مختار محمود
يا قوم، اسمعوا واعوا، وخذوا حذركم، هذا نذير، قد لا يكون لكم، ولكن لأبنائكم وأحفادكم وأنسالكم، فقد أظهر تقرير حديث صادر عن جهاز التعبئة العامة والإحصاء ارتفاع سن الإناث في السنوات المقبلة إلى 76 عامًا تقريبًا، وهذا خطرٌ-لو تعلمون- عظيمٌ! ارتفاع متوسط سن الإناث قد يكون سببًا مباشرًا في تراجع نسبة الذكور، لا محالة في ذلك، سواء من خلال الوفاة المبكرة جدًا حزنًا وكمدًا ونكدًا، أو من خلال الإقامة الجبرية في مستشفيات الأمراض العقلية أو في السجون والمعتقلات، أو التشرد في الشوارع.
الزواج في قادم المواعيد سوف يكون كاثوليكيًا، والرهان على رحيل الزوجة سوف يكون خاسرًا؛ لأن الأزواج سوف يغادرون الدنيا مبكرًا وسريعًا، فيما تبقى الزوجات يتحدين الموت، وقد يهزمنه بالضربة القاضية..القاضية ممكن! هذا التحول الصادم في طول سن الإناث قد يتطلب تغييرات تشريعية جذرية، تطيح بالقواعد القديمة المنظمة لعملية الزواج مثل: الأبدية المطلقة والقائمة والنفقات وغيرها؛ لأن خروج الزوج من زيجة فاشلة سوف يكون عملية شديدة التعقيد، قد تُهدر في سبيلها الدماء، وتطاح من أجلها الرؤوس، لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى/ حتى يُراقَ على جوانبه الدمُ، وبالطبع أطراف هذه الحرب سوف تكون من الذكور، بينما تحصد الإناث ثمارها وغنائمها دون جهاد أو نضال!
وإذا لم تتعامل الجهات المعنية وذات الصلة مع هذا المتغير الأليم وتغافلت عنه، وأدارت له ظهرها، فإن الأجيال الجديدة من الأزواج المصريين يجب أن يعيدوا النظر في أمر الزواج بشكل عام، والاقتران من مصريات بشكل خاص. تجارب لامعة أثبتت عمليًا أن الذين تركوا أمر الزواج حققوا النجاح والنبوغ والتميز وخلدوا أسماءهم بحروف من نور، واستشعروا البركة في حياتهم، وربما لم يذهبوا لطبيب، ولم يتناولوا مُسكنًا، والأسماء كثيرة جدًا وأكثر من أن يتم إحصاؤها، أما الذين تزوجوا من غير المصريات -سوريات ومغربيات مثلاً – فقد جمعوا بين الحُسنيين، وعاشوا أضعاف أعمارهم، وتمنوا الخلود في الدنيا. أحدهم سجل مؤخرًا تجربته في الزواج من مصرية عبر حسابه الشخصي في الفضاء الإلكتروني، مؤكدًا أنه يدين بنجاحه في حياته المهنية لزوجته المصرية، ليس لأنها كانت داعمًا وسندًا له، ولكنها كانت “خميرة عكننة” وتحيل البيت إلى ساحة معارك، ما دفعه إلى البقاء خارج المنزل معظم الوقت، متفرغًا لأعماله ومُصرًا على تحقيق النجاح، ومصححًا لخطئه الجسيم.
هذه التجربة في تحويل “العكننة والنكد” إلى مقومات وأدوات للنجاح، تبدو استثنائية جدًا، ولا يمكن تعميمها على الجميع؛ لأن النسبة الأكبر من أزواج المصريات تستسلم أمام جبروت الزوجات وتطأطيء الرأس، وتخضع بالقول والفعل، وتتخلى عن طموحاتها العلمية والمهنية، وتتحول إلى آلة أو ماكينة لوفير متطلبات الحياة من موبايلات وحقائب وإكسسوارات جديدة ومصايف..إلخ إلخ!! الزواج من مصرية، في ظل القوانين والتشريعات الموجهة، صار تجربة شديدة المرارة، وينعكس ذلك بجلاء في الأعداد المجنونة لحالات الطلاق، والأسر المشردة، والأطفال التائهين الذين يقدر عددهم بنحو 10 ملايين طفل، فضلاً عن قضايا محاكم الأسرة، وما تشتمل عليه من تفاصيل مُحزنة.
الزواج في مصر، لأسباب كثيرة جدًا، يتحمل الزوجات الوزر الأكبر منها، أصبح منزوعًا من المودة والسكينة والرحمة، ولم يعد يحقق الهدف الذي وضعه القرآن الكريم من أجله في قوله تعالى: ” وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً”، وإذا انتفت السكينة وغابت المودة، وزالت الرحمة، فـ”بلاها زواج”، وكفى الله الأزواج شر القتال، وكان الله في عون الأجيال الجديدة!