنه »مصطفي أمين« الكاتب الصحفي والذي لم ينسي ثأره مع عبد الناصر وثورة يوليو بشكل عام ومع صلاح نصر بشكل خاص.وحرص السادات في الإفراج عن مصطفي أمين علي أن يكون ضمن صفقة الجواسيس التي وقعها مع كيسنجر وخرج لاسباب صحية ورفض أعادة محاكمته حتي لا يحصل علي براءة ويدعي بعدها تعرضه للظلم وأن القضية كانت ملفقة وأكتفي فقط بالسماح له بتقديم مذكرة للمدعي الأشتراكي وحصل بعدها علي عفو قضائي دائم وليس براءة وكان الإفراج صفقة تتفق مع تحولات السادات العسكرية والاتجاه ناحية الغرب وكان المطلوب منه استغلال قلمه في تشويه صورة عبد الناصر ومرحلته وكان »صلاح نصر« هو الشخصية الوحيدة التي تفرغ لها مصطفي أمين للأنتقام منه في صورة عهد عبد الناصر.
فطوال فترة السجن لم ينس »مصطفي أمين« دور صلاح نصر في كشف حقيقته والقضاء علي أمبراطورية واسطورة آل أمين وهي الذي كشف تجسسه وعمالته للأمريكان. وطوال حياته ومنذ خروجه من السجن وحتي موته عجز أن ينفي عن نفسه تهمة التخابر من الأمريكان. الا أنه نجح في تشويه صورة »صلاح نصر« وتجريحه عن طريق »اعتماد خورشيد« وإقناعها بنشر تفاصيل شهادتها أمام محكمة الثورة. وبدأت خطة مصطفي أمين بتمهيد في عموده اليومي في أخبار اليوم.
يقول فيه: قرأت حديثاً للصحفي المعروف محمد بديع سربيه مع النجمة مريم فخر الدين روت فيه كيف أن رجلاً خطيراً من أصحاب النفوذ في الستينات رمزت له بحرفي »ص.ن« طاردها.. قالت: وحاول إخضاعي بشئ من أنواع الضغط والإرهاب والتهديد ولكني حاربته بأسناني وأظافري.
وقالت.. أنها أخذت ابنها وهربت به إلي بيروت ولم يكن معها سوي ٢١ جنيهاً.
وقالت إنها سجلت هي ووالدتها أحاديث الرجل الخطير التليفونية وتهديداته.
وأنها اضطرت أن تبقي في بيروت أربع سنوات بعيدة عن مصر لأن الرجل المسئول الكبير كان يطاردها بشراسة.
وقالت أن قصتي قصة حقيقية وهي سينمائية مائة في المائة ولو فكر أحد في انتاجها لدرت عليه كسباً كبيرا ولكن لن أكون أنا المنتجة وأنا أغرق الأن في بركة الإنتاج.
وبعد هذه المأساة ذهبت أدوار البطولات.. عشت في ذلك الحياة أيام رعب وقلق وخوف شديد أتذكرها اليوم كحلم مزعج كفيلم أتفرج عليه أصدق أحداثه.
فهل يمكن أن أصدق أن من جملة أعمال »ص.ن« أنه طلقني من زوجي لانه كان بنفسه يرسل لزوجي سيدات يشغلنه بل كان يوحي إلي بطريق أو بأخر بأن زوجي يخونني فأذهب وأري زوجي بالجرم المشهود.إن قصة مريم هي قصة تصلح لفيلم خطير يروي بتفاصيل مثيرة كيف حاول مسئول كبير أن يستغل مركزه الضخم ونفوذه الهائل لمحاولة اغتصاب نجمة مشهورة.
وكيف استطاع أن يرغمها علي الطلاق من زوجها ويزيد من أهمية القصة أن مريم تقول أنها لاتزال حتي الأن تحتفظ بالأشرطة المسجلة التي تحوي صوت المسئول الكبير وهو يغازل ويهدد ويتوعد.إنني أعرف أنه يوجد ملف اسمه »انحرافات المخابرات« في الستينات وفيه أحدث وحكايات واعترافات يشب من هولها الولدان. وأن إحدي السلطات سحبت هذا الدوسيه الخطير من محكمة الثورة.وأن محكمة الجنايات بالقاهرة طلبت هذا الدوسيه ثلاث مرات ورفضت السلطات تسليمها الدوسيه.
