مختار محمود
الحنجلة في مصر أسلوب حياة، والحلنجية يعرفون من أين تُؤكل الكتف، وكيف يحققون أطماعهم بأقصر طريق وأقل تكلفة دون عمل أو اجتهاد أو إخلاص، وقديمًا قالوا في الأمثال: “ميتحنجلش علي الطبلية إلا الصحن العِوج”، ولكم في وزير الأوقاف الحالي الذي استثمر حنجلته ليصبح عميد الوزراء المصريين، والدكتور مصطفى الفقى الذي ضجت منه موائد مصر والسعودية، العبرة والعظة والدرس! في مقاله الخامس عن أزمات الإعلام في مصر..ينحت أستاذ الإذاعة والتليفزيون بجامعة القاهرة الدكتور أيمن منصور ندا، تفسيرًا واقعيًا وعصريًا ملهمًا لمصطلحي “الحنجلة” و”الحلنجي” ومفهوميهما، فكتب لا فُض فوه: “الحنجلة.. نمط من أنماط الفهلوة، والحَلَنْجي.. شخص يدَّعي كلَّ شيء؛ يدَّعي المعرفة ومعرفته سطحية ، ويدَّعى المثالية وقدماه غائصتان في الطين، ويدَّعي الحكمة وهي منه براء”، مردفًا: “لا تجد الحَلَنْجي زاهدًا في الكلام في أي مجلس؛ الكلام بضاعته، والصوت العالي طريقته، والتأثير من خلال وسائل الإقناع اللغوية هو أسلوبه”.
يُعدد الأستاذ الجامعي بعضًا من صفات “الحلنجي” قائلاً: “يُضحي بالجميع من أجل مصلحته الشخصية، يؤمن بمقولة “جوبلز”: اكذب .. اكذب.. حتى يعتقد الناس أنَّك صادق، المنصب لدي الحلنجي ضمانة أساسية للتحرك، وللاستمرار، والحلنجي يحب المظاهر، ويستغرق فيها..وقد تكون الحنجلة أداة تعويض، وأسلوب تعبير عن نقص، وكلُّ ذي عاهة جبار دائماً في حنجلته”.
الحنجلة ليست نمطًا في الوسط الإعلامي فقط، والحلنجية ليسوا من يعملون في الإعلام فحسب، يا دكتور أيمن، ولكن لا تكاد مؤسسة حكومية أو خاصة في مصر تخلو منهما، حيث يتقافز الحلنجية على أكتاف المخلصين والمتقنين والنابهين، ليستأثروا بكل شيء لنفوسهم الأمارة بالسوء وذواتهم المتورمة، يتوهمون أنهم المنقذون، ومن دونهم لن تبحر السفينة ولن يتحرك الركب، ولن تشرق الشمس من مشرقها ولن تغرب من مغربها، ولن تبقى الجبال الرواسي في مكانها.
وإذا تحكم الحلنجية في وطن دمروه، وإذا دخلوا مؤسسة أو شركة أفسدوها وأحالوها خرابًا. في زمن الحنجلة لا تسأل عن قيم، ولا تتحدث عن مباديء ولا تبكِ على أخلاق، كل شيء مباح ومتاح؛ حيث لا دين ولا ضمير ولا عيب ولا حرام..ولا حتى مكروه، ولا شعار سوى المصلحة الشحصية، ولا نظرية سوى نظرية: “أنا ومن بعدي الطوفان”!