الأحد , ديسمبر 22 2024
Tony Marcos

البحث عن الهدف والمنهج الأنطوني –

بقلم Tony Marcos

أبونا أب رهبان العالم الأنبا أنطونيوس كان شابًا غنيًا من أعيان بلدته، كان يمتلك الكثير من الأملاك والأراضي والمزارع، لكنه قرر أن يُطبق قول الرب يسوع: “إن أردت أن تكون كاملا فاذهب وبعد كل ما تملكه ووزع ثمنه على الفقراء.

فيكون لك كنز في السموات، وتعال اتبعني” (مت 19: 21)، قائلا مع التلاميذ: “ها قد تركنا كلَّ شئٍ وتبعناك” (لو 18: 28).

باع أنطونيوس لأهل بلدته كلَّ أراضيه، واهبًا ثمن كلِّ ممتلكاته ومزارعه (ثلاث مائة فدان من أجود الأراضي) للفقراء.

وخرج أنطونيوس يمارس النسك متوحدًا بالقرب من مدينته يسكن القبور قرب شاطئ النيل. وهناك القصة الشهيرة عن المرأة التي جاءت تستحم بالقرب من موضعه، ولما عاتبها على تصرفها هذا عابت عليه سكناه في المنطقة قائلةً له: “لو كنت راهبًا لسكنت البرية الداخلية، لأن هذا المكان لا يصلح لسكنى الرهبان”.

خرج أنطونيوس للبرية القاحلة الواسعة لا ليسعى لأرضٍ يمتلكها أو ليأكل منها، فهو الذي ترك مئات الأفدنة الخصبة ليحيا فقرًا اختياريًا لا يُشغله أيُ مالٍ أو ممتلكاتٍ عن حياة التَرك التي اختارها لنفسه.

فثارت عليه الشياطين لتحاربه بملذات الجسد وقتال الزني، وحُب التَمَلُّك ناثرين أمامه الذهب والفضة على الجبال. تبع الكثيرون أنطونيوس سائرين على خطاة، تاركين المال والأملاك وكل مظاهر حياة العالم، وسكنوا في الجبال والبراري وشقوق الأرض، من أجل عظم محبتهم في الملك المسيح. وفاضت البراري بالنساك والرهبان الذي انقطعوا عن العالم، زاهدين في كلِّ شئٍ، ليس لهم غير قوت اليوم والثوب.

لم يخرج أنطونيوس وأولاده ليؤسسوا مجتعمات عمرانية أو مشاريع استثمارية متملكين أراضي معيشتهم الجديدة، أو يستبدلوا حياة عمليه بحياة عملية أخرى الفرق الوحيد فيها هو العزوبية والامتناع عن الزواج، مستبدلين أملاك قديمة بممتلكات جديدة. بل منهم مًنّ كان إذا ذاع صيته وطلبه الزائرون يترك مكانه إلى حيث لا أحد يعلم.

أو من كان يجد مضايقات من الجوار يذهب ليتوغل أكثر في البرية حيث لا يصل إليه إنسان. بالتأكيد أن مع اختلاف الزمان تتغير الظروف وتختلف الطرق، ولكن ما لا يجب أن يتغير هو الهدف والمنهج الأنطوني.

فالوحوش الضارية التي قاتلت أنطونيوس وفشلت في التهامه نراها اليوم في الحسابات البنكية، والسيارات الخاصة، والشقق السكنية في المُدن، وتجارة الأرضي، والمشاريع الاستثمارية التي تفترس أولاده.

لذا وجب على كل من خرج على آثار أنطونيوس أن يقيس منهجه بمعيار الدعوة الكتابية التي أسَرَت حياة أنطونيوس وخرج لأجلها؛ أذهب، بع، اعط، اتبعني.

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

6 تعليقات

  1. دكتور جرجس لبيب شنوده

    كل التحيه والتقدير للسيد المحترم تونى ماركوس كاتب هذا المقال ..قمة الاتزان والأدب والرجاحه العقليه دون ابتذال أو تصنع أو ادانة أو اهمال فى حق أحد . تحياتى ابنى العزيز والى الأمام .

  2. مقال رائع و محايد ويرسم ببساطه معالم طريق الرهبنة من خلال اول من قام بذلك الفكر المقدس و أصل الفكره المنهج الانطوني
    اذهب .. بع .. اعط .. اتبعنى

  3. أوافقك تماما

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.