وقد سجلت محكمة الجنايات هذه الحقيقة في حيثياتها في إحدي القضايا السياسية الأخيرة.وقد وقع في يدي ورقة واحدة من هذا الملف الخطير وهي صورة محضر تحقيق جري بمبني مجلس الثورة بالجزيرة في يوم الخميس ٩٢ فبراير سنة ٨٦٩١ الساعة ١١ صباحاً، والذي تولي هذا التحقيق عبد السلام حامد االمدعي الأشتراكي الحالي. وكان في ذلك الوقت رئيس النيابة وعضو مكتب التحقيق والادعاء.هذا الملف العجيب ممكن أن يخرج منه عشرة أفلام ومن حق الشعب أن يعرف كل شئ.. كل شئ..ولم تمض شهور حتي فوجئ المواطن بكتاب مطروح في الأسواق للشاهدة الوحيدة علي صلاح نصر في قضية انحراف المخابرات تحت عنوان »اعتماد خورشيد شاهدة علي انحرافات صلاح نصر«وتعترف مؤلفة الكتاب في مقدمة كتابها أن هذا الكتاب جاء استجابة لدعوة الكاتب مصطفي أمين من أن الشعب لابد وأن يعرف الحقيقة فتعترف في مقدمة الكتاب قائلة:»نعم من حق الشعب أن يعرف كل شئ.. فقد قدر لي أن أكون بالقرب من صلاح نصر ٤ سنوات كاملة. لمست خلالها قوة الانحراف الذي ساد مصر.. والذي اشار إليه الكاتب الكبير مصطفي أمين.. الانحراف الذي غطي الفترة السوداء التي انتهت بالهزيمة.. كان صلاح نصر يستطيع فيها أن يفعل أي شئ دون حساب أو قانون.. فقد كان هو القانون..نصب من نفسه ملكا.. فاقت تصرفاته كل سلطة.. وعرف الشعب في عهده الظلم والإرهاب والعذاب والتعذيب..كان واحبه حماية النظام من المؤامرات.. فوضع رأس النظام تحت سيطرته يرعبه بمؤامرات الاغتيال الوهمية.. يحوله إلي دمية بأزرار يحركها كما يشاء..
فرض نفسه علي حياة الناس فعاث فيها فساداً.. صادر حرياتهم وتفنن في ظلمهم واستباح حرماتهم.. وتحولت مصر في عهده إلي سجن كبير.. كانت هوايته التلذذ بتعذيب الناس فامتلأت السجون بالضحايا والأبرياء.. وزادت استراحات السمو الروحاني وتجنيد العملاء والعميلات..وكان اسلوبه فرض وصايته علي كبار المسئولين فامتلأت ادراج مكتبه بملفات الأسرار والفضائح يستخدمها في الوقت المناسب.وكانت خطته تسجيل الهمسات.. فزاد استيراد أجهزة التصنت والرقابة والتصوير الخفي لكل الناس..ورغم قوة صلاح نصر.. كان أمامي ضعيفاً مهيض الجناح.. استبان لي شذوذه منذ اللقاء الأول.. ولعب القدر دوره لأكون رقيباً علي جرائمه ومؤامراته وانحرافه.. أرويها أمام محكمة الثورة في الستينات لتكون شهادتي ـ أساس إدانته ليتلقي الحكم بالسجن ٥١ سنة..وصلاح نصر كان من الحكام الشواذ.. وشذوذه كان من النوع المدمر الحقير الذي لطخ مصر وأبناءها الأشراف.. ولوث بطولات رجال الجهاز الذي رأسه ـ سنوات طوال..وشذوذ هذا الطاغية.. كان موروثاً أصابه بالسادية »وحرفة« التعذيب.كان متعدد الشخصيات والطباع.. يختلف سلوكه وفقاً لظروف الزمان والمكان.. حاكما ظاغية في الصباح.. خادما ذليلاً في المساء.. شاذا ضعيفاً باقي الليل..