الأحد , ديسمبر 22 2024
Hany Sabry
هاني صبري

المسيحية لا تؤمن ب “القدر”، حتمية الخلاص بالمسيح

هاني صبري

اعتاد الأستاذ / رجائي عطية علي الحديث عن أمور تخص المسيحية وفيها مفاهيم غير صحيحة ولا نعلم أن كان ذلك ناجماً عن عدم معرفة بالكتاب المقدس وتعاليم المسيحية ام ماذا ؟! ، ناهيك عن أنها أمور محل اختلاف بين المسيحية والإسلام، ويقوم باجتزاء بعض من كلمات عباس محمود العقاد وآخرين لمحاولة النيل من المسيحية وهذا الأمر يثير غضب وحفيظة الكثيرين وقد يحدث صراعات نحن في غني عنها.

حيث ورد في مقاله تحت عنوان “الجبر والإختيار في المسيحية والإسلام” المنشور في موقع صحيفة الشروق أنه تحدث عن وراثة الخطية من آدم ، وعن القدر وأمور أخري سوف تناول بعضها علي النحو التالي:- ففي معرض حديثه ذكر كلمة ( القدر ) مرتين عند حديثه عن المسيحية.

إن التعابير الشائعة بشأن “القضاء والقدر” هي مفاهيم تتناقض مع النظرة المسيحية للوجود لأنها تنفي حرية الإنسان، وتطفئ الرجاء وتجعل الكون محكومًا من القدر بدل أن يكون خليقة حرة ترعاها العناية الإلهية ، ولا تؤمن المسيحية بالقضاء والقدر نهائياً. الكتاب المقدس يعلمنا أن الإنسان مخلوق ولديه القدرة على القيام بخيارات أخلاقية وأنه مسؤول عن إختياراته هذه ، ولم يكن سقوط الإنسان حدث محدد مسبقاً، حيث إن آدم وحواء لم يكونا ضحايا لا حول لهم لإله يحركهم مثل العرائس. بل بالعكس، كان لدى آدم وزوجته القدرة على إختيار الطاعة (مع البركة المصاحبة لها) أو العصيان (مع تبعاته). لقد عرفا ما ستكون عليه نتيجة قرارهما، وبالتالي كانا مسؤولين عنه كما هو ثابت في( سفر التكوين الإصحاح الثالث).

ويستمر موضوع المسئولية عن القرارات في باقي الكتاب المقدس. “الزَّارِعُ إِثْماً يَحْصُدُ بَلِيَّةً…” (أمثال 22:. “فِي كُلِّ تَعَبٍ مَنْفَعَةٌ وَكَلاَمُ الشَّفَتَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَى الْفَقْرِ” (أمثال 14: 23). “…أَفَتُرِيدُ أَنْ لاَ تَخَافَ السُّلْطَانَ؟ افْعَلِ الصَّلاَحَ فَيَكُونَ لَكَ مَدْحٌ مِنْهُ” (رومية 13: 3). نحن نخطيء لأننا نختار ذلك. لا نستطيع أن نلوم “القدر” أو القسمة أو المصير أو الله.

تقول رسالة يعقوب 1: 13-14 “لاَ يَقُلْ أَحَدٌ إِذَا جُرِّبَ إِنِّي أُجَرَّبُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ، لأَنَّ اللَّهَ غَيْرُ مُجَرَّبٍ بِالشُّرُورِ وَهُوَ لاَ يُجَرِّبُ أَحَداً. وَلَكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُجَرَّبُ إِذَا انْجَذَبَ وَانْخَدَعَ مِنْ شَهْوَتِهِ”. ومن المثير للإهتمام أن الكثيرين الذين يختارون الخطية يغضبون من تبعاتها السلبية.

“حَمَاقَةُ الرَّجُلِ تُعَوِّجُ طَرِيقَهُ وَعَلَى الرَّبِّ يَحْنَقُ قَلْبُهُ” (أمثال 19: 3). وتقدم هذه الآية توضيحاً رائعاً.

فقد يصر الإنسان على إلقاء اللوم على الله، أو “القدر”، حتى عندما يفسد حياته بسبب حماقته.

وهو بهذا يصر على الإستمرار في حماقته.

وحتى لا نقع في الخطأ نقول أنه ليست لنا السلطة النهائية على مصائرنا. الله وحده له السيادة الكاملة.

ويسمى سلطانه “التدبير أو العناية الإلهية”.

لقد إختار أن يمنحنا إرادة حرة، وخلق عالماً أخلاقياً يطبق فيه قانون السبب والنتيجة. ولكن الله وحده هو الإله، ولا توجد “صدفة أو أخطاء” في الكون. كما يعلمنا الكتاب المقدس أن الله هو المتحكم.

