ومرت أيام العيد , وبلغني أن أحد أقربائي وهو خالي العزيز مريض , وكان أعز الناس لدى بعد المرحومة أمي ؛ لأنه كان يصل رحمه , ويسال علينا باستمرار ورغم كبر سنه كان يتقدم هو لكي يسلم علينا عندما نقف لكي نسلم عليه , وكان يدعونا دائما لتناول الطعام معه .
لأنه كان كريما في كل شيء معي ومع كل أقربائه فذهبت إليه إلي منزله لأزوره وأرى ما به , فوجدته مريضا جدا وكان يعاني من بعض ضيق النفس , وعندما زاد المرض تم دخوله العناية المركزة , وكنت أتردد عليه بين الحين والحين للإطمئنان عليه
في أحد الأيام كان معي بعض المال لكي يتم به تجهيز أكفان . وكانت هذه الأموال من متبرعين بها , طلبت من أحد المغسلين تجهيز عدد من الأكفان وطلبت منه أن يكون الكفن على أكمل وجه . من طول وعرض الكفن وتجهيز كل ما في الكفن من الليفة للغسيل ، زيت الكافور ، القطن ، الشاش ، الصابون .
وفى هذا اليوم استلمت كفنا لكي أراه , وأتمم على ما فيه ، فأخذته مباشرة ووضعته في سيارتي ، ودخلت بيتي مع صلاة العصر ، وفجأة رن التليفون ، على الطرف الآخر أقربائي يبكون ويعلو صوتهم من البكاء لقد توفى خالي العزيز ، نزل الخبر عليّ كالصاعقة . واكملوا كلامهم هل سوف تأتى لكى تغسله ؟
قلت : نعم ,اكملوا كلامهم هل معك كفن ؟
قلت : نعم معي كفن وانا لم ارى الكفن بعد ، وايقنت في هذا الوقت أن الأكفان التي استلمتها منها كفن سوف يكون لقريبي , وأيقنت أنى في اللحظة التي هربت منها كثيرا أن أكون مغسلا رئيسيا , قد جاءت هذه اللحظة وسوف اصبح المغسل الرئيسي لقريبي العزيز
ذهبت الى المنزل وحضروا بقريبي من المستشفى وتزاحم الأهل والأقرباء لكى يلقوا النظرة الأخيرة عليه , لا تهم كورونا او غيرها لا يهم العدوى .
فإن الذى مات أعز علينا من كل شيء فلا يهم أي شيء , وتزاحم الجميع من حولى ، وأنا اقوم بالغسل , منهم من يصرخ , ومنهم الحزين , ومنهم من يبكى , والكل منهار من الحزن , قلت لهم ساعدوني لكى أتم الغسل فأنا مثلكم حزين ,
وغسلناه على اكمل وجه وتم إخراج الكفن من الكيس وكنت اراه لأول مرة , وكان كفنا كبيرا به كل شيء كما تمنيته , كل مهمات الكفن كانت موجوده به , وتم الغسل وتمت الجنازة وكانت جنازه حاشده
وهكذا اصبحت الأن مغسلا رئيسيا , ولكنى لا أتقدم إلى الغسل الا في الضرورة القصوى , وهكذا اصبحت في الجائحة الغير متوقعة مغسل كورونا . واصبحت افخر بهذا اللقب الجديد , وصار اللقب محببا الى قلبي .