أنها بعض من فضائله التى لمس قدرا منها كل من عرفه أو تقابل معه :
1 — الحكمة
اهتم ابونا صرابامون أن ينمى شخصيته نموا متكاملا ، فقد كانت نفسه ممتلئة بالروح مغتذية بالمذبح والكتاب المقدس و الصلاة و القراءات و التأملات الروحية ، وفى نفس الوقت كان المخزون العقلى يزداد وثقافته الموسوعية تنمو كل يوم .
فكان هذا المذيج الذى أثمر حكمة جمعت بين الروح والفكر ، بين القلب و العقل
2 – العطاء
هذه الحكمة لم يحتفظ بها لنفسه و لم يستفد منها فقط فى ادارة أموره وأمور ديره ولم يحبسها فى كتاب و لكنه قدمها لكل من تقابل معهم على جميع مستوياتهم الروحية والفكرية وحتى دون أن يطلبوا فكانت تنساب منه نصائحا وارشادات ودعوة للتلمل فى أمور يلفت نظر الناس إليها فكأنهم يكتشفونها لأول مرة .
لم يعظ ابونا كثيرا على المنابر و لكنه قدم كل ما أعطته النعمة من مواهب و ملكات و ماحصله من قراءات وخبرات لكل الناس فرادى و جماعات .
و لعله يذكرنا بما قاله بولس الرسول لقسوس كنيسة افسس فى خطابه الوداعى لهم : ” كيف لم أخر شيئا من الفوائد إلا و أخبرتكم و علمتكم به جهرا و فى كل بيت ….لأنى لم أؤخر أن أخبركم بكل مشورة الله ” ( أع 20 :20&27 )و لم يعطى حكمته فقط بل أعطى لكل محتاج دعما نفسيا ، دعما بالصلاة ، بالتواصل و الأطمئنان . بالمديح و التشجيع ، بالدفاع عن المظلوم ،بالتعزية و المواساة…. هذا طبعا عدى العطاء المادى و العطاء الخفى الذى ليس لنا ان نعرفه فهو بينه وبين الله و من أعطى
3 – الاحترام
عرف عن ابونا احترامه للجميع ، فكان يحترم الشيخ كما يحترم الطفل الصغير ، الغنى كالفقير ، المثقف كالبسيط ، الرجال كالنساء ، الاكليروس كالعلمانيين ، الأرثوذوكسى كالطوائف الأخرى ، المسيحى كالمسلم ….و كان ابونا دائما ما يدعوا الناس بالقابها حتى العامل البسيط كان يدعوه بعم فلان . فوجد الناس فيه شخصا يحترمهم لاشخاصهم لا لمكانتهم أو القابهم . وهكذا أثمر الاحترام محبة جذبت الجميع .
4 – الاحتمال
عانى ابونا صرابامون من مشاكل صحية كثيرة وآلام جسدية مبرحة ، يعرف تفاصيلها البعض و يستطيع أن يدركها كل من يراه ، وازدادت وطأتها مع الوقت ، فلم يشكو أو يتزمر أو يقصر فى خدمة بل أحتمل كل هذا بشكر وصبر عجيب حتى كانت معاناته الأخيرة مع الكورونا التى أعطى لنا فيها درسا فى الشجاعة و التسليم لمشيئة الله .
ولكن ألام الجسد لم تكن هى المعاناة الوحيدة فى حياة ابونا – رغم قسوتها – فقد عانى معاناة نفسية أشد خلال سنوات رهبنته و أضطر فيها إلى ترك دير الشايب لفترة قضاها فى دير الأنبا بيشوى حيث أعتكف منفردا معظم الوقت .
وكعادته أحتمل هذه الألام النفسية بخضوع و تسليم كامل حتى ” أظهر الله بره مثل النور و حقه مثل الظهيرة ” . وإذ كان مستحيلا أن يخفى نوره تحت المكيال ، شاءت ارادة الله أن يوضع سراجه على منارة دير القديسين ليضيء للجميع .
و هكذا أعطى بحياته درسا فى احتمال ألام الجسد و النفس معا .
5 – التعفف :
لا نقصد العفة التى هى أحد نذور الرهبنة الثلاثة ( العفة و الفقر و الطاعة ) و لكن نقصد التعفف عن طلب المراكز أو اشتهاء الرتب الكنسية ، فقد كان هدفه فى الرهبنة واضحا وهو العبادة و الخدمة .
ورغم أن البعض من زملائه فى الرهبنة أو من تتلمذوا على يديه من طالبى الرهبنة قد أختيروا أساقفة أو أمناء أديرة إلا أنه لم يشعر بأية مرارة بل أظهر نحوهم كل محبة و خضوع فقد كان أمينا لدعوته ورسالته معطيا بذلك درسا عمليا و تطبيقا حيا لما نادى به بولس الرسول ” الدعوة التى دعى فيها كل أحد فليلبث فيها ….. فليلبث فى ذلك مع الله ” ( 1كو 7 : 20&24 ) .
فليس المركز هو ما يجعل الأنسان عظيما بل تحقيق رسالته من خلال اى مركز .
وهكذا لم يهتم بموقعه فى الخدمة بل بأمانته للدعوة الألهية فى أى موقع يختاره الله .
6 – كسب الأصدقاء :
تستطيع أن تكون صديقا خاصا ، مقربا و محبوبا لابونا منذ اللقاء الأول ، فهو لا يحتاج وقتا طويلا لكى يبنى جسورا من المودة و المحبة مع كل أحد ، فقلبه منفتح للجميع وموهبته فى التواصل الانسانى مميزة جدا
حتى أن البعض صاروا أصدقاء مقربين جدا له دون أن يتقابلوا معه ، إنما ربطت بينهم توأمة روحية و فكرية عميقة عبر أحد وسائل الأتصال ( كان هذا حاله مع كثير من المفكرين و المثقفين المستنيرين عبر الصحافة أو الفيس بوك ) .
وكان يشعرك كما لو كان هو الرابح من هذه الصداقة الجديدة التى لا تزال تنمو و تقوى مع الزمن حتى أخر حياته مع أن الحقيقة أن كل من عرفه هو من تأثرت حياته ايجابا وكان له دور بناء فى نمو شخصيته روحيا و فكريا و نفسيا فأغدق عليه من حكمة ارشاده و نصائحه و سانده بصلواته و قداساته .
هذه الصداقات النقية القوية المخلصة هى التى جعلت كل من عرفه يشعر بصعوبة تجاوز الم هذه الحقيقة أن لقاء الأصدقاء معه على الأرض لم يعد متاحا الأن كما كان قبل نياحته .
صلى من أجلنا يا أبى