عضة أسد ولا نظرة حسد .. خلق الحسد .. الذى لا يسلم منه جسد .. سبب أول جريمة تمت على وجه البشرية .. أدت لسفك الدماء .. عندما تقبل الله قربان هابيل ولم يتقبل قربان قابيل .. فقال قابيل : تقبل قربانك ولم يتقبل قرباني والله لأقتلنك ..!
فمن شدة غضبه وحسده على أخوه قتله .. قال الله تبارك وتعالى فى كتابه العزيز :” وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ” فلا يخلو جسد من حسد .. فالكريم يخفيه واللئيم يبديه .. فلا تخبروا الناس بكل شىء تملكونه .. فليس الجميع لديهم حسن النوايا بل معظمهم لديه الحسد والغيرة .. فراحة الحاسد فى زوال نعمة المحسود ..
يقول الله تبارك وتعالى :” أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ” ” قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ” فكلما كثرت نعم الله عليك ازداد حُسادك .. فكل ذو نعمة محسود عليها .. وتأكد أن عظمة عقلك تخلق لك الحساد .. وعظمة قلبك تخلق لك الأصدقاء .. فمن عرف نفسه لم يضره ما قال الناس عنه .. قال الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم :” استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان ؛ فإن كل ذي نعمة محسود ” .
ولنتأمل معاً قصة سيدنا يوسف عليه السلام التى تطير بنا عبر مراحل من التآمر والكيد والتفريق بين الأب وولده .. لتذرف العيون بالدموع .. لنري بأن الحسد يُعمي القلوب .
فيحسدون أخاهم على رؤياه الجميلة التى يراها فى منامه .. فلا يوجد حدود للحسد .. كيف لا وقد قال الأب لإبنه :” يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ” فعجباً للحاسد : لا يعترض على الموهوب فى ذاته بل يعترض على الواهب جل جلاله .
فلنري معاً : ما الذى يستفيده الحساد من حسدهم ؟ أخوة يوسف لما حسدوه هموا بقتله ليكسبوا ود أبيهم ويكونوا هما الصلحاء .. قال تعالى :” اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ ” ومن العبر التى استوقفتني فى سورة يوسف بأن الحاسد يستبعد أى صلة تعاطف تربطه بالمحسود .
فكانوا يتكلمون عن يوسف وأخاه ولم يقولوا أخانا .
قال تعالى :” اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا ” ” لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا ” ” يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ ” والحال تغير مع أخيهم الآخر الذين لم يحسدوه كحسدهم ليوسف فذكروه بأخانا .. ” يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ” فالحسد مرض قاتل بلا سكين ويحرق بلا وقود ويغرق بلا بحور .
فلو يملك الحاسد منع الهواء من المحسود لمنعه ، قال الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم :” إياكم والحسد ، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ” فصحة الجسد فى قلة الحسد .. قال الله تعالى :” وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ ” فاللهم أصلح لنا نفوسنا ، وجنبنا آفاتها .
اللهم اجعلنا أفقر خلقك إليك ، واجعلنا اللهم أغنى خلقك بك . اللهم اجعلنا أذل خلقك لك ، واجعلنا اللهم أعز خلقك بك اللهم ابطل أثر عين أصابت رزقاً فأمسكته .. واصابت جسداً فأمرضته .. وأصابت قلباً فأحزنته ..