أمل فرج
ملاحظات عديدة يسجلها الأطباء لمصابي كورونا، و المتعافين منه، وكانت من أبرز الملاحظات، ما يظهر خلال الإصابة، أو بعد التعافي ما يسمى بالفطر الأسود، كأحد الأثار الجانبية التي قد تنتج في بعض الحالات للمتعافين من فيروس كورونا، حول هذا الشأن كان للأهرام الكندي هذه المتابعة.
بدأ الأطباء في الهند أوائل شهر مايو الجاري، بدق ناقوس الخطر بشأن زيادة فطر الغشاء المخاطي، وهي عدوى نادرة ومميتة تُعرف أيضا باسم “الفطر الأسود”.
والعديد من المصابين بهذه العدوى هم مرضى فيروس “كورونا” المستجد أو أولئك الذين تعافوا مؤخرا من مرض (كوفيد-19)، وضعفت أجهزتهم المناعية بسبب الفيروس، أو الذين يعانون من أمراض كامنة أبرزها مرض السكري.
وفي الأسابيع القليلة الماضية، تم الإبلاغ عن الآلاف من حالات الإصابة بـ”الفطر الأسود” في جميع أنحاء الهند، إذ تم نقل المئات إلى المستشفيات فيما توفي 90 شخصا على الأقل، وأعلنت ولايتان بأنه “وباء”، وجعلته الحكومة المركزية مرضا يمكن الإبلاغ عنه.
وزاد الحديث عن “الفطر الأسود” عبر مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا، بعدما أعلن شقيق الفنان الراحل، سمير غانم، اليوم الجمعة، عن إصابته به في أيامه الأخيرة بالمستشفى، فما الذي نعرفه عن ذلك الفطر القاتل؟
كيفية الإصابة بالفطرالأسود و أعراضه
ينتج “الفطر الأسود” عن العفن الموجود في البيئات الرطبة مثل التربة أو السماد، ويمكن أن يهاجم الجهاز التنفسي، وهو غير معدي ولا ينتقل من شخص لآخر.
وبحسب مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة، فإنه يمكن أن تسبب عدة أنواع من الفطريات المرض، وهذه الفطريات ليست ضارة لمعظم الناس، ولكن يمكن أن تسبب التهابات خطيرة لأولئك الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة.
ويؤثر “الفطر الأسود” بشكل شائع على الجيوب الأنفية أو الرئتين يعد أن يستنشق الشخص جراثيم فطرية في الهواء، كما أنه يمكن أن يؤثر على الجلد بعد التعرض لإصابة سطحية مثل جرح أو حرق.
وتعتمد أعراض “الفطر الأسود” على مكان نموه في الجسم، ولكن يمكن أن تشمل (تورم الوجه والحمى وتقرحات الجلد والآفات السوداء في الفم).
وقالت وزارة الصحة الهندية في بيان لها يوم 14 مايو الجاري إن المرض “يبدأ في الظهور على شكل عدوى جلدية في الجيوب الهوائية الموجودة خلف جبهتنا وأنفنا وعظام خدودنا وبين العينين والأسنان، بعد ذلك ينتشر في العينين والرئتين ويمكن أن ينتشر إلى الدماغ”.
وتابعت الوزارة: “يؤدي “الفطر الأسود” إلى اسوداد أو تغير في لون الأنف، وعدم وضوح الرؤية أو ازدواجها وألم في الصدر، وكذلك صعوبات في التنفس وسعال في الدم”.
وعن سر تسميته بـ”الفطر الأسود”، أوضح الدكتور هيمانت ثاكر، الطبيب الاستشاري وأخصائي استقلاب القلب في مستشفى براش كاندي في مومباي لشبكة”سي إن إن” الأمريكية أن إحدى الطرق التي ينتقل بها داء الغشاء المخاطي هي غزوه للأوعية الدموية، فهو يضر بالدورة الدموية حتى آخر عضو في الجسم، وبالتالي ينتج ما يسمى بالنخر أو موت الأنسجة والتي تصبح سوداء اللون بعد ذلك، ومن ثم يطلق عليه اسم الفطر الأسود”.
ووجدت دراسة أجريت في عام 2005 على 929 حالة يعود تاريخها إلى عام 1885 أن معدل الوفيات الإجمالي لـ”الفطر الأسود” بلغ 54٪، وفقا لمركز السيطرة على الأمراض، ويعتمد معدل الوفيات أيضا على نوع الفطريات المعنية وأي جزء من الجسم يتأثر، فعلى سبيل المثال هو أقل فتكا للأشخاص المصابين بعدوى الجيوب الأنفية، ولكنه أشد فتكا للأشخاص المصابين بعدوى الرئة.
علاقة الفطر الأسود بالإصابة بكورونا
قالت وزارة الصحة الهندية إن الأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة هم أكثر عرضة لعدوى “الفطر الأسود”، بما في ذلك مرضى (كوفيد-19) ومرضى السكري والأشخاص الذين يتناولون المنشطات وأولئك الذين يعانون من أمراض مصاحبة أخرى مثل السرطان أو زرع الأعضاء.
إن مرضى “كوفيد” معرضون للإصابة بالمرض بشكل خاص، وذلك لأن الفيروس لا يؤثر فقط على جهاز المناعة لديهم، وإنما يمكن للأدوية العلاجية أيضا أن تثبط استجابتهم المناعية.
وقالت الوزارة في إشارة إلى الفطريات التي تسبب داء الغشاء المخاطي: “بسبب هذه العوامل، يواجه مرضى (كوفيد-19) خطرا متجددا بفشل المعركة ضد الهجمات التي تشنها كائنات حية مثل الفطريات المخاطية”.
وتابعت الوزارة أن مرضى “كوفيد” الذين يخضعون للعلاج بالأكسجين في وحدات العناية المركزة قد يكون لديهم أجهزة ترطيب في الجناح، الأمر الذي قد يزيد من تعرضهم للرطوبة، ويجعلهم أكثر عرضة للعدوى الفطرية.
ويوضح الدكتور هيمانت ثاكر: “يستغل الفطر الفرصة ويغزو الجسم الذي لديه فتحة صغيرة بسبب (كوفيد-19)، إما بسبب السكريات (مستويات الغلوكوز العالية)، أو بسبب المضادات الحيوية، أو بسبب أشياء أخرى كثيرة، وبذلك يحصل “الفطر الأسود” على موطئ قدم”.
لكن نوهت وزارة الصحة الهندية من أن “هذا لا يعني أن كل مريض (كوفيد-19) سيصاب بالعدوى بالفطريات الفطرية”، موضحة أنه غير شائع بين غير المصابين بالسكري.
علاج العفن الأسود
يتم علاج “الفطر الأسود” بالأدوية المضادة للفطريات، والتي غالبا ما يتم إعطاؤها عن طريق الوريد، وفقا لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة.
ومن الأدوية الأكثر شيوعا لعلاجه “أمفوتيريسين بي”، وهو دواء يستخدم حاليا في الولايات الهندية لمكافحة تفشي المرض.
قد يحتاج المرضى ما يصل إلى 6 أسابيع من الأدوية المضادة للفطريات للتعافي، لأن شفاءهم يعتمد على درجه تشخيصه في وقت مبكر وعلاجه قبل تفاقم الحالة.
وفي كثير من الأحيان، يستلزم إجراء جراحة لقطع الأنسجة الميتة أو المصابة، وتقول وزارة الصحة الهندية في بيانها إنه “في بعض المرضى، قد يؤدي ذلك إلى فقدان الفك العلوي أو حتى العين في بعض الأحيان”.