أمل فرج
مناشدات غاضبة بوضع حد لإهمال الأطباء، الذي بات جهوري الصوت ويدفع ثمنه حتى الأطفال، والذي لم يسلم منه صغير، أو كبير، أو حتى الفنانين الذين لا يفضلون العلاج لدى أي طبيب، بل يحتارون كبار الأطباء، أصبح الإهمال الطبي لافتا للانتباه، ومثيرا للفزع، هكذا تروي أسرة الطفلة تسبيح، بعد فقدان بصرها؛ بسبب الإهمال الطبي، والذي قاضت الأسرة الأطباء بسببه، وتنشر الأهرام الكندي تفاصيل الواقعة منذ حدوثها، وحتى رواية الأم برعاية الله لطفلتها التي تتنبأ بالأحداث قبل حدوثها ـ على حد تعبير الأم ـ واستشهادها بالمواقف .
مأساة تعيشها أسرة صعيدية من قنا، منذ 3 سنوات، بعد أن فقدت طفلتها بصرها، نتيجة لخطأ طبي بمستشفى قنا العام، ولجأت الأسرة إلى تقديم شكوى ضد 16 طبيبًا بالمستشفى، وعاقبتهم المحكمة بالسجن لمدة عامين وغرامة 100 الف جنيه لكل منهم، بعد أن أثبتت التحريات والتقارير الطبية تورطهم في فقدان الطفلة لبصرها، في القضية التي حملت رقم حملت رقم 2005 لسنة 2021 جنح قنا.
تعاطف السوشال ميديا مع الطفلة
هنا في منطقة المنشية بنقادة، تسكن الأسرة في منزل، الحزن والحسرة يسيطر عليه في كل مكان، الأسرة مكونة من الأب والأم و 3 أطفال من بينهم الطفلة تسبيح، التي تحاول بضحكتها رسم البهجة على جميع من حزن عليها بعد فقدان بصرها، والتي أثارت قضيتها الرأي العام في قنا، والتي لاقت تعاطف كبير من المواطنين ومستخدمي موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، بعد نشر صور لها وفيديوهات وهي فاقدة بصرها، وتتلو آيات حفظتها من القرآن الكريم.
والدة الطفلة الضحية تروي مأساتها
وفي تواصل مع والدة الطفلة، روت تفاصيل مأساتها، التي تعيش فيها الطفلة والأسرة منذ ولادتها حتى الآن، وبالرغم من المأساة إلا أن الابتسامة البريئة حاضرة على وجه تسبيح البشوش، فهي تحاول أن تكسر حزنها بابتسامتها التي ربما لا تعرف سبب سعادتها.
أنغام جابر، والدة الطفلة، تروي والحسرة تقتلها على فقدان بصر طفلتها قائلة: تخرجت من كيلة الحقوق في 2010 وتزوجت من والد تسبيح في 2011، وسافرنا إلى السعودية، كنا نخطط لحياة أفضل لمستقبلنا ومستقبل أبنائنا، وأنجبنا عبد الله، عمره الآن 9 سنوات، وتسنيم، وعمرها 8 سنوات، ثم عدنا إلى مصر في 2018، لنقطن هنا في مسقط رأسنا في نقادة.
وتضيف: كنا في أشد السعادة، عندما حملت في تؤام، وعلمت من الأطباء أن التؤام ولد وبنت، خططنا سويًا لتربيتهما وصنع مستقبل أفضل لهما ولإخوتهما، كان المنزل يسوده الفرحة والتفاؤل، كنا نعيش حياة مليئة بالأمل، الذي افتقدناه فور الولادة، ووضع عمر وتسبيح في الحضانة، ووفاة عمر ثم إصابة تسبيح بالعمى وفقدان بصرها، نتيجة اهمال طبي من أطباء بمستشفى قنا العام.
كيف اكتشفت الأسرة إصابة الطفلة بالعمى؟
وتشير الأم، إلى أن اكتشاف فقدان بصر تسبيح ، جاء عن طريق الصدفة، أثناء قيامها بتشغيل واطفاء اللمبة، ومن هنا بدأت رحلة المعاناة والتي استمرت 3 سنوات، ما بين السفر إلى القاهرة للعلاج، وما بين الشكاوى التي بدأت ضد اطباء بمستشفى قنا العام، وعددهم 16 طبيبا، بالإهمال والتسبب في فقدان بصر تسبيح.