وفي نفس الوقت، أعطانا الحرية لكي نطيعه أو نعصاه، وتوجد أمور يحققها الله إستجابة للصلاة فقط ( رسالة يعقوب 4: 2). الله لديه خطة رائعة لحياتنا ، تتضمن فرحنا ومجده في هذا العالم وفي العالم الآتي. الذين قبلوا المسيح مخلصاً قبلوا خطة الله (انجيل يوحنا 14: 6). ومن تلك اللحظة، يتبعون خطة الله خطوة بخطوة لما فيه خيرهم، مصلين أن تتم مشيئته الصالحة والمرضية والكاملة في حياتهم.

إما عن وراثة الخطية من آدم . الكتاب المقدس تناول هذه القضية في مواضع كثيرة ولكنكم ذكرت رسالة بولس الرسول إلي أهل رومية في معرض حديثكم في مقالكم. سوف نذكر بعض آيات من رسالة رومية حَيْث تحدث الوحي المقدس عن وراثة الخطية في آدم في رسالة بولس الرسول إلي أهل رومية ( 5 : 12).

“مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ، وَهكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ”. وفِي نفس الإصحاح من رسالة بولس الرسول إلي أهل رومية ( 5 :21) حَتَّى كَمَا مَلَكَتِ الْخَطِيَّةُ فِي الْمَوْتِ، هكَذَا تَمْلِكُ النِّعْمَةُ بِالْبِرِّ، لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ، بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا”.

حيث إن خطية آدم هي الخطية الأصيلة التي تشرح لنا كيفية العلاج.

أن الكتاب المقدس لم يقل أننا هنحاسب علي خطية آدم، وليس معني خطية آدم إضافة خطيته علينا، لكن الكتاب المقدس يقول أننا مولودين بالخطية نعم ونحاسب علي خطايانا الجميع أخطا ويحتاج للخلاص.

ففي مزمور ( 51 : 5) “هأَنَذَا بِالإِثْمِ صُوِّرْتُ، وَبِالْخَطِيَّةِ حَبِلَتْ بِي أُمِّي”. في اشعياء ( 48 : 8 ) فَإِنِّي عَلِمْتُ أَنَّكَ تَغْدُرُ غَدْرًا، وَمِنَ الْبَطْنِ سُمِّيتَ عَاصِيًا. وجاء في رسالة بولس الرسول إلي أهل رومية الإصحاح الثالث والإعداد ( 9-10) وكأنه ممثل الإدعاء في المحكمة.

“لأَنَّنَا قَدْ شَكَوْنَا أَنَّ الْيَهُودَ وَالْيُونَانِيِّينَ أَجْمَعِينَ تَحْتَ الْخَطِيَّةِ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «أَنَّهُ لَيْسَ بَارٌّ وَلاَ وَاحِدٌ”. وفِي نفس الإصحاح وعدد ( 23) “إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ”.

كما سبق أن ذكر الوحي المقدس أيضاً في الإصحاح الاول والثاني من نفس الرسالة أن اليهود والأمم مولودين بالخطية يحتاجوا إلي الفداء. ثم بعد ذلك يأتي الخبر السار في نفس أصحاح والإعداد التي تليه ( 24، 25) وهو يعتبر صك البراءة لأن الرحمة والعدل تلقيا في المسيح. 24 مُتَبَرِّرِينَ مَجَّانًا بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، 25 الَّذِي قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ، لإِظْهَارِ بِرِّهِ، مِنْ أَجْلِ الصَّفْحِ عَنِ الْخَطَايَا السَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ اللهِ. لم يكن هناك وسيلة لخلاص الإنسان بدون إيفاء حق العدل الإلهي القاضى بموت الإنسان لأن أجرة الخطية الموت لذلك أخذ المسيح جسداً “أخلى نفسه أخذاً صورة عبد صائراً في شبه الناس وإذ وجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب” وبعدها قام بذاته وهذا هو وسيلة الخلاص. كما دخل الموت إلي جميع الناس في آدم لأن الجميع أخطاوا ، فالحياة والتبرير والفداء بالمسيح.

فإذا لم يقبل الله البدلية في وراثة الإنسان لخطية أدم، لن يقبل البدلية في فداء المسيح عن الخطايا التي ارتكبها العالم. وهنا نود أن نشير بأن إنجيل يوحنا الإصحاح الثالث يوضح لنا أمرين هامين هما:-

١- ينبغي أن نولد في فوق ويكون لنا طبيعة جديدة في الرب يسوع.

٢- ينبغي أن يرفع أبن الإنسان، الرب يسوع قدم نفسه فداءاً عن خطايانا وقام في اليوم الثالث لكي يكون لنا حياة أبدية معه ..

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.