كنا في أيام شهر رمضان المبارك وبدأنا مشوار الغسل وتغسيل الموتى , وبعد العشاء اتصل بي المغسل الرئيسي وقال : إن هناك حالة وفاة كورونا في إحدي المستشفيات البعيدة ,وكانت الحكومة قد طبقت حظر الانتقال من الساعة 6 مساءا ,وقال لي : بعد صلاة التراويح نكون في المستشفى للغسل , احترت كيف سوف أمر من كل هذه الكمائن التي على الطريق لكى أصل المستشفى ؟ يتجاوز عددهم الثلاثة أو الأربعة كمائن , وكانوا مشددين في منع المرور ليلا وبشدة.
ولكن ركبت سيارتي وأخذت مهمات الوقاية معي لأنها هي الدليل على التغسيل .,
ولبست الكمامة ودخلت علي أول كمين , قال لي الشرطي ممنوع المرور وأنت تكسر الحظر الأن , قلت أنا ذاهب أغسل في المستشفى ميت كورونا , فاستغرب وبُهت وبسرعه نادى على الضابط ونادى بعلو صوته. يا باشا ده رايح يغسل كورونا !
رد عليه ماذا تقول ؟ كرر الكلام عليه مرة اخرى , فرد هذه المرة بصوت قوى اتركه يمر, وحدث في الكمين الثاني والثالث ما حدث في الكمين الأول .
أما الكمين الرابع استوقفني وقال لي ارجع مرة أخرى فأنت تكسر الحظر المفروض.
قلت له يا باشا أنا ذاهب أغسل ميت كورونا في المستشفى القريب منك. بهت و
قال : أنا لم أبلغ بشيء , قلت له حضرتك تقدر تتواصل مع المستشفى , قال : لا يهم .
وما الدليل على أنك ذاهب تغسل ميت كورونا . قلت له كل مهمات الغسل معي في السيارة .
فطلب أن يرى كل مهمات الغسل , فأخرجتها كلها له وفرشتها أمامه كلها , فاستعرب ولم يقترب أكثر منى بل بعد عنى بعض الخطوات حرصا على نفسه رغم أنى أحدثه بالكمامة , وتمنى لي السلامة ورأيت في عينية التشجيع .
قلت حضرتك أنا سوف أعود مرة أخرى بعد لما أنتهى من الغسل , يا ريت لا تنسى وتوقفني مرة تانية , ويحدث معي مرة أخرى ما حدث الآن.
فقال لن يحدث مرة أخرى ما حدث , سوف تمر بدون أن يعترضك أحد , وأي كمين يعترضك أو يستوقفك خذ رقم تليفوني واتصل بي مباشرة في أي وقت , وواضح أنه في نهاية الأمر أبدى كل التعاون معي .
وتم الغسل في الحظر بالليل وعدت الى بيتي , وفعلت ما فعلته في أول مرة من التعقيم والغسيل بالماء والكلور وكأن الكلور ينجينا ولا ينجينا إلا الله , لأنى عرفت من ابنى أن الكمامة السوداء التي لبستها في أول حاله غسل , لا تمنع الفيروسات تماما.
كنت بالنهار وفى وقت الفراغ أجهز الافطار لأن زوجتي كانت عند أخيها لظروف قهريه أصابته , أو أسعى إلى بعض الاعمال الخيرية في نهار رمضان .
وكنت أحس بالعطش والإجهاد نتيجة الصيام والجو الحار , ولكن لأول مرة يتحول التعب إلي الاحساس بالراحة والعطاء والاستعداد لبذل المزيد والمزيد من الجهد والكفاح .