وتوضح الأم، أن أطباء بمستشفى قنا العام، أهملوا في علاجها داخل الحضانة، ولم يبلغوها بما حدث، إن أنها وضعت تؤام، ” عمر وتسبيح”، داخل إحدى المستشفيات الخاصة بقنا، وتم وضعهما داخل إحدى الحضانات الخاصة، وتوفي عمر، بعد بضعة أيام لخطورة حالته الصحية، أخبونا الأطباء وقتها، أن حالة تسبيح أفضل من حالة عمر، ومن الممكن أن تعيش، واستمرت تسبيح في الحضانة لقرابة أسبوعين، ونظرا لتكلفة الحضانة المرتفعة، داخل المستشفى الخاص، حاولنا نقلها إلى مستشفى قنا العام، لإيداعها في الحضانة هناك.
وتتابع: ظلت تسبيح في الحضانة لمدة 40 يومًا، وبعد هذه الفترة، قرر الأطباء أن يخرجوها من المستشفى، دون أن يخبروها بحالتها الصحية، وبالفعل خرجت الطفلة وذهبنا إلى لمنزل، وبعد أن أكملت الطفلة تسبيح 3 أشهر، تفاجأنا عن طريق الصدفة أنها كفيفة.
الأم تشرح معاناة طفلتها
وتشير الأم، إلى أنه من وقت معرفة أن تسبيح كفيفة، ونحن لا نبخل عنها بشىء، طرقنا كل الأبواب ولكن دون جدوى، لم نفكر يومًا أن نشتكي الأطباء الذين تسببوا في فقدان بصرها، وهذا ما اكتشفناه أثناء رحلة العلاج، والتي استمرت قرابة 3 سنوات، وتكلفت قرابة 300 ألف جنيه، فأخبرونا الأطباء أن السبب في فقدان بصر الطفلة، هو خطأ طبي، عبارة عن زيادة نسبة الأكسجين أثناء تواجدها في الحضانة.
وتتابع قائلة: كان كل همنا وقتها أن نجد طريقة لطفلة لم ترى النور، حاولنا عرضها على أطباء في الخارج، ترجينا الأطباء في ضرورة حل لترى ابنتي النور، قلت لهم ” خدوا عين من عينيا بس أهم حاجة تشوف”، كل ذلك كان دون جدوى، وبعد أن فاض بنا الكيل وعلمنا أنه من المستحيل أن ترى تسبيح النور مرة أخرى، لجأنا للشكوى ضد الأطباء بمستشفى قنا العام ، الذين تسببوا في فقدانها البصر.
انتقادات الأطباء بعد مطالبة أسرة تسبيح بحقها
وتوضح الأم : أنه من بعد الشكوى، تعرضنا لانتقادات عديدة من الأطباء أنفسهم، على صفحاتهم على فيسبوك، وكأنهم فوق القانون، وكأنهم يبرؤون أنفسهم عن طريق ” حكاوي” ، ويحاولون أن يبعدوا أنفسهم عن القضية، إلا أنه بعد تقرير الطب الشرعي، والذي أثبت إدانتهم، لجأوا لعرض مبالغ مالية في مقابل التناول عن القضية، خاصة أن من بينهم أطباء صغار السن، إلا أنني رفضت ذلك بالمرة ، فحق ابنتي لا يشترى بالمال، وهل المال ستعيد لطفلتي بصرها ؟!
وتردف الأم قائلة : بعد الحكم على 16 طبيبًا، المتسببين في فقدان بصر تسبيح، بالسجن عامين وغرامة 100 ألف جنيه، ” حق بنتي رجع والحمد لله وبشكر القضاء المصري على نزاهته ويارب يترفض استئنافهم وياخدوا جزاءهم من جنس عملهم ونيتهم”.
وتستطرد الأم قائلة : تسبيح الكل متعلق بها، فهي تقابل الجميع بوجه بشوش وبابتسامة تجبر الجميع على حبها، وبالرغم من ابتسامتها التي ربما تحاول بها أن تصبر نفسها أو تتغلب على الواقع المرير المظلم التي تعيش فيه، إلا أن ابتسامتها تذبح قلوب محبيها، حسرة عليها، فهي حافظة لبعض آيات من القرآن الكريم، وسنحضر لها محفظًا حتى تتمكن من حفظ القرآن الكريم كاملًا.
تتابع قائلة : مهما وصفت أو تحدثت عن المأساة التي نعيش فيها نتيجة خطأ طبي، لم أستطع أن أوصف ما بداخلي من حسرة وندامة، عندما أشاهد تسبيح وهي لا ترى شيء، تخاف من كل شيء، تخاف من دخول الحمام، تخاف من السير في المنزل، تشعر بأن كل شيء أمامها ممكن أن يأذيها، تصرخ بشكل مستمر من الخوف التي تحس به ولم تراه، تكرر الكلام الذي أردده أمامها دون معرفته، تنادي على الأطفال من هم في سنها أو أكبر منها لتلهو معهم في الشارع وسرعان ما تعود إلى المنزل وتقول لهم ” روحوني أنا خايفة”.
