امتلأت الصحف والكتب والابحاث الغربية بمصطلح غريب يتم التوسع في استعماله السنين الاخيرة اسمه “اليسارية الاسلاموية”.المصطلح غريب ، ونهج اطلاقه غير مسبوق في تاريخ المصطلحات العلمية في العلوم الانسانية، فليس هناك تيار على الارض اسمه كذلك، ولا شيء بين البينين في صفوف الاسلاميين ولا صفوف اليساريين ولو من ضفة معادية مثلا يقترب من هذا المعنى، ليس هناك تيار سماه نفسه او سماه خصومة او يجوز عليه التوصيف في هذا الاتجاه، بل ان ابسط باحث علوم انسانية يعرف “الخناقة الكبرى” الدائرة بين التيارين الاسلامسياسي واليساري في منطقتنا والتي استعر اوراها بعد الربيع العربي ، بل ان اقصى درجة طرفية في اليسار لاتزيد في اختلافها عن الجسم اليساري العربي التقليدي في اعتبار “الاسلام السياسي” يمين ديني او ديمقراطية محافظة -نعم- لكن لايجب التعامل معها بالخيار الامني ، ولا ان يكون العراك معها مبرر لقبول فاشيات بوليسية او عسكرية.
باختصار مصطلح “اليسارية الاسلاموية” اختراع امني غربي ، لم تنحته حتى مستودعات الفكر اليمينة الرصينة ، وانما اخترعته المراصد اليمينة الغربية المبتذلة امثال “جلوبال ووتش ” و”جهاد ووتش”، و مواقع “دانيا بايبس ” ، وقررت هذه المراصد تشريبه للقراء في الغرب والشرق لوصم المعادين للسياسات العدوانية الاسرائيلية والسياسات العدوانية العسكرية الاميركية في العراق وافغانستان ، والرافضين للاسلاموفوبيا والعنصرية ضد المهاجرين به.
المصطلح بدأ خجولا بعد معركة ناحوم تشومسكي مع اليسار الاميركي حيث انهم بمعادة الاميركانية (طريقة الحياة الاميركية ) وليس معاداة الامبريالية ، وتسلل في كتب من نوع “بن لادن البرنامج التدميري للغرب” لجين بيلوييه ، او “المعاداة لليهيودية “ل بيير اندريه توجيت ، والآن يعود بقوة بعد معارك ترامب.
الكارثة وفي ظل اجواء استعظام كل مايقول الخواجة، قد تجد المصطلح قد عرف طريقه لمجتمعاتنا ، وربما في اعلى الاروقة البحثية ، بل لربما وجد المصطلح مفلسفين ومبررين له ، ولحظتها سنكون تعدينا نظرية “خطاب المنتصر ” الى “قبول افتكاساته وخزعبلاته.