مختار محمود
قواسم مشتركة عديدة تجمع بين الفنانة الثلاثينية “روبي”، وبين وزير الأوقاف الخمسيني، أبرزها: أنهما من محافظة واحدة، وأنهما يخاطبان الجمهور بشكل مباشر وبأسلوب واحد، حتى لو اختلف المحتوى وتباين المضمون، كما يهتمان بمنصات التواصل الاجتماعي والترويج لأعمالهما ومنتجاتهما المختلفة، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا تتفوق بضاعة “روبي” رقميًا وتأثيرًا على بضاعة معالي الوزير الذي لا ينكر جهده ودأبه وإخلاصه لنفسه سوى المُرجفين في المدينة؟! رغم احتكار وزير الأوقاف لخطبة الجمعة والمناسبات الدينية والسياسية المختلفة وبسط نفوذه على الصحافة والإذاعة والتليفزيون، من خلال سيف المعز وذهبه وسمنه وعسله، إلا إن ذلك لم يشفع له احتكار الرأى العام وإخضاعه وإقناعه، بعكس “روبي” التي تتعامل بمنطق: “الممنوع مرغوب”، أو قاعدة: “شوق ولا تدوق”، بدليل أنها تعود للغناء بعد 14 عامًا من الغياب، ما جعل الجمهور في حالة اشتياق وترقب وانتظار على أحر من الجمر، ولو انتهج الوزير منهج “روبي”، ورشَّد ظهوره، وخطب الجمعة مرة واحدة كل 14 عامًا، لأقبل الناس عليه من كل فج عميق، واستمعوا له وأنصتوا، ولن يزهدوه ويعرضوا عنه ويسخروا منه كما يحدث الآن، ولأصبح “في حتة تانية”، تماشيًا مع اسم أغنية “روبي” الأخيرة التي حققت رقمًا قياسيًا منذ طرحها على “يوتيوب”، مقارنة بخطب الوزير التى لا تتجاوز عشرات المشاهدات! هناك سبب آخر يمنح “روبي” التفوق على وزير الأوقاف، يتلخص في أن الأولى تستشير مَن حولها وتستمع لهم بإنصات، حتى تتمكن من تقديم محتوى فني جاذب ومثير، بعكس معالي الوزير الذي لا يستحسن رأي أحد غيره، ويعتبر رأيه صوابًا لا يحتمل الخطأ، ورأي غيره خطأ لا يحتمل الصواب، وربما لو منح الوزير ثقته فيمن حوله، مثلما تفعل “روبي”، داخل الوزارة وخارجها، لاختلفت النتيجة جذريًا، ولأصبح مسموعًا ومرغوبًا ومطلوبًا.
أي نعم.. روبي ومعالى الوزير يقدمان بشكل أو بآخر محتوى “مثيرًا” و”غرائزيًا”، ولكن تبقى الفنانة الاستعراضية المعروفة تاريخيًا بـ “مطربة العجلة” أكثر ذكاء وحنكة وخبرة وإتقانًا لتسويق بضاعتها، ولو تنازل معالي الوزير عن بعض من كبريائه واستدعى الفنانة إلى مكتبه؛ ليتعلم منها ما لا يزال يجهله، لكان خيرًا له وأقوم سبيلاً.