تسبيح تتنبأ بوقوع الأحداث
وتوضح الأم أن تسبيح ” فيها حاجة لله”، فهي تتنبأ بحدوث الأشياء قبل حدوثها، فتنبأت بوفاة جدتها قبل أيام من وفاتها، فكنت أبكي على تعب والدتي الشديد، فأمسكت شعري وقالت لي: ” بتبكي ليه يا ماما متبكيش كثير دي آخر بكوة”، وبالفعل كانت الأخيرة وتوفيت جدتها بعدها، كما أمسكت بشعر جدتها قبل ذلك وقالت لها ” صرخي ياتيتة”، فردت عليها قائلة ” ليه يا تسبيح” ، فقالت لها في خناقة في الشارع، وبعدها بالفعل حدث ذلك، كما أنني خرجت يوم الجمعة الماضية لزيارة والدتي في المقابر بعد وفاتها، ولم أخبر أحدًا بذلك، فدخلت تسبيح على أسرتي وقالت لهم ” ماما بتبكي ليه”، فهي تحس بما يحدث من غير رؤيته وتتنبه به، فربما يكون الله أعطاها هذه الصفة تعويضًا على فقدان بصرها.
بيان مستشفى قنا العام
وأصدر مستشفى قنا العام، بيانا ، أوضح أن الطفلة ولدت ولادة مبكرة بتاريخ 21 يوليو 2018 بوزن 900 جرام ، وكان عمرها الرحمى وقتها 27 أسبوع مع توائم آخر توفى خلال أيام، نتيجة حدوث نزيف للأم التى تعانى من مرض السكر، ما أدى إلى ولادتها قبل موعدها.
وتابع البيان، بأن الطفلة كانت تعانى هى و توأمها، من متلازمة ضيق التنفس الشديد، الذي يصاحب الأطفال المبتسرين، وتم إيداع الطفلة بأحد المستشفيات الخاصة، و وضعها على جهاز تنفس صناعي لحالتها الحرجة، و بعد فترة من العلاج تم تحويل الطفله تسبيح لمستشفي قنا العام، لعدم تحمل الأسرة مصاريف الحضانه بالمستشفى الخاص، وتم دخولها للمستشفى العام بتاريخ 31 يوليو 2018 بحالة حرجة.
واستطرد البيان، تم التعامل مع الطفلة علي أكمل وجه، كما يتم التعامل مع المشاكل التي يمر بها الأطفال ناقصي النمو و عدم اكتمال نمو الرئة، وبعد فترة من العلاج وتحسن حالة الطفلة خرجت بتاريخ 29 أغسطس 2018.
وأشار البيان، إلى أن ما حدث للطفلة من اعتلال بشبكية العين، يصاحب الأطفال ناقصي النمو، بسبب الولادة المبكرة و إصابة الأم بمرض السكري و نقص العمر الرحمي للطفله ونقص الوزن الشديد، وكان من المفترض أن تتابع الأم فحص قاع العين للطفلة بعد الخروج لمعرفة درجة الاعتلال و انفصال الشبكية، لعدم توافر استشاري شبكية في المستشفيات الحكومية عامة، و لعدم جواز فحص الطفله أثناء وجودها بالحضانه.
وأضاف البيان، أن المستشفى لا يتوانى عن خدمة أى مريض وتقديم كل ما بوسع الأطباء و أطقم التمريض للمرضى حتى يتماثلون للشفاء التام، أما ما حدث بشأن الطفلة تسبيح فقد بذل الأطباء خلال فترة وجودها بالحضانة كل ما بوسعهم لإنقاذ الطفلة التى تعانى من مضاعفات شديدة، وكان متوقعاً أن تحدث مضاعفات لمثل هذه الحالة وفقاً لتقرير الأطباء المتابعين لحالتها.
وزارة الصحة تدافع عن الأطباء المحتجزين بتهمة الإهمال الطبي
وقال الدكتور راجي تاوضروس، وكيل وزارة الصحة والسكان بقنا، إن الصحة لن تترك الأطباء وسوف تدافع عنهم، لافتا أن وزيرة الصحة والوزارة مهتمة بخصوص هذا الحكم، وسيكون هناك فريق قانوني من الوزارة والمديرية للدفاع عن الأطباء في جلسة الاستئناف وتقديم كل المستندات لتبرئتهم.
وأوضح أنه جارٍ تقديم الأوراق اللازمة لمحكمة قنا للاستئناف على الحكم للدفاع عن الاطباء، موضحا أن الصحة ونقابة الأطباء وراء الزملاء لدعمهم.