د.ماجد عزت إسرائيل
رحلت عن عالمنا الفاني الدكتورة فينيس كامل جودة وترجع أصولها إلى أسرة قبطية صعيدية ،كان والدها يعمل محاسباً بوزارة الدفاع المصرية، وله خمسة بنات يدرسن بكلية الاقتصاد المنزلى والفنون الجميلة، وأبناً يعمل مهندساً، وكان من بين البنات فينيس التي ولدت في 7 أكتوبر1934، وأتمت التعليم الابتدائي بإحدى المدارس القبطية الخاصة بحي الزيتون، ثم انتقلت في المرحلتين الإعدادية والبكالوريا (الثانوية العامة) إلى مدرسة الأميرة فريـال بمصر الجديدة. ثم بعد تخرجها من المرحلة الثانوية التحقت بجامعة عين شمس وتخـــرجت في قسم الكمياء من ذات الجامعة عام 1956م، وحصلت على درجاتى الماجستير1959م، ثم الدكتوراه في عام 1963م، من نفس الجامعة، وتتلمذت علي أيدي الدكتور “ماخــو” مؤسس قســـم الكيمياء الكهربية التـــطبيقية بالمركز، والذي أشـــرف عليهـا في رسالتي الماجستير والدكتوراه، واستفادت كثيرا من خبراته، وخصوصا في علم المـــعادن لأنهـا كانت مهتمة بالتزين بالذهـــب والفضة فـــأرادت توسيع معلوماتها حول الاختلافات بين المعادن وبعضها،وواصلت دراسته حتى حصلت على درجـة الدكــتوراه في العلـوم من إنجلترا،
على أية حال، بعد رحلة الدراسة الطويلة تم تعينها بدرجة مساعد باحث بالمـــركز القومي للبحوث، وترقيتها حتى وصلت إلى لقب “أستـــاذ “ورئيساً لقسم الكيمياء الطبيعية. وقد كرمها ثلاثـة من رؤسـاء مصر، بدايـة من الـرئيس الراحل جمـــال عبدالناصر (1956-1970م) ،والـــرئيس الراحل محمد أنـور السـادات ( 1970-1981م)، والرئيس الراحل محمد حسنى مبــــارك (1981-2011م)،وتولت في عهد الأخير كأول وزيـــرة للبحث العلمى (1993-1997م) فى مصر.
وخلال فترة توليها وزارة البحث العـــلمي قدمت الكثير من المشروعات العلمية منها تحسين سياسة البحث العـــلمي والتكنولوجيا، ووضعت الاستراتيجية القـــومية للهــندسة الوراثيــــة والتكنولوجيا الحيوية،وكما أنها عقـــدت اتفاقيات مع دول أجنـــبية من أجـــل تطويرالتكنولوجــــيا،وهي أول من فكــــرت في مشروع إنشاء المتحف القومي للعــــلوم والتكنولوجيا بالتعاون مع منظمة اليونســـكو، وساهــــمت في وضع مخطـــطات لإنشاء الحضانات التكنولوجية.
والدكتورة فينيس كامل جودة واحــدة من العالمات القبطيات المميزات في العالم العربي والعالمي ومصر ليس لكونها كانت أول وزيرة بحــث علمي في مصر، وكرمت محـلياً ودولـــياً ومثلت مصر في المجلس الدولي للتاكل(1974-2009م) ، حصلت على درع المعهد الكويتي للأبحاث عام 1986م، واختيرت ضمن عشرة سيــدات من منظمة العالم الثالث للمرأة في العـــلوم على مستوى الدول النامية، كرائدات في مجال العلوم والتكنولوجيا.
أما حياة الدكتورة فينيس كامل جودة العائلة فهى متزوجه من من أستاذها الدكتور رءوف شاكر ميخائيل ورزقها الله ببنتان هما “ليلي” وهى باحثه في كلية الطب بالولايات المتحدة الأمريكية،والمهندسة “شرين”، ولديها خمس حفيدات، وطوال حياتها كانت تقـدم أفكارها ودراساتها للجامعات المصرية من أجل تقدم مصر بين الأمم علمياً. وظلت تعطي لمصرنا الحبيبة حتى رحلت عن عالمنا الفاني في 22 مارس 2021م.
وقد نعنت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية اليوم الاثنين( ١٣ برمهات ١٧٣٧ش/ ٢٢ مارس ٢٠٢١ م). وعلى رأسها صاحب القدسة البابا تواضروس الثاني الدكتورة فينيس كامل جودة .وقد ورد بنعي الكنيسة القبطية قائلاً:”تنعي الكنيسة القبطية المصرية الأرثوذكسية وعلى رأسها قداسة البابا تواضروس الثاني الأستاذة الدكتورة فينيس كامل جودة الأستاذ المتفرغ بالمركز القومي للبحوث ووزير البحث العلمي الأسبق التي غادرت عالمنا بعد حياة حافلة بالإنجازات العلمية والمهنية المشرفة، كان من بينها حصولها على براءتي اختراع، إلى جانب العديد من الجهود المتميزة في مجال تخصصها، مما أهلها للحصول على جائزة الدولة أربعة مرات، كان آخرها من الرئيس عبد الفتاح السيسي في عيد العلم عام ٢٠١٧ حيث منحها أيضًا وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى. كما تميزت على المستوى الدولي فكانت أول سيدة مصرية يتم منحها درجة الدكتوراه في العلوم من الجمعية الملكية فى إنجلترا. وتم اختيارها ضمن ١٠ سيدات من منظمة العالم الثالث للمرأة في العلوم على مستوى الدول النامية كرائدة في مجال العلوم والتكنولوجيا.نطلب لنفسها البارة النياح والراحة في فردوس الأبرار، ولأسرتها وجميع أحبائها العزاء السمائي. كما نعزي أكاديمية البحث العلمي وكافة المؤسسات التي عملت معها طوال مسيرتها في فقدان إحدى الرائدات المتميزات”.