بقلم الكاتب الصحفي محمد جمال المغربي
صدرت مؤخرا رواية جديدة للروائية السعودية”هيلانة الشيخ”وهي رواية(بماذا أُخبر الله)وهي رواية غرائبية وصفتها”هيلانة” بأن عنوانها يحكي عن الرواية ولا تحتاج شرحًا، هذه الرواية تحكي عن امرأة بصدقٍ فادح. ، محاكاة لشخوص من الأدب، بين الغرائبية والرمزية.
قدمت الروائية وجهًا جديدًاعلى رواياتها، وجه بطلةٍ تعاني من القبح والسمنة المفرطة وعشق الكتب، للنخبة من القراء.
“هيلانة الشيخ” كاتبة سعودية من أصول فلسطينية، صدر لها؛ تبسمت جهنم/ دار سما المصرية، تموّز والكرزة / دار البندقية، فما بكت عليهم الأرض/ دار فضاءات الأردنية، البوكر/ منشورات ضفاف والاختلاف، امرأة أمسكت في ذات الفعل/ منشورات إبييدي وهذا الإصدار السادس لها، والثاني في منشورات إبييدي، ويعرف عن”هيلانة”أنها لا تكرر تجربة النشر مع أي دار، لكنها أشادت بمجهوديّ الدكتور عماد الأكحل والأستاذ محمود عبد النبي ووجدت الدعم المطلوب.
وجاءت كلمة الغلاف والتي تؤكد لنا أن هيلانة الشيخ روائية تسرد كالنهر الجارِ الذي لا يكف عن جريانه إلا عند المصب وهو نهاية الرواية تقول”هيلانة”؛ (اليد!! رغم كثرة الأيادي التي حاولت مرارًا دفني حيةً كان باستطاعتي قطعها والخروج بيدٍ واحدة مُمتدة لي وحدي، بقعة الضوء ابتعدت، لم أعُد أبصر اليد التي تدفعني للأعلى، وتُجذف بي للبقاء، توارت بعيدةً وقطعت مسافة أطول من طول قامتي، مهما لوّحت لا أستطيع اللحاق بها، أشعر أن جسدي ثقيل تحت التراب، لم يبق مني غير يدٍ واحدة وثقب صغير أتنفس ببطء منه بعض الهواء مخلوطًا بأتربة المدينة المُصابة بالجائحة. تفاقمت أفكاري وضاقت عليّ المساحة، وبدأت أضمر.
فمنذ أن وضعت رأسي في زجاجة مُعبأة بالنبيذ الأحمر الفاخر ! لا تستغرب يا حبيبي؛ أعي جيدًا أن الفكرة أبعد من تصوراتك؛ فكيف لرأسٍ يعج بالسنوات والحكايات أن يعبر من عنق زجاجة لا تتسع لرأس فأرٍ أجرب؟! لكني فعلتها، للحظةٍ كدت أغرق؛ فتجرعت النبيذ كله دفعةً واحدة، وزاد حجم رأسي وعلقت داخل الزجاجة، وأنت تأخرت! أطلت عليّ الوقت، وهو طويل كطول المسافات التي مشيتها في شوارع القاهرة وأنا أجمع الوجوه في محفظتي، ثقيل كثقل الأرض بشحومها، ولحومها، وعظامها، وحجارتها، وجبالها، وجمالها، ورمالها، ومبانيها العتيقة، وشوارعها الفارغة، وأرصفتها المُتكسرة، ودكاكينها، وبحارها المالحة، وفضلاتها التي حملتها في معدتي، كل شيء مُخيف لأنك تركتني برأس ثقيل يهوى من أعلى السماء إلى أعمق الضعف).
جاءت فكرة الرواية تعبر عن معاناة أغلب الكاتبات، ومعوّقات النشر، وخبايا الوسط الأدبي، واستغرقت كتابتها ستة أشهر من الكتابة المتواصلة وقراءة مجددة لأغلب العمال التي تعارضت ضمن السرد، وتعتبر هذه الرواية رغم صغر حجمها حيث لم تتجاوز المائة صفحة هي الأكثر كثافة بين أعمال الكاتبة السابقة، وشكلًا جديدًا مختلفًا عن سابق أعمالها، من حيث الحبكة والبعد النفسي والفلسفي فيها.
عرضت هذه الرواية حياة أنثى في آواخر الأربعينات، وهي تعيش في عزلة إرادية بين الكتب والخيال، أنثى رفضت الزواج في ريعان صباها، لتجد نفسها تتخبط وحيدة بين أهواء كتلةٍ من اللحم المترهل لا ترحم وبين نفسٍ حرّة تواقة للحرية والتحليق خارج مدارات المحسوس.
الكاتبة معروفة بالجرأة في السرد، ولا تستطيع الصمت بل تجهر بالحقيقة حتى ولو كانت صادمة، كما أنها تطرح مشاكل المجتمع في ثنايا سردها دون تجميلها وتتعمد تعريتها لتكشفها أمام الرأي العام، وتهتم بالإنسان عامة، وتعتبره محوركتاباتها الرئيسي، وتود تخليصه من الأصفاد التي كبلته، وانتشاله من معاناته، فهي تكتب من أجل أن تتحرر”على حد قولها”.