بقلم / ماجدة سيدهم
مُر من هنا ياسيد .. فمازالت الطرق لدينا غير مدونة في قائمة التعريف ..
مُر من هنا ياسيد .. فالأطفال هنا يقفون حفاة بعدما خلت أصابعهم من الإشارة ..مختزل الضحك على شفاههم ..والأيدي عارية من التصفيق ..
مُر من هنا ياسيد ..حيث الشجرات بحقولنا لاتعرف أي ثمر ولا تشير إلى مواسم تبشر بالمجيء ..النخلات ارتفعت حتى وصلت إلى رأسها ولم تجد ظلا أو حلوا في العراجين ..فالنخلات المستقيمة لا تثير روح الرسامين بخدش اللون ..لذا يرسمونها مائلة فوق حكايا البيوت ..يحركونها كي تسكب في ثغر النهر كل الأسرار .. بينما تطيع بخجل أمسيات القمر الفاهم والمشرف من أعلى بأناشيد حياكة الضوء رغم عتمة الأحراش ..
مُر من هنا ياسيد ..أطرق البوابات ..فهنا لايوجد غناء .. والعاصفة تمرح بملابسنا المتهرئة .. وما تبقى معلقا بأجسادنا لازال ينمو فوق أوردة مولعة بالغناء والقدوم السعيد ..
مُر من هنا ياسيد ..ف سامريات الظهيرة تكسرت جرار أحلامهن خوفا ..وتبعثر في المضاجع جوع المجدليات عشقا للتقدير … وعلى موائد الولاة شغل الطاعون كل الأمكنة ..وطبول الحرب تلهو باللحم الأخضر ..
مُر من هنا ياسيد..فحتى الآن ماصار الماء خمرا ..والخبزات ما أشبعت جوع الطريق .. فيما راح الكهنة ينصبون في الزوايا فخاخ الخرافة والنبوءات المجعدة من عتمة الضمير …..
مُر من هنا ياسيد..فالمدينة التى نقطنها مطعون خصرها بالجذام ..كتبها ..موسيقاتها .. مسارحها .. كهنتها. غوانيها .حكامها . .لصوصها .. شرفها ..كله مطعون بالجذام ..العنب رديء هذا الموسم والخمر مغشوش على بطاقات مزيفة بالاستقامة .. ..
مُر من هنا ياسيد ..فقد سرقنا السعفات رغم عيون الرقباء المحشوة بالفضول والعمى..نصنع صعودا من آبار الموت الجاف ونجدل حصتنا من الحلم المهم ..
نحن وحدنا بسطاء الحي.. رغم تآكل النهار بخريطتنا وضمور أطراف القصيدة لكن مازلنا نحلم …لازلنا نجدل اليقين على أوتار وتلويحات تتنافس على الرجاء كل صباح ..تشير إليك « مُر من هنا ياسيد..من هنا الطريق إلينا … اضحك ياسيد.. ففي المدن المنتحرة نجيد زراعة التطلع والرقص على مسرة سعفات النخيل ..”
مختوم بكفوفنا إسمك ..وبأوجاع الاختناق منقوش وجهك المؤكد ..فنحن المطوبون رغم التآكل ..ماعاد يرهبنا الفناء ..ببساطة لأننا رغم التآكل نحن الحياة هكذا سعفات المدن التعبى . تشير لجموع الأرصفة من أين يسلك السؤال الحائر ليعرفوا الطريق إلى أورشليم ..!