مختار محمود
عندما تصادف تصريحًا مقروءًا أو متلفزًا للسيد محافظ الجيزة أحمد راشد، لا يمكنك إلا أن تفعل أحد أمرين: إما أن تلطم على خديك كالولايا والنساء الثكالى، فيظنك مَن حولك مجنونًا أو مسحورًا، وإما أن تكون أهدأ أعصابًا، فتضرب كفًا بكف، وتردد سرًا أو علنًا حديثًا قدسيًا مشهورًا يقول: “وعزتي وجلالي لأرزقن من لا حيلة له حتى يتعجب أصحاب الحيل”.
محافظ الجيزة هو معدوم الحيلة بلا شك، لا يملك سَمت المسؤول الكبير، ولا مقومات المنصب الرفيع، يجبرك تارة على الإشفاق عليه، وتارات على الغضب منه، ولكنك في الأحوال لن تتعاطف معه، ولن تتجاوز عن زلاته وسقطاته وأخطائه، حتى لو كنت مؤمنًا بأنه يقترفها عن جهل أو حُسن نية! محافظ الجيزة، بإجماع الأئمة المتقدمين والمتأخرين واللاحقين، ليس الرجل المناسب في المكان المناسب، حتى لو سلمنا بتغييب هذه القاعدة في معظم المناصب الرفيعة بالهيكل الإداري في مصر؛ لأنك لن تجد سببًا وجيهًا واحدًا، يقنعك بأن هذا الرجل يستحق أن يكون عُمدة في قرية لا يسكنها أحد، أو رئيسًا لحيٍّ مهجور من قاطنيه.
محافظ الجيزة رجل رضي عن فشله، ورضي عنه فشله، ويريد بسذاجة أن يجبر مَن حوله على التصفيق لهذا الفشل الذريع، والإخفاق المريب في إدارة جميع ملفات محافظة الجيزة المنكوبة به قبل أقل من عامين، حيث تمكن من وضعها على قائمة أكثر المحافظات عشوائية وتراجعًا وتدنيًا على جميع المستويات والخدمات.
محافظ الجيزة يستحيل أن تضبطه يحقق إنجازًا واحدًا يُشار له بالبنان في قرية أو حيٍّ أو مدينة، يُشعرك بأنه يكره النجاح، وينفر من الإنجاز، ويجعلك تؤمن إيمانًا قاطعًا بأنه أتى إلى محافظة الجيزة؛ ليواصل نكسات مَن سبقوه، ويكرر إخفاقاتهم.
الجيزة محافظة منكوبة بمحافظيها بلا شك، وفي عهد المحافظ الحالي تضاعفت نكبتها، وتبين للقاصي والداني أنها سوف تبقى في القاع والدرك الأسفل حتى إشعار آخر، أو يتولى أمرها محافظ يعرف قدرها، أيهما أقرب.
الجيزة محافظة أثرية وحضارية بامتياز، وهي من أقدم المحافظات المصرية على الإطلاق، ولا أظن محافظ الجيزة اطلع على جانب من تاريخها العريق ومجدها التليد، ولا أعتقد أن من هواياته القراءة والاطلاع والمعرفة، تصريحاته وحواراته ومداخلاته وتعقيباته وتعليقاته تؤكد ذلك.
في مداخلته التليفزيونية الأخيرة التي تناولت مشاكل منطقة “حدائق الأهرام”، المتاخمة للمتحف المصري الكبير، والمُطلة على أهرامات الجيزة، أثبت المذكور أنه معزول عن الواقع، لا يجيد حديثًا، ولا يكاد يبين، ولا يمسك بزمام الموضوع الذي تم استدعاؤه من أجل الحديث عنه، ولا يملك الحد الأدنى من المعلومات عنه، ويكفي ادعاؤه الساذج بأن كباري المشاة الثلاثة التي يتم تشييدها أمام بوابات الحدائق تتكلف 150 مليون جنيه، بواقع 50 مليونًا للكوبري الواحد، وهو ما يؤكد أن الرجل خارج نطاق الخدمة ويهرف بما لا يعرف، ويكفي أن أكثر من 50 % من المخالفات بالحدائق من الارتفاعات المخالفة وسرطان المحال والمتاجر والتكاتك قد تمت في العصر غير الميمون لهذا المحافظ.
والمثير للبؤس في الأمر أن محافظ الجيزة يرفض توجيه النقد له، ويعتبر نفسه فوق أي تقييم، وأنه محافظ استثنائي، بل إنه يستغل نفوذه وعلاقاته القديمة، في إرهاب من يُحاربون إهماله و يقاومون عشوائيته، سواء في “حدائق الأهرام”، أو غيرها من القرى والأحياء التي يضربها الإهمال وتقتلها العشوائية..
معالي المحافظ..حضرتك فاشل بامتياز في الاضطلاع بمهام منصبك!